“حزب الله” مايسترو سنوات العهد العجاف

آية المصري
آية المصري

عهد صنعه وتفرد به “حزب الله” خلف الكواليس وواجهته العلنية كانت ميشال عون، “عونك اجا من الحزب”، وليس كما تقول كلمات الأغنية الأصلية، فهذا العون إستمر طيلة ست سنوات ولولا عدم التمسك بعون لما عاش لبنان فراغاً دام سنتين ونصف السنة. وتمثل الاتفاق الجوهري الذي حدث بينهما في التوافق على القضايا المصيرية والتي تتعلق بعدم التطرق الى سلاح الحزب والسماح له بالانتشار على الطرقات العامة وترسيخ نفوذه الايراني المحوري أكثر فأكثر من دون أي خجل وفي مختلف المناطق اللبنانية. أحداث عديدة عاشها الشعب في هذا العهد المشؤوم، ولولا الحزب لما استطاع عون والصهر المعجزة إستغلال هذا الشعب واستغباءه الى هذه الدرجة، بحيث ظل عون يدافع عن وجود سلاح الحزب حتى آخر رمق له في القصر الجمهوري.

ولا يمكننا تناسي المشكلات الجوهرية التي رافقت هذا العهد، فالعلاقة بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري كانت متأزمة منذ اللحظة الأولى، وتُرجمت في صالونات الأحزاب الداخلية خصوصاً بعدما وصف باسيل الرئيس بري بـ”البلطجي”، وكثيرة هي المواقف التي أثبتت أن الحزب هو الوسيط بين الطرفين. ففي الانتخابات النيابية شكل رافعة لـ “التيار الوطني الحر” ودعمه كي يبقى له النفوذ الواسع. وفي انتخابات مجلس النواب سجل فريق العهد الضربة القاسية لبري من خلال حصوله على 65 صوتاً من الدورة الأولى، وحصول النائب الياس بو صعب على 65 صوتاً أيضاً من الدورة الثانية.

تلطيشات وإبتزازات “بالقطعة” من فريق العهد لـ “الثنائي الشيعي” وترجمت عدّة مرات وتحديداً في كل ما يتعلق بالحصة الشيعية وأهمها عندما انتقد عون من داخل البطريركية حليفه الثنائي، معتبراً أنه عرقل التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت والتشكيلات القضائية، كما أنه تمرد على جدول الأعمال الذي حدده الثنائي. وكثيرة هي الملفات التي اختلفا عليها في العلن، اما في الجوهر فقد أمّن العهد كل المطلوب منه وأعطى الغطاء المسيحي الشرعي لسلاح الحزب، بل دعمه في تخريب العلاقة مع الحضن العربي وتحديداً المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وكل هذا من أجل نيل العلامة الكاملة لدى سيّده حسن نصر الله. عهد تلطخ لونه بالأحمر القاني، وأرهق الجميع. فكيف تصف الجهات المعنية مسار العهد والثنائي؟ وكيف كان التعاطي بينهما؟

الأمين: “حزب الله” قاد “الثنائي” للمرة الأولى

“هناك بعدان، البعد الاستراتيجي بحيث بات هناك تحول في الثنائي الشيعي وأصبحت الأرجحية لحزب الله الذي يقوده بالمعنى الاستراتيجي”، بحسب ما أوضح المحلل السياسي علي الأمين لموقع “لبنان الكبير”، معتبراً أن “العادة جرت أن بري من يطلق الاشارة أو الصفارة للاعلان عن اسم الرئيس، وفي ما يتعلق بفترة ميشال عون كان بعيداً كلياً عن الموضوع”.

وأشار الى أن “الرئيس عون لم يخرج قيد أنملة عن الاتفاق المرسوم في القضايا الاستراتيجية، وكان واضحاً أنه ثابت وعبّر عن ذلك في العديد من المناسبات، لا بل التزم بالسياسات التي لها علاقة بمناكفة العرب والخليج تحديداً، وكان ملتزماً بما تتطلبه سياسة حزب الله، اما الرئيس بري في هذه القضايا فهو تحت مظلة الحزب”.

