بين “المردة” والحزب: ماذا لو لم يُنتخب فرنجية رئيساً؟

عاصم عبد الرحمن

لا يزال “حزب الله” على هدوئه التفاوضي في ما يتعلق بحملة انتخاب زعيم تيار “المردة” وحليف المقاومة الوفي سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية إلى حين نضوج ظرف ما يفضي إلى إقناع عين المقاومة الثانية رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ولكن ماذا لو تم الاتفاق عربياً، إقليمياً ودولياً على اختيار رئيس توافقي يرضي الحزب ولا يرضي فرنجية؟

لم تشهد العلاقة بين “حزب الله” وتيار “المردة” تاريخياً أي تشويش سياسي أو حرتقة مصلحية، ولم تعرف أرض التحالف بين الفريقين أي تضاريس أعاقت مسار نمو التقارب والانسجام بينهما، فعند كل استحقاق مصيري تتوج العلاقة بلقاء ودي ملؤه الحب والوفاء بين السيد حسن نصر الله وسليمان بيك فرنجية ليدرك القاصي والداني أن ما بينهما لا تقيسه مصالح آنية أو خيار عابر.

وعلى الرغم من مرور هذه العلاقة بمحطتين مصيريتين عند حافة الخيارات والاصطفافات السياسية، إلا أن البيك الزغرتاوي يعلنها على الدوام وبالفم الملآن أن “كلام السيد سيد الكلام”.

المحطة الأولى التي كان لها أن تحتّم الفراق السياسي بين الأصفر والفوسفوري يوم رغب الرئيس السوري بشار الأسد في انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية عام 2004 فأصر السيد حسن نصر الله على التمديد للرئيس الأسبق إميل لحود، هذا الرجل الذي يصنّفه السيد بأحد أسياد الوفاء للمقاومة لوقوفه سداً منيعاً دون طعنها والغدر بها، وربما كان التبرير يومها أن سليمان فرنجية كان لا يزال شاباً والمستقبل الرئاسي أمامه، ثم لن تتشكل حكومة ما لم يكن راضياً فتولى على الأثر وزارة الداخلية والبلديات لتكون على بعد خطوات من العبور إلى قصر بعبدا.

المحطة الثانية التي كان لها أن تنهي حتى أي تواصل شخصي بين الحزب و”المردة” يوم كاد يدخل قصر بعبدا رئيساً للجمهورية بترشيح ودعم مطلق من حركة “أمل” وتيار “المستقبل” والحزب “الاشتراكي” برعاية فرنسية وعدم ممانعة أميركية، فما كان من الحزب إلا أن طلب إليه المعذرة عن عدم السير به لا بل أراده شريكاً في حكومات عهد ميشال عون الذي منحه الحزب وعداً إلهياً بانتخابه رئيساً للجمهورية تقديراً لتفانيه ووفاءً لخدمته حلف المقاومة الممانع. وكانت المفاجأة التي دوت في أرجاء الوسط السياسي هي أن البيك الزغرتاوي لم يحضر حتى أي من جلسات انتخابه كرمى لعيون الحزب، لا بل ذهب إلى أبعد من ذلك بتسييد كلام السيد فوق كل كلام.

أما اليوم وفوق ظلال المحطة الرئاسية الثالثة، حيث يجهد “حزب الله” لتأمين التوافق حول فرنجية ضمن البيت السياسي الواحد، فالحزب حتى اللحظة لم يعلن صراحة ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وإن كان لأسباب تخدم فرنجية أكثر كي لا يعتبر مرشح الحزب بصورة واضحة، فهو يسعى إلى تقديم نفسه كمرشح وسطي أو توافقي يمكنه التفاوض مع مختلف القوى السياسية حول مستقبل لبنان. ولا يزال الحزب يحاذر زعل جبران باسيل في فرض ترشيح فرنجية عليه كما فرض ترشيح ميشال عون حتى على جناح ثنائيته مع حركة “أمل”، ويبدو حتى الآن ليس مستعداً بعد لخوض معركة فرنجية على غرار تعطيل البلاد مدة سنتين ونيف لتأمين انتخاب عون رئيساً للجمهورية، وهو يراهن على الوقت ريثما تنضج ظروف فرنجية من جهة وتحقيق رضا باسيل من جهة أخرى والذي يحمل في جعبته شروطاً تعجيزية حتى يسير بخيار فرنجية ودائماً تحت سقف “حزب الله” السياسي التفاهمي والمصلحي الكياني.

أعلنها صراحة نائب “المردة” طوني فرنجية أن “حزب الله” لن يمون عليهم هذه المرة في السير بأي من المرشحين مهما بلغت التسميات من وسطي إلى إنقاذي أو توافقي، وربما أمام المرشح الرئاسي سليمان فرنجية فرصة رئاسية قد لا تتكرر في الاستحقاق المقبل. فهل سيبقى كلام السيد سيد الكلام في حال سيره بمرشح رئاسي تسووي؟

شارك المقال