بين الفراغ وانتخاب رئيس… لحود ناطر عالمفرق!

راما الجراح

في ربع الساعة الأخير من “العهد القوي”، وقّع الرئيس السابق ميشال عون مرسوم إستقالة حكومة نجيب ميقاتي، ليفتح الباب على سجال سياسي ودستوري، وإبتداءً من اليوم سيبدأ التجاذب السياسي بشأن عدم تمكين حكومة تصريف الأعمال من إنجاز مهامها ومن تسلم صلاحيات رئيس الجمهورية. على أي حال، انتهى عهد ميشال عون، الذي حكم لبنان بالذل والحرمان، جوّع شعبه، ولوّع قلبه، وهجّر شبابه، وهو يعلم!.

كان عهد عون كارثياً، حصلت خلاله العديد من المشكلات الأمنية، السياسية والاقتصادية، ووقعت البلاد في أكبر أزمة اقتصادية في تاريخها، لم تعرف مثلها حتى خلال سنوات الحرب الأهلية، انهارت قيمة العملة المحلية مقابل الدولار انهياراً قياسياً، فضلاً عن الشحّ في الوقود والأدوية، وانقطاع الكهرباء بصورة شبه تامة في الآونة الأخيرة، ويبقى السؤال الأساس اليوم ماذا بعد رحيل عون؟

جابر: الفراغ ليس خطيراً

رئيس “مركز الشرق الأوسط للدراسات والأبحاث” العميد هشام جابر قال في حديث لـ “لبنان الكبير”: “لا شك في أننا دخلنا في الفراغ الرئاسي، لكنه ليس فراغاً خطيراً كما يعتقد البعض، فلبنان دخل عدة مرات في الفراغ، حتى أنه عندما كلف العماد ميشال عون في العام ١٩٨٨ برئاسة حكومة عسكرية استقال نصفها ومضى بالنصف الآخر منها، وكانت هناك حكومة ثانية برئاسة سليم الحص، وبالفعل كانت الحكومتان تُسيّران الأعمال بنوع من التوافق إلى حد ما، يعني أخطر بكثير من الوضع الذي نحن عليه اليوم. ومن جهة أخرى، حكومة نجيب ميقاتي اليوم مستقيله أساساً، وكلام الرئيس عون عن قبوله استقالتها ورمي الكرة في مرمى المجلس يعتبر هرطقة، لأنها في جميع الأحوال مستقيلة، ويقول الدستور: تعتبر الحكومة مستقيلة في حال استقالت وتم قبول استقالتها، أو في حال توفي رئيسها أو استقال لوحده، وإذا تقدم ثلث الوزراء بتقديم استقالتهم أيضاً تعتبر مستقيلة. واليوم الحكومة أساساً مستقيلة، وهي حكومة تسيير أعمال فقط ولا تستطيع القيام بصلاحيات رئيس الجمهورية”.

ورجح إحتمال إنتخاب رئيس للجمهورية كما اقترح رئيس مجلس النواب نبيه بري بعقد جلسة ولن يُنهيها حتى إنتخاب الرئيس وصعود الدخان الأبيض “وهذا ما نتمناه”، بحسب جابر الذي أكد أن “رئيس الجمهورية في لبنان لا ينتخب إلا بالتوافق، وتاريخ لبنان يشهد منذ زمن بشارة الخوري حتى اليوم أن هناك قوى إقليمية تختار الرئيس، من أيام الإنكليز ضد الفرنسي، وكان هناك النافذ العربي بحيث أن المسلمين في لبنان كانوا يسيرون برأيه إلى حد كبير، وكما نعلم أن الإنكليز كانوا يريدون بشارة الخوري، بينما فرنسا دعمت إميل إده، وكانت بيضة القبان للنافذ العربي وكان يومها الملك فاروق، وبعده كانت سوريا ثم أصبح جمال عبد الناصر هو النافذ العربي، وبعدها خرجت فرنسا من وينتخب في لبنان، كما الرئيس ميشال سليمان الذي انتخب من خلال التوافق في الدوحة”.

