معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: قراءات لمخالفات بالجملة في الانتخابات السورية

حسناء بو حرفوش

نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ملخصاً لقراءات مستشارين وخبراء خلال المنتدى السياسي الافتراضي الذي عقده المعهد في 21 أيار وبحث في التداعيات قصيرة وطويلة الأمد للانتخابات الرئاسية في سوريا وتأثيرها على مستقبل سوريا وشركائها الإيرانيين والروس بالإضافة إلى خيارات السياسة التركية والعربية المجاورة والأمريكية والأوروبية. وفي ما يأتي ترجمة لبعض ما ورد في الملخص الذي أعده كالفن وايلدر حول المنتدى.

ولاية الأسد الرابعة ثمرة ثغرة دستورية

أكد فلاديمير بران، الخبير بقسم الشرق الأوسط في المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية، خلال المنتدى على عدم مصداقية الانتخابات السورية، مشيراً إلى أن العديد من المراقبين يدركون أن الانتخابات لا تكتسب مصداقية بالنظر إلى البيئة الحالية في سوريا. ومع ذلك، فإن علامات استفهام ستطرح أيضاً حول مصداقيتها حتى ولو كانت البيئة سلمية لأسباب أقل وضوحاً لبعض المراقبين. وربط بران بين إصلاح هذه المسألة وتقييم عوامل عدة منها الدستور والقوانين الانتخابية والإطار التنظيمي وإدارة الانتخابات وقواعد الترشح والحملات الانتخابية، بالإضافة إلى إمكانية تنفيذ كل هذا عمليًا. وتزداد التعقيدات مع استحالة إجراء إصلاح انتخابي شامل بدون إصلاح دستوري، في ظل سنّ مجموعة من التدابير الإضافية من المراسيم الرئاسية إلى التشريعات البرلمانية والأحكام القضائية خارج الإطار الدستوري لتقويض إمكانية إجراء انتخابات حرة ونزيهة.

تضاف إلى ذلك، الحرب المستمرة التي تجاهلت العملية الانتخابية وجودها على ما يبدو، وغياب إطار يحدد الحقوق الانتخابية للنازحين داخلياً وعملية التصويت للاجئين الذين يزيد عددهم عن 5 ملايين عدا عن السوريين المقيمين في الخارج. وفي مخالفات إضافية، يترشح الأسد لولاية رابعة في ظل نظام يقصر الحكم على فترتين، مستغلًا ثغرة دستورية أنشأها. وتدار الانتخابات من قبل مجلس الإدارة الذي عينه وتبرز المحكمة الدستورية العليا، التي اختار الأسد أعضاءها، بصفتها السلطة الأساسية للفصل في أي نزاع، عدا عن تعيين مسؤولي الانتخابات المحليين من قبل المحافظين الذين يختارهم الأسد. وسطّر بران التلاعب الهيكلي المتعمد وغياب الشفافية لناحية تدريب مسؤولي الانتخابات أو تسجيل الناخبين بالإضافة إلى القيود الأخرى على ترشح المنافسين والتي تشترط عدا عن السجل الخالي من الجنايات والإقرارات الخمسة والثلاثين من أعضاء البرلمان، الإقامة في سوريا لعشر سنوات على الأقل، وبالتالي استبعاد المقيمين خارج البلاد. ونتيجة لذلك، لم يُسمح سوى لثلاثة من أصل 51 مرشحا بالمشاركة.

بدورها، أشارت الخبيرة هانا روبرتس التي تعمل مع المؤسسة الدولية للأنظمة الانتخابية، إلى غياب المصداقية في اقتراع المغتربين السوريين على مستوى التصميم والتنفيذ، وإلى القضايا اللوجستية التي يثيرها اقتصار التصويت على السفارات التي تديرها الحكومة السورية وافتقار العديد من الدول لسفارة سورية وامتلاك قلة فقط من اللاجئين جواز سفر ساري المفعول مع ختم خروج سوري يخولهم بالمشاركة كناخبين مؤهلين. تضاف إلى ذلك قائمة من المشاكل المرتبطة بعدم الأمان وخصوصية العملية وغياب مراقبة مستقلة أو تغطية إعلامية أو حتى وسيلة لتقديم الشكاوى. ومن ضمن المخالفات أيضاً، إعلان عدد قليل من السفارات عن المواعيد النهائية للتسجيل أو مواعيد التصويت وإجبار العديد من الأفراد على التسجيل والتصويت، والكلام عن منح البعض العفو مقابل التصويت واكتشاف أشخاص يصوتون في مواقع مختلفة، بدون بطاقات هوية وبدون استخدام الحبر للحيلولة دون تكرار التصويت وتخزين بطاقات الاقتراع بطريقة غير آمنة، وما إلى ذلك. وختمت روبرتس بأن هذه الانتخابات هي زائفة باختصار وغير مناسبة للغرض.

حملة انتخابية من أجل شرعية دولية

وسلط الباحث السياسي في منظمة “إتانا” (Etana) الفاعلة مدنياً، وائل سواح الضوء على اتحاد المعارضة داخل وخارج سوريا ضد هذه المسرحية الانتخابية وتعرض السوريين المقيمين في الخارج للترهيب ولضغوط شديدة للتصويت. وأوضح أن نظام الأسد حاول إضفاء طابع غربي على الحملة الانتخابية هذا العام من خلال استخدام المزيد من اللوحات الإعلانية والشعارات الملونة والمقابلات التلفزيونية والميزات المماثلة. وعلل هذا التغير في الحملات بأن النظام كان يستهدف الشعب السوري في الماضي، ويسعى لإقناعه بأنه هو من “يختار” الأسد بشكل ما. لكن الحملات الإعلانية تهدف هذا العام لإقناع العالم الخارجي وتحقيق الشرعية على مستوى الساحة الدولية.

وشددت زهرة البرازي المختصة في القانون الدولي والتي تشارك بإدارة برنامج التطوير القانوني السوري، على أن الانتخابات صورية، داعية لانخراط المجتمع الدولي ولمشاركة الأمم المتحدة في الإشراف في أي انتخابات قادمة في العام 2028 على سبيل المثال، لضمان المصداقية وتأمين مشاركة غير المقيمين. كما رأى اميل حكيم الباحث في شؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن تعنت الأسد وعدم تقديمه تنازلاً واحداً حتى يعيق جهود جامعة الدول العربية، لافتاً إلى تركيز الحكومات العربية على إعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية والمشاريع الأقل إثارة للجدل من أجل تطوير وجودها في سوريا.

أخيراً، في تحليل إيما بيلز المستشارة في المعهد الأوروبي للسلام، دعوة لمتابعة وضع اللاجئين السوريين وضمناً في لبنان. أما بالنسبة لآفاق الانتخابات المستقبلية، رأت بيلز أن دمشق لم تكلف نفسها عناء ادعاء إجراء انتخابات حرة ونزيهة هذه المرة، ولا يجب التعامل مع موعد الانتخابات المقبلة بحسب ما ينص عليه الدستور السوري، على أنه تاريخ ثابت بل يمكن تصميم إطار لانتخابات ذات مصداقية تماشيا مع القرار 2254 دون الحاجة إلى انتظار سبع سنوات.

 

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً