فرنجية والطائف… صدفة أم ميعاد رئاسي؟

رواند بو ضرغم

لم يتشاور رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية مع حلفائه لحضور منتدى الطائف، لا بل لبى دعوة السفارة السعودية، مثبّتاً أن قراره حر وغير مرهون بأي فريق سياسي. فلم يكن فرنجية ليحضر الى قصر “الأونيسكو” لولا أنه كما قال: “كل عمرنا بهمنا الطائف، ونحن جزء منه”.

لم يأتِ فرنجية لاستجداء الرئاسة، ولم ينقل “البارودة” من كتف الى كتف، فهو يبقى الحليف الاستراتيجي لـ “حزب الله” المغيّب عن الدعوات السعودية، وسيستمر في تمسكه بعروبته وبروابطه التاريخية مع قيادات المملكة. فحرص فرنجية على الطائف مبني على احترام التوازنات والحفاظ على العيش المشترك والسلم الأهلي، لذلك حضر على رأس وفد رفيع من “المردة”، وهو لا يخاف عتب حلفائه أو أن تتأثر علاقته بهم، لأن حلفاءه ليسوا ضد الطائف كما أكد الزعيم الزغرتاوي.

يبقى فرنجية الأكثر تناغماً مع مواقفه وقناعاته، على عكس رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وعمه الرئيس السابق ميشال عون، اللذين يجاهران برفضهما الطائف ويصفانه بـ “النتن”، بينما يشاركان في منتدى لتثبيته عبر ممثلين عنهما (الوزير السابق سليم جريصاتي ممثلاً عون، والنائب سيزار أبي خليل ممثلاً باسيل).

هي ليست المرة الأولى التي يبيع جبران التاجر في السياسة ويشتري، ولن تكون الأخيرة. فباسيل هو نفسه من يهدد حليفه رئيس حزب “الطاشناق” آغوب بقرادونيان بقبول المجلس الدستوري الطعن المقدم من المرشح جاد غصن الذي يطيح بمقعده النيابي، وهو سبب المماطلة في إصدار القرار لكي يبقى ممسكاً بقرار كتلة “الطاشناق”، ولكي لا تنشق عن تكتل “لبنان القوي” بعد انتهاء عهد عون.

كما أن باسيل يبتزّ حليفه “حزب الله” بتأمين نصاب الجلسات النيابية لانتخاب الرئيس، فلا ينسحب تكتل “لبنان القوي” في الدورة الثانية مع الثنائي الشيعي، ولا يطيّر النصاب، ليضع حليفه في موقف محرج وخطر. فإما يبقى الثنائي الشيعي متمسكاً بمرشحه سليمان فرنجية ويكشف باسيل ظهر “حزب الله” لرئيس ممكن أن يوصله فريق المعارضة (القوات، الاشتراكي، الكتائب، المستقلون والتغييريون) كقائد الجيش جوزيف عون أو النائب السابق صلاح حنين. وإما يتنازل “حزب الله” عن سليمان فرنجية ويعيد تجربة ميشال عون بتبني باسيل، فيبقى يدعمه في هذه الحالة ويحمي له ظهره.

هذا المشهد السياسي مقلق لبعض الفرقاء السياسيين، وعلى رأسهم “حزب الله” المحرج بجلسة الخميس الانتخابية، لأنه لم يتفق مع باسيل بعد. ولكن هل من مصلحة باسيل أن يوجه ضربة قاضية الى “حزب الله”؟ وهل لباسيل القدرة على أن يخطو هذه الخطوة بعد كل الدعم (سياسياً وانتخابياً) الذي تلقاه من “حزب الله”؟ فالحزب ينتظر ثلاثاء اعلان التيار ويترقب ليبني على الشيء مقتضاه.

تقول مصادر سياسية لموقع “لبنان الكبير” إن جُلّ ما يستطيع فعله أي رئيس قد لا يشارك “حزب الله” في تسميته هو إزعاجه في التلويح بالاستراتيجية الدفاعية، واللامركزية المالية كما فعل الرئيس السابق ميشال عون عندما أراد أن “يزكزك” حليفه، أو أن يطالب بحصر السلاح بيد الدولة، وإعادة قرار السلم والحرب الى الدولة. في حين أن أي رئيس يُنتخب من غير أصوات تكتل “لبنان القوي” ومن يصل الى سدة الرئاسة بعيداً من إرادة جبران باسيل وموافقته، سيتعامل معه كأي كتلة نيابية أخرى وسيعود الى حجمه الأصلي.

يعلم باسيل أن لا حياة له خارج أحضان “حزب الله”، لذلك يلعب على حافة الهاوية من غير أن يقفز، ولكن شعبويته تقتضي هذه المرة أن يظهر أنه لا يعطل الاستحقاق الدستوري. أما في الواقع فيمكنه أن يشرذم الأصوات ويضيّق الخناق على حليفه، بانتظار من سيصرخ أولاً.

شارك المقال