انتخابات افتاء البقاع: مُرشحان في رأس القائمة والباب مفتوح!

راما الجراح

بعد مرور أكثر من سنة على رحيل مفتي زحلة والبقاع الشيخ خليل الميس، وخمس سنوات على رحيل مفتي راشيا الشيخ أحمد اللدن، قرر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان دعوة الهيئات الناخبة الى إختيار مفتٍ محلي لدار إفتاء زحلة والبقاع الغربي، وآخر لإفتاء راشيا لتبدأ لعبة التنافس على هذين المنصبين، والتي على الأرجح لن تكون حادة لأن الأسماء المطروحة حتى اليوم غير مستفزة لأي طرف، ولا شك في أن من حقها ممارسة جو المنافسة في الانتخابات لملء هذا الشغور.

وحدد المفتي دريان تاريخ ١٨ كانون الأول المقبل موعداً لانتخابات الافتاء في البقاع وراشيا، وفي حال لم يكتمل النصاب في الجلسة الأولى تعقد الجلسة الثانية في الموعد نفسه بمن حضر. ويبلغ عدد الهيئة الناخبة ما يقارب ٥٦ ناخباً موزعين بين الهيئتين التشريعية والتنفيذية، أعضاء المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى، مدرسـي الفتوى وشيوخ القراء، القضاة الشرعيين العاملين، اللجنة القائمة بمهام المجلس الاداري، رئيس دائرة أوقاف البقاع، الأئمة المنفردين العاملين المثبتين والمتعاقدين والمكلفين، القضاة المسلمين السنيين العدليين والإداريين والماليين العاملين وأعضاء المجلس الدستوري وموظفي الفئات الأولى في الادارات العامة، رؤساء وأعضاء المجلس البلدي من المسلمين السنة في قضاء البقاع الغربي والأوسط.

الحشيمي: ضرورة استنهاض الطائفة السنية

وأكد النائب بلال الحشيمي عبر موقع “لبنان الكبير” أن “إنتخابات الإفتاء في البقاع مطلوبة في الوقت الحاضر لأن مراكزنا لم تعد تحتمل أن تبقى شاغره، ولنساهم في تعزيز دور المؤسسات بصورة كبيرة، ليعطي الجو التكاملي بين المرجعية السياسية والمرجعية الدينية. وجميعنا يعلم أن مفتي راشيا الشيخ الراحل أحمد اللدن رحمه الله لا يزال المركز من بعده شاغراً منذ خمس سنوات، وكذلك الأمر بالنسبة الى مفتي زحلة والبقاع خليل الميس رحمه الله الذي توفى منذ سنة ونصف السنة ولم تحصل أي إنتخابات إفتاء حتى اليوم. كل هذه الشواغر تقف عائقاً أمامنا في كثير من الأمور، ولا نستطيع أن نشتكي للآخر عن ضرورة تعبئة المواقع المحسوبة علينا فيما المواقع التي يمكننا تعبئتها بأنفسنا لا نزال عاجزين عنها، لذلك هذا القرار حكيم وهذا الجو يعطينا أملاً بضرورة استنهاض الطائفة السنية ومن ناحية الشرعية الدينية الموجودة عند سماحة المفتي”.

“كنتُ من المطالبين دائماً بضرورة القيام بهذه الانتخابات، وتحدثتُ مع المفتي عبداللطيف دريان في هذا الخصوص مرات عدة” بحسب ما قال الحشيمي الذي رأى أن “المرجعية السياسية وحدها لا تكفي وتحتاج الى أن تتكامل مع المرجعية الدينية لتقوية طائفتنا، ونحتاج إلى شخصية قوية ونزيهة، وتتمتع بالأمانة والإخلاص لذلك. وللصراحة كل شخص له طريقته في العمل، وطريقة المفتي الميس كانت مميزة جداً، فاعلة وعملية، ومن سيخلفه لا شك في أنه ستكون له طريقته الخاصة وشخصيته في التعاطي مع الأمور، ولكن هناك شروط يجب أن تنطبق على المفتي يجب أن يتمتع بها لينجح في عمله”.

وعن الأسماء المطروحة لمركز الإفتاء، قال: “يبدو أن المرشحين حتى الآن هما الشيخ علي الغزاوي والقاضي طالب جمعة، وأعتقد أن الاثنين لهما ميزات معينة، ومعروفان بالنزاهة والاخلاص في العمل، ومحبوبان من الجميع، وفي النهاية المسألة إنتخابية وليست تكليفاً، وندعو الله أن يأتي بمن فيه خير لهذه الأمة، فنحن نحتاج الى شخص يستطيع إدارة الأمور خصوصاً في هذا الوضع المزري، ووضع الطائفة السنية الصعب، ولا شك في أن إنتخابات الافتاء في البقاع نقطة قوة كبيرة للطائفة، وسنكون إلى جانب المفتي الذي سيُنتخب قريباً، وسنعمل معه على توحيد الرؤية وتطوير العمل المؤسساتي والديني”.

