منشقو “التيار العوني” يرتّبون أوراقهم لـ”التغيير”

هيام طوق
هيام طوق

لم يأت قرار انشقاق كوادر من “التيار الوطني الحر” من فراغ بل من موقف ضد نهج متبع من القيادة الحالية، إذ يعتبرون أن رئيس “التيار” جبران باسيل إن كان في موقعه الحزبي أو في السلطة اللبنانية بعيد كل البعد عن المبادئ التي نشأ عليها الخط “البرتقالي” وأنه أخطأ بشكل كبير في حق هذا التاريخ ما سيشكل خطراً كبيراً على مستقبل “التيار” الذي أصبح في نظر البعض في حكم المنتهي، وستتجلى أمور كثيرة على هذا الصعيد بعد نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون.

المنشقون الذين ساهموا في وضع المداميك الأساسية لتيار ظنوا لسنوات أنه سيكون خشبة خلاص للبنان وللشعب اللبناني، خاب ظنهم به بعد أن ابتعد عن تاريخه ونهجه الإصلاحي ليصبح اليوم في دائرة الاتهام في تردي الأوضاع التي وصلنا إليها، ليتبين أن رفع رايات محاربة الفساد ليست سوى شعارات ظرفية استخدمت لمصالح معينة.

أولئك المنشقون، أو المطرودون، طبعوا الفترة النضالية في زمن الوصاية السورية، يتحدثون عن عدد كبير من الهفوات أو القرارات غير المسؤولة التي اتخذت والتي كانوا يعترضون عليها لكنهم لم يجدوا آذاناً صاغية وصولًا إلى سنة 2015 حيث بدأت ملامح المعارضة بالظهور إلى العلن إثر فوز باسيل برئاسة “التيار الوطني الحر” بالتزكية، وما نتج عن ذلك فيما بعد من تفرد في القرارات وتشبث بالرأي حيث فقدت الديمقراطية وتعطل النقاش في المجلس التمثيلي، في وقت كان “التيار البرتقالي” يجاهر بمحاربة الاقطاع وبأنه حركة تغييرية ديمقراطية، من دون أن ينسوا ما طرأ من تعديلات على النظام الداخلي للتيار لجهة استبدال آلية انتخاب منسّقي الأقضية، بالتعيين، حيث يقوم باسيل بتغيير المنسقين في المناطق لتعيين موالين له وبالتالي يجعل من القيادات الوسطية ، مأمورين ينفذون أجندته.

المعارضون اليوم مرتاحون لخياراتهم ولخطوات انشقاقاتهم لأنهم يعتبرون أن السيناريو الذي اعتمده باسيل داخل “التيار” يطبقه في القصر الجمهوري لناحية إمساكه بزمام الأمور، وتعيين مستشارين مقربين منه أو موالين لسياسته، وذلك انعكس سلباً على المشهد السياسي العام حتى بات عدد كبير من مناصري “التيار” يطالبون نوابهم بالتدخل لما يعتبرونه تعنت باسيل وعناده في تأليف الحكومة.

اليوم وفي كل يوم يمر تتأكد الكوادر المنشقة أو ما بات يعرف بـ”التيار الوطني- الخط التاريخي” من أن “التيار” هو من انشق عن مبادئه ونهجه، لذلك يعملون على تنظيم صفوفهم، لإعادته إلى “روحيته التي ضربت بفعل أداء القيادة الحزبية”، وينسقون مع المعارضين في البلد لخوض المعركة الانتخابية المقبلة “لبناء دولة تكون على قدر طموحاتهم”.

نعيم عون: التغيير أو المقبرة

أجرى موقع “لبنان الكبير”، حديثاً مع القيادي السابق في “التيار الوطني الحر” وابن شقيق رئيس الجمهورية ميشال عون، نعيم عون والذي هو من مؤسسي ” الخط التاريخي” حيث رفض التطرق الى شؤون تتعلق بـ “التيار”، معتبراً أن “البلد في حالة موت سريري، والوضع خطير جداً لأن ليس هناك أي حل على الصعيد الداخلي، واذا أردنا حلاً أو مساندة من الخارج، يشترطون علينا تأليف حكومة”.

ولفت إلى أن “لا خوف على تأجيل الانتخابات النيابية المقبلة، وفي حال حصل التأجيل لن يكون لسنوات بل لأشهر قليلة، ونحن نعمل على أساس أن الانتخابات حاصلة لا مفر”، مشيراً إلى” أن نلاحظ تغيراً في المزاج الشعبي داخل التيار وخارجه إذ أن الأزمة تطال كل الناس والجميع غير راض عن هذه التركيبة التي أوصلت البلد إلى هذا الوضع”.

