“السلة” موسعة… حل لأزمة الشغور الرئاسي

محمد شمس الدين

التسوية وضعت على الموقد ولكن لا أحد يملك عود ثقاب ليشعل تحتها، فيما تتصارع الأطياف السياسية في ما بينها للاتفاق على اسم لرئاسة الجمهورية، كل فريق يفكر باسم رئيس يناسب أجنداته الخاصة، أو أجندات الدولة الاقليمية التي يتبع لها، ولا أحد يفكر فعلاً في مصلحة لبنان وشعبه، فريق يريد رئيساً يؤيد محور الممانعة، وفريق آخر يسعى الى رئيس “سيادي” يتحدى هذا المحور، فيما تفضل الأطراف الوسطية رئيساً يمكنه أن يكون حكماً بين الطرفين يستطيع جمعهما وتصويب الخلافات بينهما، ولكن لا أحد يفكر في أن يكون رئيساً يملك المهارات الاقتصادية لانتشال لبنان من أزمته، حتى أن نواب التغيير يسمون شخصيات لأجل التسمية، كأنها لعبة لا مصير بلد.

في هذا السياق، أشارت مصادر مرجعية سياسية لموقع “لبنان الكبير” الى أن “رئيس الجمهورية ليست مهمته أن يضع الخطط الاقتصادية والمالية للدولة، فهذه الأمور الاجرائية من مسؤولية مجلسي النواب والوزراء، أما الرئيس فعمله الأسمى هو السهر على حماية الدستور والمحافظة على لبنان ووحدة أراضيه، والدور الأهم هو أن يكون الحكم بين اللبنانيين والتفاوض باسم لبنان في كل المحافل الدولية، وبما أن المرحلة المقبلة تحتاج رئيساً يستطيع الحوار مع كل من حزب الله وسوريا ومحور الممانعة عموماً، لا يمكن أن يكون شخصية مستفزة لهذا المحور، كما لا يمكنه أن يكون مستفزاً للدول العربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، ويجب أن يحظى على الأقل برضى المملكة، كي يستطيع إعادة لبنان إلى الكنف العربي”.

وأكدت المصادر أن “الاسم ليس مهماً اليوم بقدر السلة الكاملة المتكاملة التي يجب أن يصل على أساسها الرئيس إلى بعبدا، وهي سلة ستكون أوسع بكثير من السلة التي طرحها الرئيس نبيه بري عام 2016 قبل انتخاب ميشال عون، والتي رُفضت في حينها، بحجة أنها شروط مسبقة على الرئيس. فالسلة اليوم تتضمن مهام رئيس الجمهورية في المرحلة المقبلة، واسم رئيس الحكومة وشكل حكومته ومنهاج عملهما، وسيضاف إليها بالطبع الشق الاقتصادي والاجتماعي، وبعض الملفات التي لا تزال عالقة منذ عهد عون، مثل التشكيلات القضائية وعشرات القوانين النائمة في أدراج قصر بعبدا، وبالتالي هي ستكون سلة تشمل رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والحكومة في آن واحد”.

أضافت المصادر: “على الرغم من أن هذا لا يبدو ديموقراطياً 100% إلا أن هذا هو واقع الحال في لبنان الذي لا يمكن أن يدار إلا بالتوافق. وإذا نظرنا إلى تاريخ هذا البلد، فنجد أنه في كل مرحلة اختلت فيها التوازنات القائمة، لمصلحة فريق غلبة على فريق آخر، كان البلد يدخل في أزمة، وهذه التوازنات في غالبيتها محلية وبعضها إقليمية، ويجب الوقوف عندها جميعاً كي تسير عجلة البلد”.

أما في ما يخص المرشحين أو بعض الأسماء المطروحة، فاعتبرت المصادر أن “المرشح الرسمي الجدي الوحيد حتى الآن هو النائب ميشال معوض، والذي يمتلك العديد من المواصفات التي تخوّله أن يكون رئيساً في المرحلة المقبلة، إنما ينقصه عامل أساس، هو أنه سيعتبر رئيس تحدٍ في وجه محور الممانعة، ولن يكون سهلاً عليه حل الخلافات معه، من ملف الاستراتيجية الدفاعية إلى ملف الحوار مع سوريا. وإذا وُجدت وسيلة لمعالجة هذا النقص، فيمكنه أن يكون رئيس لبنان في هذه المرحلة، اذ يتمتع بغطاء مسيحي وازن، ومسلم لا بأس به، وكذلك لديه علاقات جيدة مع الدول العربية والغربية، وحتى مع البنك الدولي والمؤسسات المالية العالمية. أما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، فهو يمتلك كل المواصفات المطلوبة ليصبح رئيساً للجمهورية، إلا أن الغطاء المسيحي الكافي ينقصه، بحيث يمكن أن يتوجس منه الثنائي المسيحي الذي يشكل أكثرية في الساحة المسيحية، أي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، ولذلك يجب معالجة الشق المتعلق بتطمين هواجس المسيحيين. وعلى الرغم من أن المردة والقوات قررا أن طي الصفحة بين الحزبين لا علاقة له بأي استحقاق مقبل، إلا أنها تسجل نقطة لصالح فرنجية يمكن أن يبنى عليها، أما في موضوع علاقاته فهو لا يشكل فعلياً استفزازاً لأحد، ومرضي عنه غرباً وشرقاً، حتى لو أن المملكة العربية السعودية لم تعطِ الضوء الأخضر بعدم ممانعتها له حتى الآن إلا أن الأمور يمكن أن تتغير في الفترة المقبلة، ففرنجية مناسب جداً للحوار مع سوريا في شتى المواضيع بحكم علاقته مع آل الأسد، كما أنه من صلب محور الممانعة، وبالتالي يستطيع التحدث بسهولة مع حزب الله، وعلاقاته وصلاته بالخارج يحسد عليها، إن كان عربياً أو دولياً”.

أما عن المرشحين الآخرين أو بالأحرى بعض الأسماء الأخرى المطروحة، فرأت المصادر أنها “جميعها طروحات غير جدية، باستثناء قائد الجيش، الذي أصبح شبه عرف أن يكون مرشحاً دائماً لرئاسة الجمهورية، والعماد جوزيف عون بالتأكيد يملك مواصفات مهمة ليكون رئيساً للجمهورية، ولكن المشكلة أن البلد لن يدخل مرحلة الحل الجذري في هذه الحالة، بل سيكون ترحيلاً للخلاف بضع سنوات إلى المستقبل”.

تنتظر الساحة اللبنانية اكتمال المشهد إقليمياً ودولياً، كي يبنى على الشيء مقتضاه، فإن نجح ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الفوز بالانتخابات النصفية الأميركية، عبر تأمين الغالبية للجمهوريين، سيكون المشهد مختلفاً عن محافظة الديموقراطيين عليها، كون كل الملفات في المنطقة، من الاتفاق النووي، إلى الحوار السعودي – الايراني، مرتبطة بالشرطي الكبير، أي الولايات المتحدة الأميركية، ويبقى الهاجس فقط هو أن يقدم بنيامين نتنياهو، العائد إلى رئاسة حكومة الكيان الصهيوني، على مغامرة ما قد تعيد خلط الأوراق في المنطقة من جديد.

شارك المقال