اغتيال عرفات من جديد

زاهر أبو حمدة

هل نريد اثباتاً على أن إسرائيل هي من اغتالت الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات؟ تكفي تصريحات المسؤولين الاسرائيليين لتأكيد ذلك ومنهم شمعون بيرس، الذي اعترف بذلك عام 2013 حين كان رئيساً للدولة وقالها علانية: “ما كان ينبغي اغتيال عرفات”. هذا عدا كلام الجنرالات المتقاعدين والسياسيين السابقين، وكذلك الصحافيين، ومنهم أوري دان، المقرب من ارئيل شارون، وذكر في كتابه “أسرار شارون” الصادر عام 2007، أن شارون تحلل في 14 نيسان 2004 من وعده لجورج بوش بعدم التعرض لعرفات، وفي لقاء جمعهما في البيت الأبيض، قال شارون لبوش إنه لا يعد نفسه ملزماً بالوعد الممنوح له أثناء لقائهما الأول بعد فوزه في الانتخابات. وهنا رد بوش: “ربما من الأفضل إبقاء مصير عرفات بأيدي قوة عليا، بأيدي الله”. فأجاب شارون: “ربما يجب أحياناً مساعدة الله”. وعندما سكت بوش اعتبر شارون أنه “تحرر من عبء ثقيل”.

ومنذ 18 عاماً والفلسطينيون يسألون: من قتل عرفات؟ الاجابة واضحة ومعروفة، لكن ما يريدون معرفته من ساعدهم وكيفية اغتياله بالسم النووي. ومن المستغرب أن مكانة عرفات التاريخية لم تشفع له ألا يكون ملف اغتياله مادة سياسية في كل مناسبة للشد والجذب وتصفية الحسابات. فكل فترة تستغله جهة لصالحها وهذا ما يفسر تسريبات شهادات المقربين من عرفات قبل استشهاده. وفي كل مرة تُطرح أسئلة كثيرة، منها ما طرحه الكاتب الفرنسي ايمانويل فو في كتابه “قضية عرفات، الموت الغريب للزعيم الفلسطيني” الصادر عام 2014. ويشير فو، إلى أن لجنة التحقيق الفلسطينية لم تتألف الا بعد 6 سنوات من وفاة عرفات، وهذا في حدّ ذاته واحد من أسئلة كثيرة مشككة ومنها: لماذا تأخرت اللجنة؟ لماذا لم يحصل تشريح لجثة عرفات؟ لماذا استبعد الفرنسيون فوراً احتمال التسميم المتعمد، وأعلنوا أن سبب الوفاة غير محدد؟ ولماذا انتظرت سهى عرفات أرملة الزعيم الفلسطيني 7 أعوام قبل أن تلجأ الى فحص ثياب زوجها، حيث كانت في شقة سائقها الباريسي؟ ولماذا تخاصمت مع ابن شقيق عرفات (ناصر القدوة) عام 2012 لناحية اعادة نبش رفاته لفحصه، ولماذا لم ينشر تقرير الخبراء الفرنسيين؟ ولماذا أُعيدت صياغة التقرير الروسي في وزارة الخارجية، ولماذا لم يستجب القضاة الفرنسيون لطلبات لجنة التحقيق الفلسطينية؟ وحده السؤال الأخير يجد جواباً فيه من الشكوك الكثيرة، ذلك أن القضاء الفرنسي يقول إنه لا يمكن أن يستجيب لسلطة فلسطينية لم تصبح دولة ليعاملها بالمثل، وعليها أن تلجأ بالتالي الى لجنة الانابة القضائية الدولية، فلماذا لم تتقدم السلطة الفلسطينية حتى الآن بطلب قضائي كهذا الى فرنسا؟

في النهاية، القاتل معروف ولا تهم الكيفية انما من المهم معرفة المتعاونين في ذلك. وعليه يجب إخراج ملف القضية من البازار السياسي الداخلي الضيق، وفي كل مرة يُفتح الملف بهذه الطريقة يُقتل عرفات من جديد. ولنعرف من قتل ياسر عرفات، يجب معرفة قاتل كوامي نكروما، باتريس لومومبا، أحمد سوكارنو، مجيب الرحمن، الجنرال ضياء الحق، المهدي بن بركة، صالح بن يوسف، مالكولم إكس، أحمدو بلو، أبو بكر بلاوا، جون كندي، روبرت كندي، مارتن لوثر كنغ، داغ همرشولد، بينظير بوتو، وغيرهم من لائحة طويلة جداً بأسماء شخصيات عالمية اغتيلت لوقف مشروع أو انهاء خطة لبداية أخرى.

شارك المقال