من البلطجي الحقيقي؟

محمد شمس الدين

عود على بدء… صهر الجمهورية لا يستطيع أن يرى البلد هادئاً، لذا يسعى الى أن يشعل فتنة كما تربى على يد عمه، فكل العونية السياسية قائمة على خلق العداوات، وإشعال الفتن، وإن كانت عين التينة التزمت مسار رد التهجمات مرتدية قفازات السياسة طيلة فترة العهد، كي لا تتهم بعرقلته، إلا أنها بعدما أنهى العهد نفسه بنفسه، خلعت قفازاتها، ولم تسكت على أقل تصويب، ووفق معلومات “لبنان الكبير”، لن تسكت بعد اليوم أبداً، فالعهد انتهى بسبب فشل صهره، و”الرطل بدو رطل ووقية”.

وما لم يقله بيان المعاون السياسي للرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل، الذي رد مباشرة على النائب جبران باسيل خلال مقابلته، لم تتردد قناة NBN في قوله بمقدمة نارية ضد العهد وصهره، عنونتها بـ “جبران كذوب ويستمرئ الكذب”. كل ما تقدم يوحي بأن جبران و”التيار الوطني الحر” تحررا من موقع رئاسة الجمهورية، وبدأ القصف العشوائي، وهو يشبه قصف الجنرال ميشال عون بيروت والضاحية، بقذائف حقد قتلت العشرات ودمرت المناطق، واليوم الكلام الباسيلي ستكون له ترددات على الوطن أسوأ من قذائف عمه الحاقدة.

تٌعرّف البلطجة بأنها نوع من النشاط الاجرامي يقوم من يمارسه بفرض السيطرة على فرد أو مجموعة، وإرهابهم وتخويفهم بالقوة عن طريق الاعتداء عليهم أو على آخرين والتنكيل بهم، ويستخدم باسيل هذا الوصف تجاه الرئيس بري، ولكن مهلاً، لا بد التساؤل، ألا يعتبر ما قام به عون وباسيل تجاه موقع رئاسة الحكومة بلطجة؟ وماذا عن تعطيل تشكيل الحكومات من أجل مطامع الصهر؟ ألم تحصل هذه الأمور بقوة الأمر الواقع للحاكم بأمره؟ بل انهما أرهبا الحلفاء والخصوم وابتزوهما بحروب إذا لم يوافقوا على مطالبهما التعجيزية. حسناً، أليس إطلاق يد قاضية لابتزاز حاكمية مصرف لبنان بلطجة؟ وماذا عن اعترافات النائب العوني السابق زياد أسود بـ”دفشه” من أجل شن الهجومات باللغة السوقية؟ هذا إذا لم نرد الخوض في تعطيل المشاريع والقوانين والمراسيم، من التشكيلات القضائية، إلى آلية التعيينات، وحتى مجلس الخدمة المدنية وحراس الأحراج، كلها حقوق مشروعة للبنانيين، بلطج عليها جبران وعمه بقوة التوقيع الرئاسي، فمن يكون البلطجي الحقيقي؟

يتهم العهد وتياره البرتقالي جميع الأطراف بتفشيل هذا العهد، ولكن حبذا لو نظرا يوماً إلى المرآة، لوجدا أن الجميع حاولوا إنجاح هذا العهد إلاهما، من الرئيس سعد الحريري الذي قدم أكبر تنازل ممكن عبر القبول بعون رئيساً، إلى الرئيس بري الذي على الرغم من عدم انتخابه عون طوى الصفحة ومد اليد مغلباً مصلحة البلد على مصلحته، حتى أن “القوات اللبنانية” حاولت أن تنجح العهد، ولكن العقلية الإلغائية العونية كانت تطغى عند كل استحقاق. فالنرجسية التي كان يعيشها العهد لا يمكن أن تتصور مشاركة في الحكم، بل انها لا يمكن أن تقبل بوجود قوى غيرها على الساحة اللبنانية، وليس غريباً تشابه اسم عون مع فرعون، فهو يظن فعلاً أنه رب اللبنانيين الأعلى، ويحق له ما لا يحق لغيره، وعلى الرغم من كل الدلائل على أن الفشل سببه “دود الخل منو وفيه”، إلا أنه أعمى البصر والبصيرة، ولا يرى أمامه إلا جبران، الصهر الذي “لعيونه عمرا ما تتشكل حكومات”، ومن بعد “سندة الضهر” ما ينبت حشيش.

مصادر مطلعة علقت في حديث لموقع “لبنان الكبير” على الحرب الباسيلية المفتوحة بالقول: “يعلم باسيل أن لبنان الآن هو في وقت البدل عن ضائع، كون طبخة التسوية لم تستوِ بعد، ولذلك يستشرس في الهجوم، من أجل شد عصب العونيين، الذين كان من الواضح أنهم في حالة إحباط بعد المشهد الضعيف يوم مغادرة عون القصر، ومن يومها أطلقت الماكينة الاعلامية للتيار بالتعاون مع جيش الأبواق، حملات لرفع المعنويات البرتقالية، عبر إشاعة جو من الانتصار الزائف، ولكن كل هذا لم يكفِ، لذلك إضطر باسيل كعادته، الى استخدام مستوى خطاب متدنٍ، كما تربى على يد عمه، الذي كان جمهوره يصفق له كلما استعمل مصطلحات نابية، لا تليق إلا بأبناء الشوارع، فالحالة العونية قائمة على العداوات والحروب الإلغائية فقط”.

شارك المقال