عرسال ترحب بمغادرة أولى قوافل النازحين أراضيها

آية المصري
آية المصري

بعد مدة طويلة من المباحثات التي أجرتها السلطات اللبنانية حول عودة النازحين السوريين الى ديارهم، وما رافقها من اشكالات، وكجزء أخير من مسلسل الانجازات الوهمية لميشال عون قبل نهاية ولايته، بدأت المرحلة الأولى من العودة الطوعية، التي كان لمنطقة عرسال البقاعية الحصة الأكبر منها عبر قافلة ضمت ما يقارب 300 أسرة غادرت الى بلادها.

وبين عنواني العودة الطوعية أو القسرية اختلف اللبنانيون، بحيث أكد المسؤولون وتحديداً المقربون والتابعون لـ “التيار الوطني الحر” ومحور الممانعة أن هذه العودة ستكون آمنة وطوعية خصوصاً وأنه جرى التفاهم مع النظام السوري وحصلوا على ضمانات معينة تؤكد ذلك. وفي المقابل رفضت جهات كثيرة تسمية العودة بالطوعية، معتبرةً أنه جرى الضغط على النازحين الذين هربوا من وحشية النظام السوري، وأن من مات على أيدي النظام لا يمكن أن لا يحاسب لاسيما وأن العودة ستكون الى المناطق الخاضعة لسيطرته.

فهل فعلاً هذه العودة قسرية وماذا عن تفاصيلها؟ وكيف يصف العرسالي الوضع بعد خروج مخيم بأكمله في أول قافلة توجهت الى سوريا؟ وهل مرحب بهذه العودة؟

تهمنا العودة الآمنة

“حوالي 300 أسرة غادرت أراضينا، وهناك قسم منها دخل الى لبنان بآلياته وسياراته الخاصة وغادر بالطريقة نفسها”، بحسب ما أوضحت مصادر عرسالية مطلعة على الملف لموقع “لبنان الكبير”، مشددة على أن “ما يهمنا العودة الآمنة للسوريين لأننا نراعي الشرعية الدولية وحقوق الانسان وكل هذه المسائل، والمديرية العامة للأمن العام تعمل وفق هذه الآلية ووفق القوانين ولا أحد يعود الى دياره بالقوة وبصورة قسرية”.

وأشارت هذه المصادر الى “أننا كمجتمع محلي يهمنا جداً أن ينخفض عدد النازحين واللاجئين لكثير من الاعتبارات وأهمها الضغط الممارس على البنى التحتية الضعيفة لدينا، وعندما قامت اليونيسف منذ فترة بخفض نسبة المياه عند النازحين عشنا أزمة خانقة يصعب وصفها لأننا لا نملك شبكة صرف صحي ولا معمل تكرير، وخلال فصلي الشتاء والصيف نعيش كوارث عدم تنظيف الحفر وكل ما يتعلق بهذا الشق. وعند مغادرة النازحين نخفف من الضغط على البنى التحتية وبالتالي العرسالي يتنفس أيضاً لناحية العبء الآخر المتعلق بالمنافسة التجارية وبسوق العمل”.

وأكدت المصادر أن “العدد الذي كانت تقدره المنظمات الدولية ما يقارب 60 ألف سوري في عرسال، وتعدادنا السكاني بحسب التقديرات لأنه لا توجد احصاءات رسمية ما يقارب 35 ألف نسمة وهم ضعف عددنا”، لافتة الى أن “جزءاً منهم غادر خلال السنوات الأربع الماضية والأمن العام قام امس (الأول) بترحيل أول دفعة، والقسم الأكبر منهم كان متواجداً في أراضٍ مستأجرة فيها خيم وتطلق عليها تسمية مخيمات وهي غير نظامية بصورة فعلية كونها غير مرقمة ولا تشبه ما جرى عليه الحال في البقاع الغربي أو عكار، اضافة الى أن هناك قسماً منهم كان يعيش في وحدات سكنية مستأجرة”.

شرف الدين: قافلة الأسبوع المقبل أكبر

وكان وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين أوضح في وقت سابق “أننا طالبنا بالعودة الطوعية الآمنة والكريمة، وعملنا جاهدين منذ أشهر عدة مع الدولة السورية لاعطاء الضمانات اللازمة والتقديمات والتسهيلات والوعود باعادة توظيف السوري والافادة من العفو الرئاسي لأن هناك عدداً كبيراً من اللاجئين متخلف عن خدمة الجيش اضافة الى من لديه قضايا جزائية ومدنية بحقه وبحاجة الى مراجعة محاكمه. لذلك نحن في تنسيق مع السلطات السورية، وكوزارة قدمنا لائحة من 483 عائلة كمرحلة أولى وستليها الأسبوع المقبل 150 عائلة”.

وأشار الى أن “قافلة الأربعاء عادت من عرسال الى قلمون غربي، وفي المستقبل ستكون العودة الى مناطق تواجد الدولة وسيطرة النظام ولن نرسلهم الى شمال سوريا، فلنعتبر هذه القافلة تجربة ولنرَ نتائجها”، لافتاً الى أن “عدد قافلة الأسبوع المقبل سيكون أكبر من السابقة”.

وقال: “اما بالنسبة الى السوري الراغب بالبقاء في لبنان وممارسة حقه الشرعي بالعمل والعيش الكريم فليتقدم بطلب الى المديرية العامة للأمن العام وبالتالي يأخذ إقامة ويحصل على اجازة عمل ويشرع وجوده، ولا مشكلة لدينا معه”.

البني: العودة طوعية الى سوريا

في المقابل، أكد رئيس “المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية” أنور البني “الضغط على السوريين من جهات عدة أمنياً واقتصادياً ومعيشياً وأجبروا على الذهاب الى جهنم، والاحصاءات والتوثيق الذي حصل لعدد كبير ممن عادوا طوعاً الى سوريا من دول عدة تم القاء القبض عليهم وتعذيبهم وقتلوا اثر هذا التعذيب”، قائلاً: “طالما أن هذه العودة لا تتم عبر قنوات الأمم المتحدة وباشراف الصليب الأحمر الذي يتوجب عليه مواكبة وصولهم وأوضاعهم داخل البلاد، فهي قسرية حكماً”.

ولفت الى أن “كل المعابر تؤدي الى مناطق النظام وأكبر مثال أن مخيم اليرموك حتى هذه اللحظة ممنوع العودة إليه على الرغم من مضي ثلاث سنوات على سيطرة النظام عليه، وبالتالي مسؤولية حياة كل سوري يعود الى سوريا على عاتق الدول التي تعيدهم جبراً”.

مع إخلاء المخيم الأول في عرسال من أصل ما يقارب 70 ألف مخيم، هل ستستمر قافلات عودة النازحين الى بلادهم من مختلف المناطق اللبنانية أم أنها مجرد تمثيلية ستتوقف مع انتهاء عهد “الرئيس القوي” ميشال عون؟

شارك المقال