أضاف الأمين: “بالنسبة الى البعد التكتيكي فهذا مسموح اللعب به لأن الرئيس عون في النهاية يمثل فئة من المسيحيين ويغطي الحزب ولا بد من أن تكون هناك مساحة للحركة لميشال عون لكن ليس الى الحد الذي يدعمه حزب الله في مواجهة نبيه بري”.

ورأى أن “الحزب استطاع تحقيق موقع اضافي جديد من خلال إدارته لهذا الخلاف والطرف الذي لعب دوراً في تقريب وجهات النظر بين الطرفين”.

وتساءل: “في الخط البياني هل الرئيس عون خرج عنه؟ وهل بدا أي تناقض في لحظة من اللحظات بين عون وحزب الله؟”، معتبراً أن “هناك صراعات مع الرئيس بري تحت سقف القضايا الداخلية وليس الأساسية، ولكن من حيث الثوابت الرئيسة بقي ثابتاً عليها لأنه يدرك أن الخصومة مع حزب الله تعريه تماماً، كما يرى أن العلاقة مع الحزب مهما كانت أكلافها تبقى أفضل وأضمن من أي علاقة أخرى. وفي نهاية المطاف عون لديه سياسته الخاصة ومصالحه ولهذه الأسباب لم ينقلب على سياسة الحزب ولم يحاول ذلك حتى، بالاضافة الى أن تصريحاته لم يكن لها أي تأثير جوهري”.

الجوهري: الحزب يغذي الكراهية تجاه بري

اما الشيخ عباس الجوهري فأكد أن “الرئيس عون استسلم لارادة حزب الله في إدارة لبنان وكل المناكفات التي كانت تحصل تحت سقف ما يريده الحزب، وصحيح أن الحزب مع الثنائي الشيعي في حالة من التفاهم أو التوحد الا أنه في البنية الاجتماعية والشعبية يغذي الكراهية للرئيس بري وحركة أمل، وبالتالي على مستوى القاعدة لا يشعرون بأمان تجاه بعضهم البعض. لذلك الحزب من جملة إدارته للأفرقاء أن لا يبقوا مرتاحين كي يسهل عليه فرض إرادته عليهم”.

ووصف العهد بأنه “عهد الاستسلام لنزاعات الحزب والسيطرة على الدولة مقابل أن يأخذ منه هذا التأييد والقوة والبلطجة، خصوصاً وأن حزب الله هو الوحيد القادر على فرض إرادته بالقوة واستفاد منها وخرب ما تبقى من البلد، والآن بخروج عون سوف يتنفس لبنان الصعداء”، مذكراً بأن “مصر عايشت سبع سنوات عجاف، اما نحن فعايشنا ثماني سنوات عجاف، وهذه الصخرة على صدور اللبنانيين سترحل”.

فياض: “حزب الله” فعل كل شيء

وتساءلت الكاتبة والأكاديمية منى فياض “في ثورة 17 تشرين من واجه الثوار وقال لهم ان العهد باق باق؟ ومن قال يمنع القيام بالانتخاب؟ ومن أفشل الثورة وقاومها بالسلاح؟ الإجابة عن كل هذه التساؤلات واحدة حزب الله فعل كل شيء”.

وأوضحت أن “الحزب قام بكل هذه الخطوات من أجل المحافظة على السلطة مجتمعة والعهد العوني خصوصاً، وما قُدم الى الحزب في عهد عون لن يحصل لأحد في أي دولة، ويستحيل أن يحلم الحزب بحدوث كل هذا مرة أخرى، ولهذا السبب بتنا مهددين بالفراغ لفترة طويلة لأن حزب الله يدرك جيداً أنه غير قادر على الاتيان بأحد مماثل لعون”.

أضافت فياض: “باسيل شو محله من الاعراب؟ صهر الرئيس ولولا دعم حزب الله وايران المباشر له، لما كانت وضعية عون ستسمح له بأن يتمرجل على اللبنانيين بهذه الطريقة، لكن الحزب بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى الى أن يكون معه شكل مسيحي مهما كان، كي يقول المسيحيون الى جانبي، ووحده باسيل سيؤمن له هذا الغطاء”.

العد التنازلي للانتهاء من هذا العهد بدأ منذ أشهر، والشعب فرح لأن عون وحاشيته باتوا خارج القصر الجمهوري، وكل عهد ونحن بخير…

شارك المقال