جوزيف عون رئيساً بتعديل دستوري

أضاف جابر: “لا يُنتخب رئيس في لبنان إلا إذا توافقت أميركا وإيران عليه، وبعد ترسيم الحدود البحرية الجميع يعلم أن إيران وافقت عليه لتعطي (credit) تحت الطاولة لأميركا وتُظهر حسن النية لها وللرئيس جو بايدن شخصياً لتسهيل الاتفاق النووي، من هنا في حال حصل هذا الاتفاق خلال شهرين ولم يكن لدينا رئيس بعد، سينتخب رئيس للجمهورية فوراً، لأنه سيصبح هناك توافق إيراني – أميركي. من ناحية أخرى، وحتى مطلع العام المقبل، ليست كارثة إذا لم ينتخب رئيس للجمهورية، ولا يمكن أن ننحدر أكثر مما انحدرنا، ولا شك في أنه يمكن أن نلحظ تطورات إجتماعية واقتصادية سيئة، ولكن لا خضات أمنية يمكن أن تحصل، حتى الجيش والقوى الأمنية في جهوزية تامة مع كامل الاحتياط اللازم لحماية مؤسسات الدولة كي لا يحصل إنهيار أمني”.

أما بالنسبة الى شخص الرئيس، فقال جابر: “لا أعتقد أن أحداً من الأسماء المطروحة سيصبح رئيساً للجمهورية، وهناك إحتمال أن يأتي قائد الجيش جوزيف عون رئيساً على الرغم من أنه ليس مرشحاً، وأتمنى ذلك، وهذا يستلزم تعديلاً دستورياً كما حصل مع ميشال سليمان، لأن موظفي الفئة الأولى يجب أن يتقدموا بإستقالتهم قبل ٦ أشهر كما هو معلوم”.

من هنا، أكدت مصادر رفيعة المستوى عبر موقع “لبنان الكبير” أن “هناك اقتراحاً يُدرس الآن في المطبخ السوري ولم يعلن عنه بعد وهو سري للغاية، وسيطرح على إيران لدرسه، وبدورها سترسله إلى أميركا، يقول انه في حال تعذر إنتخاب رئيس للجمهورية، سيطرح إسم الرئيس إميل لحود لمدة سنتين فقط، ولا شك أن أميركا لا يمكن أن تقبل به، عندها ستطرح حزمة من الخيارات، وهي إميل لحود رئيساً للجمهورية مقابل حسان دياب المقرب جداً من أميركا رئيساً لمجلس الوزراء لمدة سنتين لحلحلة أمور البلاد، وبعدها يتفق على رئيس جديد للجمهورية”.

أرسلان: الفراغ ليس طويلاً

اما السياسية والناشطة الأميرة حياة إرسلان فشددت على وجوب “إنتخاب رئيس جمهورية جديد لتنتظم أمور البلاد، واختيار شخص يتمتع بسُمعة طيبة ولا يطمع بالمصالح الشخصية، وأن يكون مستقلاً عن كل المحاور من ٨ و١٤ آذار، وإنساناً موثوقاً، ونحن في لبنان لدينا ثلة من الناس الذين يتمتعون بكل هذه الصفات وأكثر. يجب التصويب في مسار البلد، لأن الفوضى التي عاشها لبنان في السنوات الست الماضية كانت إستكمالاً للفوضى التي كانت مستشرية أساساً من خلال الفراغ الذي دام حوالي سنتين ونصف السنة حتى أصبح عون رئيساً للجمهورية. لذلك يجب تعويض كل هذه الأمور من خلال رئيس يكون على قدر المسؤولية، وأن يكون لكل لبنان وليس لفئة معينة، يتمتع ببرنامج زمني واضح وخطة مدروسة تُنفذ بكل شفافية”.

ولا تتوقع ارسلان أن يطول الفراغ، “فجميع الأطراف بمن فيهم حزب الله سياسياً وعسكرياً تغيرت موازينه وأصبح مجبراً كأمثاله من الأحزاب والكتل على إيجاد مخرج من الأزمة في البلاد وفي أقرب وقت ممكن، وبدايته انتظام العمل السياسي في لبنان من خلال انتخاب رئيس للجمهورية كأولوية”، مشيرة الى أنه “يجب أن لا ننسى الثروة الموجودة منذ عشرات السنين والتي أعلن عنها مؤخراً، فيجب أن نستفيد من هذه الفرصة وخصوصاً أن العالم (عينه علينا) ولا أحد يريد حرباً للإفادة من الثروات”.

شارك المقال