عبد الفتاح: الانتخابات رافعة لتحسين الوضع المتأزم

اما الدكتور خالد عبد الفتاح فقال: “صحيح أن مركز الافتاء في زحلة وراشيا شغر مؤخراً، ولكن هذا الشغور لا يختص بهذه المنطقة وحسب، بل كان افتاء عكار شاغراً لمدة عشر سنوات، ولا بُد من التنويه بأن قرار سماحة مفتي الجمهورية جريء، متقدم، وشجاع، وصاحب السماحة انتظر الفرصة المناسبة لاجراء إنتخابات لا تُسبب شرخاً داخل الجسم الديني ومع الجهات السياسية. ولا يوجد أي ارتباط بين إنتخابات الإفتاء وتحديد موعدها بعد نهاية هذا العهد، لأن لا سلطة للرئيس ميشال عون على دار الفتوى بوجه من الوجوه”.

وأوضح أن “مفتي زحلة والبقاع حدود مسؤوليته البقاع الغربي والأوسط وزحلة، والنائب الأسبق ناظم القادري فصل راشيا عن افتاء البقاع، وكان يُعد لفصل البقاع الغربي عن الأوسط بحيث يكون مفتٍ لكل قضاء ولكن عاجله الأجل. وهناك أكثر من وجهة نظر داخل دار الفتوى هل يكون لكل قضاء مفتٍ، أو تجمع المحافظات على مفتٍ واحد؟ طبعاً لكل قرار حسنات، ولكن هناك مفتٍ لراشيا وآخر للغربي والأوسط، والأمر اللافت للنظر أن البقاع الغربي وراشيا في الانتخابات النيابية دائرة واحدة وزحلة دائرة أخرى، بينما في الافتاء زحلة والغربي دائرة، وراشيا دائرة أخرى. وسماحة مفتي الجمهورية اتخذ قراراً بضرورة إجراء الانتخابات لملء مراكز المفتين في ٦ دوائر هي: مرجعيون حاصبيا، راشيا، البقاع الغربي والأوسط، بعلبك الهرمل، طرابلس وعكار، بينما بقي جبل لبنان يشغله المفتي الشيخ محمد علي الجوزو ولم تُدعَ الهيئة الناخبة الى انتخاب مفتٍ في صيدا وفي صور، لأسباب نحن لا نعلمها”.

وبالنسبة الى موضوع الأسماء المطروحة للإفتاء، أعرب عبد الفتاح عن اعتقاده أنه “لا يمكن للشيخ محمد عبد الرحمن الذي نجل ونحترم، والقاضي عبد الرحمن شرقية الذي نجل ونحترم، بحسب القانون خوض هذه الانتخابات لأنه حسب ما سُرّب أن من شروط الترشح أن يكون عمره أقل من ٦٤ سنة، وكلاهما تجاوزا هذا بارك الله في عمريهما. أما بالنسبة الى الأسماء الأخرى، فلا يمكننا تحديد أشخاص معينين، وأي شيخ يملك المؤهلات العلمية يمكن أن يتقدم للترشح الى هذه الانتخابات، والشيخ علي الغزاوي اسمه مطروح نتيجة تسلمه مركز رئيس مؤسسة الأزهر، والشيخ طالب جمعة أيضاً، وهناك أسماء أخرى مطروحة في أكثر من مكان وهذا الموضوع لا يمكن البحث فيه إلا بعد إقفال باب الترشيحات، ويمكن أن يتقدم إلى هذا المنصب من ٦ إلى ٨ مرشحين”.

أضاف: “طلبنا اليوم (أمس) قائمة شروط الترشح في أوقاف البقاع، وأخبرونا أنهم لا يملكونها وهي في بيروت وستصل في الأيام المقبلة، وأظن من حيث الشكل لا مانع في ذلك، ولكن أثناء التدقيق بطلبات الترشيح قد يستبعد من ليس من أبناء الدائرة، لأنه لا ينتخب إلا من كان منهم، والهيئة الناخبة في البقاع الأوسط والغربي ستكون من أبناء البقاع أي المنطقة نفسها، والأمر نفسه ينسحب أيضاً على المفتي”. واعتبر أن “من الطبيعي أن نلحظ خلافات على منصب الإفتاء، ولكنها بالتأكيد لن تؤدي إلى شرخ ولن تسبب حقداً أو مشكلات، وإنما هناك تنافس ودي ومن حق كل مَن يرى نفسه أهلاً لهذا المنصب أن يتقدم، وسيسعى كل شخص إلى إستمالة أكبر عدد من الهيئة الناخبة وهذا حقه أن يُبدي مؤهلاته وقدرته على أن يلعب دوراً مهماً في هذا الظرف بالتحديد، والذي يحتاجه أهل السنة بصورة قوية شرط أن لا يطعن بغيره، ولا أتوقع أن تكون هناك خلافات تخرج عن السيطرة”.

وشدد على أن “دار الفتوى بحاجة ماسة إلى ضخ دمٍ جديد في شرايينها، كما أن هذه المؤسسة الأعرق على مستوى الوطن بحاجة إلى ترشيقها، وأن يكون المفتون فيها يحملون قضايا الوطن والناس وأهل السنة والجماعة. ولا يخفى على أحد أن أهل السنة اليوم في معاناة كبيرة والجميع يتكلم عنها، ويجب أن تتضافر الجهود عند الأشخاص الدينيين والسياسيين، ويعقد مؤتمر يجمع كل القيادات السنية لحمل مسؤوليتهم أمام الله وأمام التاريخ، ويمكن أن تشكل إنتخابات الإفتاء رافعة مهمة جداً لتحسين الوضع المتأزم الذي تعيشه هذه الطائفة”.

شارك المقال