مرشح الرئاسة بلا برنامج واضح

محمد شمس الدين

رئاسة الجمهورية مسؤولية كبيرة، في أي نظام حكم كانت، برلماني رئاسي، شبه رئاسي… إلخ. وعادة المرشح لمنصب الرئاسة يطرح برنامجه الرئاسي وخطط عمله، كي يجذب المنتخبين لصالحه، إلا أن هذا الأمر في لبنان نادراً ما يحصل، فرؤساء الجمهورية فيه وصلوا إلى الرئاسة وفق تسويات محلية وإقليمية، لا وفق برنامج محدد، ينتخب النواب على أساسه. واليوم بعد كل ما حل بالبلد، الأمر نفسه يتكرر، فليس من مرشح جدي لرئاسة الجمهورية يطرح برنامجاً واضحاً، الأمر كله من منطلق النكد السياسي، بانتظار التسوية الكبرى.

إذا بحثنا في ترشيح النائب ميشال معوض، نسمع عناوين عريضة، ولكن من دون تفاصيل وبرنامج لتحقيقها، بل ان العناوين التي يطرحها سياسية لا إصلاحية. فالسيادة هي عنوان برنامج معوض، مطعم ببعض المصطلحات كفصل القضاء عن السياسة، والعودة إلى الدستور، إضافة إلى إعادة ربط لبنان بالعالم العربي، ولكنها عناوين رنانة، فهو لم يضع رؤية حقيقية للوصول إلى هذه الأمور، بل انه تناسى الوضع الاقتصادي، وركز على السيادة وحصر السلاح بيد الدولة، وحتى لو كان هذا مطلب جزء كبير من اللبنانيين، إلا أنه لا يكفي في هذه الأيام، بعد كل ما حل بالبلد منذ ثلاثة أعوام.

كذلك، لم نرَ جولات لمعوض على الكتل النيابية، وإن كان يريد استثناء “حزب الله”، كموقف مبدئي بالنسبة اليه، إلا أنه حتى لم يزر الرئيس نبيه بري وقيادة حركة “أمل”، كما لم يقم بزيارة جاره في البلدة نفسها، رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، حتى لو كان مرشحاً منافساً له، فربما كان أقنعه بتبنيه وفقاً لمشروعه، والمنطق يقول بوجوب أن يقوم بزيارة الكتل، وهو حتى الآن لم يجتمع بأي تكتل في البلد فعلياً ولم يطرح مشروعه الانتخابي.

إن سئل من يتبنون ترشيح معوض عن سبب ترشيحهم له، فالجواب يكون دائماً: “نحن نعرفه، ونعرف من هو والده، كما أنه سيادي”، ولكن أين المشاريع التي تهم البلد؟ فهل يأكل الشعب السيادة؟ أم يداوي نفسه بالتاريخ؟ أم يضيء منازله بـ “حصر السلاح”؟ نعم، السيادة والتاريخ مهمان، وحصر السلاح بيد الدولة مطلب جزء كبير من اللبنانيين، إلا أنها شعارات لا تفيد، فالشعب اليوم يريد رئيساً يقول لهم انه سيعمل على تغيير تصنيف البلد الاقتصادي من قبل المؤسسات العالمية، رئيس يعمل من أجل تحقيق الأمن الاجتماعي والغذائي والصحي، رئيس يضمن لهم أنه سيؤمن أدنى مقومات العيش الكريم فقط.

الخوف الأكبر في لبنان هو من تكرار تجربة ميشال عون، ولا يهم انتماء الرئيس المقبل بل أداؤه، فأي رئيس يتقاتل مع أكثر من نصف البلد، لا يمكن أن يكون عهده مزدهراً، انما سيؤدي إلى مزيد من التدهور. أي رئيس يلعب بتوازنات البلد، سيتسبب بخراب مدمر. لا يمكن لأي رئيس جمهورية إلا أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، وأن لا يأخذ طرفاً في صراع المحاور في البلد، ولا حتى في الاقليم، يستقبل ممثلي “حزب الله” كما ممثلي “القوات”، بل حتى ممثلي “التيار الوطني الحر”، يزور السعودية كما إيران، صديق لأميركا وودود مع روسيا، وأهم من ذلك كله، يجب أن يكون ذا برنامج اقتصادي واضح، ينتشل لبنان من قعر الجحيم، الذي تسبب به عهد ميشال عون، القوي على شعبه فقط.

شارك المقال