عودة مسلسل غادة عون… وبري يتصدى قانونياً

محمد شمس الدين

انتهى عهد جهنم لكن آثاره التدميرية لا تزال متغلغلة في الدولة. العهد السابق الذي إدعى كذباً بأنه يسعى الى استقلالية القضاء، لكنه كان يحمي قاضية البلاط غادة عون ويطلق يدها، ولم يكفها عن مخالفة أدنى معايير المهنية القضائية حتى اليوم، فالنائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان المعتادة على نشر العمل القضائي على “تويتر”، نشرت أمس صورة لائحة معنونة بـ”لائحة إسمية بالمسؤولين اللبنانيين الذين لديهم حسابات مجمّدة في البنوك السويسرية، غير القادرين على سحب دولار واحد منها بتعليمات من الادارة الأميركية (المصدر ويكيليكس)”، وعلقت عليها بالقول: “لا أعلم مدى صحة هذه المعلومة. لكن لماذا لا يبادر الأشخاص الواردة أسماؤهم في هذه اللائحة إلى كشف حساباتهم لدى المصارف السويسرية؟ من أجل الشفافية فقط! في مطلق الأحوال أتمنى أن يكون هناك باب في قانون رفع السرية المصرفية والذي سأنكب على دراسته. وأتمنى أيضاً من الحقوقيين التعليق عليه”.

صورة اللائحة التي نشرتها عون تتضمن أسماء بعض أهم السياسيين اللبنانيين، مثل الرئيس نجيب ميقاتي والرئيس نبيه بري ورئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، وللمصادفة لا وجود فيها لأي سياسي ينتمي الى “التيار الوطني الحر”. وفور إطلاع الرئيس بري على مضمون تغريدتها، تقدم بواسطة وكيله المحامي علي رحال بشكوى لدى المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات للملاحقة والتحقيق وإجراء المقتضى القانوني اللازم. وبعد انتشار خبر الدعوى، حذفت القاضية عون تغريدتها.

وتواصل موقع “لبنان الكبير” مع المحامي رحال الذي أوضح أن “الرئيس بري يتغاضى عن الكثير من المنشورات التي ينشرها نشاطون، بل يتغاضى حتى عن بعض الاعلاميين والصحافيين، إيماناً منه بحرية التعبير، وترك الحكم للرأي العام، ولكن أن يقدم قاض بموقع نائب عام استئنافي على الافتراء بهذه الطريقة، فهذا أمر لا يمكن التغاضي عنه”.

وقال رحال: “إن شأن القاضي أن يلاحق أي مفترٍ، فكيف بموقع نائب عام استئنافي أن يقدم على الافتراء بنفسه، ويتوجه الى الرأي العام باتهامات باطلة عن وجود حسابات بمليارات الدولارات؟ هذا أمر مؤسف، بحقها وبحق القضاء اللبناني عموماً”.

وعن الاجراءات القانونية التي ستتبع، لفت رحال الى “أننا تقدمنا بشكوى الى النيابة العامة التمييزية، وهناك إجراءات خاصة في ما يتعلق بملاحقة قاض، وهذا الأمر بعهدة النائب العام التمييزي”.

وعلم “لبنان الكبير” أن الملف لن يقف في النيابة العامة التمييزية وحسب، فهناك أفعال جرمية تنطبق على القاضية عون غير القدح والذم، وسيكون هناك تحقيق من التفتيش القضائي في الملف.

وأوضحت القاضية عون في حديث لموقع “الانتشار” أنها سحبت تغريدتها الخاصة بالغمز من قناة مسؤولين كبار وسياسيين وشخصيات عبر نشر لائحة تضمنت أسماء عدد منهم والادعاء بأنهم يمتلكون حسابات مجمدة في بنوك خارج لبنان. وقالت: “بعد حصول ردود فعل مختلفة على التغريدة واتخاذها منحى تصعيدياً بلغ حد التوتر ارتأيت حذف التغريدة تجنباً لأي خضات إذ يكفي البلد ما عليه من تدهور في المجالات كافة”.

وفي بحث بسيط على “غوغل”، من دون الحاجة إلى الخوض في الأرشيف الصحافي الكبير، يمكن إيجاد الصورة التي نشرتها عون، وهي تعود إلى العام 2019، وقد تم تكذيبها ونفي ما ورد فيها من قبل عدة وسائل إعلامية، وتندرج ضمن الحرب التي فتحها “التيار الوطني الحر” على الأفرقاء في البلد، الذين يعتبرهم خصومه، وانتشرت بداية على تطبيق “واتساب”، ولاحقاً على مواقع التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” و”توتير” وغيرها. وتوقعت مصادر مطلعة أنه في حال استمرت الدعوى القضائية، فإن القاضية عون ستقود معركة شعبوية للدفاع عن نفسها، وسيندفع “التيار الوطني الحر” بكل قوته للدفاع عنها، وتحديداً ما يسمى “الحرس القديم”. وعلق مصدر قانوني على الأمر بالقول: “للأسف في لبنان ليس هناك قضاء. ففي تاريخ العالم كله، لا يوجد قضاء يستنكف عن إحقاق الحق”.

انتهى العهد ولم ينتهِ أزلامه، وأي رئيس مقبل سيكون في مواجهة مع ما زرعه هذا العهد في الدولة اللبنانية، وسيحتاج إلى بعض الوقت ليستطيع تصويب عمل دولة القانون والمؤسسات، بدل الشعبوية والاستعراضات، وما يجب عليه القيام به، هو حل ملف التشكيلات القضائية، الذي عرقله العهد الجهنمي السابق بمخالفة واضحة لأدنى معايير الدستور والقوانين.

شارك المقال