روكز لـ”لبنان الكبير”: جبهة للإنقاذ من التدهور

هيام طوق
هيام طوق

صحيح أن “انتفاضة 17 تشرين” بدلت في مزاج الشعب اللبناني الذي بات رهينة اليأس والإحباط، لكن الأكيد أيضاً أن وقعها كان أشد على الساحة المسيحية، التي كانت منقسمة بشكل اساسي بين جهتين: حزب “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” الذي قدم نفسه على أنه “الأقوى مسيحيّاً” ويمثل سبعين في المئة من المسيحيّين منذ العام 2005.
اليوم تبدل المشهد، ولم يعد بإمكان التيار العوني القول إنه الأقوى مسيحياً، خصوصاً بعد الانشقاقات القيادية في صفوفه. حتى ولو اسقطنا من الحسابات استطلاعات الرأي التي تتحدث عن تراجع كبير في صفوفه، فإن جولة في المناطق والاحياء المسيحية تظهر مدى تبدل المزاج المسيحي الذي تأثر كثيراً بانفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي.
بعض المراقبين في البيئة المسيحية يؤكدون أن الشارع المسيحي لم يعد مقسوماً بين فريقين أساسيين، بل سيكون هناك أكثر من حركة أو لقاء أو جبهة معارضة. أولاً، لأن عدداً كبيراً من مناصري “التيار” لم يعد عندهم ثقة بتصريحات رئيس التيار النائب جبران باسيل، الذي لا يترك فرصة إلا ويتحدث فيها عن الدفاع عن “حقوق المسيحيين” الذين يعيشون أسوأ مرحلة في تاريخهم الحديث، وبالتالي تحول شعاره إلى غطاء لفشله في إدارة دفة الحكم في العهد القوي والتستر على فضائح الفساد الذي استشرى في السنوات الأخيرة. وثانياً، لأن الضفة “القواتية” التي تبدو أكثر تماسكاً وانسجاماً مع طروحاتها لم تستفد من جمهور “التيار” المنشق، إلا أن شعبيتها لم تتراجع خصوصاً وأنها مؤيدة لطروحات البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الذي بات الاقرب إلى الشباب المسيحي، وطروحاته تتلاقى مع طموحاتهم حتى أصبحت بكركي ملجأ لكثير من المسيحيين الذين يرغبون في السير قدماً نحو بلد يكون على قدر آمالهم. وثالثاً، لأن رئيس حزب “الكتائب اللبنانية” النائب المستقيل سامي الجميل لم يتمكن من تحقيق شعبية كبرى رغم مواقفه “الثورية”.
باب جبهات المعارضة المسيحية يبدو مفتوحاً على مصراعيه، وسط أحاديث عن قيام حلف بين النواب المستقيلين الذين يعقدون اللقاءات في ما بينهم، لمحاولة تشكيل جبهة معارضة، لكن حتى الساعة لا شيء تبلور في هذا الإطار. كما أن “صهر العهد” النائب المنشق شامل روكز الذي أسس تجمع “لقاء لبنان وطني”، يعقد خلوات مع قياديين سابقين في “التيار” لمناقشة خطة العمل للمرحلة المقبلة. كل ذلك يدل إلى أن انتخابات 2022 ستشكل مفاجآت على الساحة المسيحية.

وفي هذا الاطار تحدث موقع “لبنان الكبير” مع شامل روكز الذي اعتبر أن الوقت باكر للتحدث عن الانتخابات النيابية المقبلة، وما إذا كان سيخوض هذا الاستحقاق بلائحة يشكلها من العونيين السابقين أو أنه سيتحالف مع جهات أخرى، لكن على ما يبدو انه سيخوض المعركة ضد السلطة، لأنه شدد أكثر من مرة في حديثه على أن المسؤولية كبيرة على الناخبين لتغيير النواب الذين أوصلوهم إلى هذا الانهيار.
وأكد روكز أن “الهدف ليس زيادة عدد الجبهات بل محاولة العمل على معالجة المشكلات التي أوصلت البلد إلى هذا الحد من التدهور”.
وقال: “لا بحث دقيقاً حتى الآن في التحالفات الانتخابية المقبلة لكننا نحضر لنكون جاهزين، وسنتواصل مع الناس من خلال برنامج عمل. وعلى الناس أن تختار بين البرامج وبين مسار وآخر وبين تاريخ وآخر، وبالتالي فإن المسؤولية الكبرى في المرحلة المقبلة تقع على الشعب الذي سيختار نوابه، وقد رأوا إلى أين أوصلهم النواب الذين صوتوا لهم سابقا، لذلك يجب الاختيار بدقة وكل ناخب يتحمل مسؤولية خياراته مع الأمل أن تجري الانتخابات وفق قانون يجسد التمثيل الصحيح لإرادة الشعب”.
وشدد على أن “لا مشكلة في التعاون مع النواب المستقيلين. وإذا كانت مصلحة البلد تقتضي التعاون فلن نتردد، وأنا منفتح للتعاطي معهم وبكل إيجابية. لكن حتى الآن لا تنسيق بيننا ولا أعرف أين أصبحت الجبهة التي يشكلونها”.
ورأى أن “العمل السياسي لا يتوقف عند الانتخابات بل هو مسار طويل خاصة في الأزمة التي نعيشها، إذ من المفروض أن يكون لدينا رؤية وطروحات لمستقبل أفضل للبلد. وعلى الرغم من أن الأزمات كبيرة لكنني متفائل إذا استطعنا وضع القطار على السكة، لأن بلدنا صغير وإمكانياتنا البشرية كبيرة، لكن كل شيء رهن الرؤية السياسية الواضحة، إذ لا حل لأي مشكلة قبل الحل السياسي”.
وأشار إلى “أننا في لبنان نطمح للدخول في المنظومة الدولية والتعاون مع المؤسسات الدولية الداعمة للبنان، لأننا امام خيارين: إما الخروج من المنظومة الدولية والتخبط بمشكلاتنا، أو التفاهم مع هذه المنظومة لمساعدتنا وانقاذ البلد من أزماته”.

وعن تواصله مع السفارة الأميركية التي تدعم مبادئه، لفت إلى أن “التواصل قائم على الصعيدين السياسي والعسكري، إذ إن الولايات المتحدة الأميركية هي الداعم الأساسي للجيش اللبناني. ونحن نتعاطى مع الدول الداعمة من منطلق المساعدة والاستفادة وليس من منطلق ما يريدون منا”.
وتحدث روكز عن مؤتمر سيعقد في 11 و12 حزيران المقبل، يتناول الثغرات في الدستور اللبناني واللامركزية الإدارية الموسعة، والاستراتيجية الدفاعية والسياسة الخارجية والاقتصادية والأزمة النقدية والمالية والشؤون الصحية والتربوية، حيث إن مناقشة هذه المواضيع ستشكل خارطة طريق للعمل المستقبلي لإنقاذ البلد”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً