إعطاء الثقة للحكومة ممكن في الأيام الـ10 الأخيرة؟

محمد شمس الدين

حكومة… لا حكومة… 10 أيام متبقية من عهد رئيس الجمهورية ميشال عون ولا يزال البلد من دون حكومة قائمة، تارة ترتفع حظوظ التأليف ثم لا تلبث أن تتفجر فجأة، بغض النظر عمن يتحمل مسؤولية التعطيل. اليوم يدور نقاش دستوري في البلد، هل يمكن لمجلس النواب إعطاء الحكومة الثقة في الأيام العشرة الأخيرة؟

الأستاذ الجامعي والخبير الدستوري عادل يمين أوضح في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “المجلس النيابي طالما استعمل حقه بتوجيه الدعوة لانعقاد جلسة من أجل انتخاب رئيس للجمهورية عملاً بالمادة 72 من الدستور، قبل شهرين على الأقل وشهر على الأكثر من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي، فذلك يعني أنه لم يعد بإمكان البرلمان الانعقاد حكماً قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، فالمادة 72 تشترط الانعقاد الحكمي في اليوم العاشر الذي يسبق انتهاء الولاية من قبل البرلمان، عندما يكون رئيسه تلكأ عن توجيه الدعوة، وفوق ذلك الانعقاد الحكمي محصور باليوم العاشر الذي يسبق انتهاء الولاية، ولا يشمل كامل الأيام العشرة. إضافة إلى ذلك، إن الصفة الانتخابية للمجلس النيابي تنحصر بالجلسة المخصصة للانتخاب الرئاسي عملاً بالمادة 75 من الدستور، التي تنص على أن المجلس الملتئم لانتخاب رئيس للجمهورية يعتبر هيئة ناخبة، لا اشتراعية، وبناء على كل ما تقدم فليس ما يمنع المجلس النيابي اطلاقاً، قبل نهاية ولاية الرئيس الحالي أن ينعقد من أجل التشريع، أو إعطاء الثقة للحكومة، بما فيه الأيام العشرة الأخيرة، بل انه يمكن للمجلس عقد جلسة ثقة للحكومة حتى بعد انتهاء ولاية الرئيس عون، في حال صدرت مراسيم تشكيل الحكومة ووضعت بيانها الوزاري، ويكون الرئيس قد وقع على مراسيمها”.

يتفق أستاذ القانون الدستوري في الجامعة اللبنانية حسين عبيد مع يمين في ما قاله، مشيراً في حديث لـ “لبنان الكبير” الى أن “مجلس النواب يكون هيئة ناخبة في الجلسة المخصصة لانتخاب الرئيس، ولا يوجد مانع أن يدعو رئيس المجلس إلى جلسة تشريعية بعدها أو قبلها، ولو أن رئيس المجلس لم يدعُ إلى ثلاث جلسات وفق المدة المحددة، لكان يمكن القول ساعتئذ إن المجلس يصبح هيئة ناخبة بدون دعوة من رئيسه، وبذلك يكون المجلس سيد نفسه، ويحق له التشريع أو منح الحكومة الثقة، وفي حال وقع الرئيس عون مراسيم تشكيل الحكومة، فلا مانع من أن تعقد جلسة الثقة حتى بعد انتهاء ولايته”.

أما لجهة تسلم الحكومة صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال الفراغ الرئاسي، فقال يمين: “ان المادة 62 من الدستور تنص على أنه في حال شغور سدة الرئاسة لأي علة كانت، تناط صلاحيات رئيس الجمهورية بمجلس الوزراء وكالة، والنص هنا واضح، مجلس الوزراء وليس الحكومة من يتولى الصلاحية بالوكالة، وكلنا يعلم أن مجلس الوزراء من النادر جداً أن ينعقد في ظل وجود حكومة مستقيلة أو معتبرة مستقيلة، وربما اقتصر انعقاده على مرتين في ظل حكومة كهذه، منذ اتفاق الطائف، وكانت اجتماعات ذات طبيعة استثنائية عملاً بأحكام الفقرة 12 من المادة 53 من الدستور، فإن من يدعو الى اجتماعات استثنائية لمجلس الوزراء عندما يرى ضرورة لذلك، هو رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحكومة، خلافاً للاجتماعات الدورية التي يعقدها مجلس الوزراء أسبوعياً بناء على دعوة منفردة من رئيس الحكومة، فإذا كانت سدة الرئاسة شاغرة، لا يوجد مرجع دستوري مختص لتوجيه الدعوة الى عقد مجلس الوزراء بصورة استثنائية، فضلاً عن أن المادة 64 من الدستور، تحصر صلاحيات الحكومة المستقيلة أو المعتبرة مستقيلة، بتصريف الأعمال، وذلك بالمعنى الضيق لصلاحياتها هي، فكيف يمكن أن تتولى صلاحيات مرجع دستوري آخر؟ ناهيك عن أن مبدأ توازن السلطات يمنع بطبيعة الحال وجود حكومة تكون خارج رقابة البرلمان، أو رقابة رئيس الجمهورية بسبب الشغور، وهذا يعني أنه في حال انتهت ولاية الرئيس ميشال عون، ولم تشكل حكومة وتنال ثقة البرلمان، تكتفي حكومة الرئيس ميقاتي بتصريف الأعمال في ما يتعلق بصلاحياتها، ومن دون أن تمد يدها على صلاحيات رئيس الجمهورية، أو تقوم بأي عمل يحتاج إلى توقيع الرئيس”.

اما عبيد فأكد أن “لا فراغ في الدستور، ووفق المادة 62 منه، تتولى الحكومة السلطة التنفيذية بكامل صلاحياتها، إلا أن هناك نقاشاً في البلد، إذا كان يحق للحكومة الانعقاد، أو تكتفي بتصريف الأعمال. هناك رأي يقول لا يحق لها الانعقاد، وهو الرأي الغالب، والرأي الآخر يقول انه يحق لها الانعقاد واتخاذ القرارات، لاسيما في الحالات الضرورية والمصيرية وفي الحالات الاستثنائية والطارئة”.

ورأى أن البلد قادم على أزمة دستورية، متخوفاً من استقصاد “التيار الوطني الحر” افتعال أزمات دستورية والمزيد من المشكلات، لأنه لا يحبذ الفراغ في الرئاسة الأولى.

الأزمة الدستورية هي اللعنة التي ترافق هذا البلد كلما اختلفت القوى السياسية بين بعضها البعض، كل طرف يفسر الدستور وفق أهوائه وأجنداته، ومستعد أن يحرق البلد من أجل مصلحته، علماً أنه وفق إجماع غالبية الدستوريين في تاريخ لبنان، فان روحية الدستور تمقت الفراغ، وتدعو الى استمرارية عمل السلطة.

شارك المقال