وقال: “الاستحقاق الانتخابي ديمقراطي وعلينا الاحتكام لرأي الناس الذين إن رأوا أن مصلحتهم تقتضي أن تبقى الأمور على حالها فسيذهبون إلى المقبرة، وهناك الكثير من الشعوب التي خسرت أوطانها بسبب تصرفاتها الخاطئة. على الشعب أن يخلص نفسه من خلال وعيه على ضرورة التغيير”.

وعن تأجيل الانتخابات الفرعية، رأى عون أنها “هروب لعدم إجرائها لأن النتائج لن تكون مريحة، وكل الحجج التي أعطيت واهية”، مشيراً إلى أنه “في حال استدرك الناس أهمية وخطورة الوضع سيحسنون الاختيار” متسائلاً: “هل يعقل أن يعيدوا انتخاب من أفقرهم وجوعهم وهجرهم؟ إذا الناس لم يغيروا من خلال الإدلاء بأصواتهم، فلا يستحقون وطناً، لكنني أرى أن التغيير قادم خصوصاً إذا توحدت الجهود مع الثوار ومع الأطراف التي ننسق معها لخوض الاستحقاق القادم”.

وعن إمكانية تحول “الخط التاريخي” إلى تيار مناهض “للتيار الوطني الحر” أوضح ” أننا الآن بمثابة حركة شعبية، ومن بعد الانتخابات المقبلة نبحث في انطلاقة أخرى على المستوى التنظيمي لأن الناس ليست جاهزة حالياً لتقبل أحزاب جديدة على الساحة لا بل هناك نفور من السلطة والسياسة بشكل عام”.

وشدد على “أننا ندعم التحركات الشعبية خصوصاً التي تنظم وفق عنوان سياسي واضح لأنه كما نعرف يوجد على الأرض ما يسمى بالطابور الخامس. نحن نشارك كأفراد في التظاهرات لكن كجماعة لا أقبل المشاركة الا اذا كنا أحد أركان منظميها، لأن هناك مسؤولية على المنظمين تجاه المشاركين في عدم جرهم الى خطأ أو هفوة ما”.

نصرالله: “التيار” انتهى

لم يشأ القيادي السابق الناشط السياسي أنطوان نصرالله التحدث عن الماضي ونضاله في التيار “الذي لم يعد يشبهنا أو يمثلنا. فالتيار الذي نعرفه هو حزب علماني، مؤسساتي كان هدفه تحقيق أحلام الشباب واللبنانيين” مشيراً إلى أنهم بدأوا يشعرون بالتغريد خارج سرب “التيار” منذ أن “فرض باسيل على رئاسته”.

وأكد أن “التيار انتهى مثله مثل الأحزاب الأخرى، والآن نريد النظر إلى الأمام وليس البقاء في الماضي” متسائلاً: “ماذا يستفيد الإنسان إذا ربح كل العالم وخسر نفسه؟”.

وقال: “إننا أمام مشهد جديد في لبنان شرط أن يتوحد الثوار على مشروع معين. الاحزاب بدأت تلفظ أنفاسها الاخيرة، والصورة ضبابية لما نحن مقبلون عليه، لذلك المطلوب من المعارضين للسلطة اليوم والثوار أن يتقدموا ببرنامج انتخابي ينطلق من مبدأ بناء الدولة بمشاركة كل الاطراف بعيداً عن الاستقصاء أو الانتقام. برنامج يحظى بثقة الناس ويعطيهم أملاً بالإنقاذ ويكون رؤيويا لبناء مستقبل أفضل”.

وأكد أن “العمل قائم في المناطق كافة لخوض الانتخابات النيابية المقبلة بالتكافل والتضامن مع جبهة واسعة من الثوار إذ نعتبر أنفسنا جزءاً لا يتجزأ من ثورة 17 تشرين “لافتا إلى أن “الخط التاريخي يحاول جمع أكبر عدد ممكن من الناس لنحقق خرقاً في الانتخابات النيابية المقبلة التي ستكون مفصلية وتاريخية لأنه أما سننقذ البلد أو يطير من بين أيدينا”.

وختم نصرالله قائلاً: “أننا في أصعب وأخطر مرحلة مر بها لبنان، ومن المرجح أن تتفاقم الأزمة إذا استمر الوضع على ما هو عليه. البلد ذاهب إلى استحقاقات كبيرة ويتخبط بأوضاعه الاقتصادية والمالية والسياسية في ظل غياب المنقذين”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً