“ذا دايلي بيست”: التردد الأميركي يشجع روسيا وحقول النفط الشمالية بمتناول الأسد

حسناء بو حرفوش

نشر موقع “ذا دايلي بيست” (DailyBeast) الأميركي تقريرا حول الغموض المحيط بالوجود الأميركي في سوريا وربطه بحقول النفط الشمالية الشرقية. وجمع التقرير المطول شهادات من مسؤولي شركة “دلتا كريسنت” الأميركية والعمال على الأرض، انقسمت بين الدعم لهذا الوجود الذي يسمح بحماية الاستثمار في المنطقة والمناهضة له مع إصرار شهود على أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد لا يزال يجني ثمار هذه الحقول.

ووفقا للتقرير، “قضت الخطة الأميركية بقيام شركة “دلتا كريسنت” بإحلال السلام والاستقرار في شمال شرق سوريا. وسارع البنتاغون لإنكار ما قاله الرئيس السابق دونالد ترامب حول بقاء القوات الأميركية في سوريا “للاحتفاظ بالنفط” في نهاية العام 2019 (…) موضحا أن العناصر بقيت حصرا للتغلب على ما يسمى بالدولة الإسلامية. لكن بعدها بعامين، تضاءلت فلول داعش، وبقيت القوات على الأرض (…) وتوصلت الولايات المتحدة إلى خطة بسيطة مع شكوك من الناحية الأخلاقية والقانونية: مساعدة الشركاء الأكراد على الاستفادة من النفط المحلي وإبقاؤه بعيدًا عن الأسد أو الميليشيات الإسلامية، ثم المساعدة في تصفيته وبيعه (…) وتوقفت طموحات “دلتا كريسنت” بشكل مفاجئ حيث قررت إدارة الرئيس الجديد جو بايدن الجمعة عدم تمديد ترخيص عملها في سوريا.

وأوضح مسؤول سابق في وزارة الخارجية، طلب عدم ذكر اسمه (…) أن المسؤولين الأميركيين قرروا أن النفط لا يخص الأسد حقًا لأنه ملك للشعب وليس للحكومة. وشكلت الشركة خطة الأمر الواقع. لكن الآن من غير الواضح ما إذا كانت هناك خطة على الإطلاق. وقد يمنح قرار إلغاء ترخيص الشركة شركات النفط والغاز الروسية الفرصة للتحرك. أما على الأرض، تلحظ بين الرميلان ومدينة القامشلي المجاورة مصافي نفط غير مكتملة (…) وفي الرميلان الغنية بالنفط، مكاتب وعشرة موظفين لدلتا ومشاريع سكنية قيد الإنشاء لإيواء عمال النفط المستقبليين على مشارف سلسلة من حقول النفط التي تديرها شركة نفط الجزيرة، الشريك المحلي لدلتا (…) وعبرت دلتا عن رغبتها بمساعدة الشركاء المحليين على الاستقلال ماليا وانتزاع السيطرة على قطاع النفط من الأسد، مما يساعد أهداف الأمن القومي الأميركي.

(…) وأمل المؤسسون بعبور الشاحنات التي تحمل الخام المحلي، والتي يتم تصديرها عملا بالعقود المتفاوض عليها، إلى إقليم كردستان شمال العراق قريبًا. وخططوا بالفعل للاحتفال في أربيل بمجرد أن بدأت الشاحنات بالتحرك (…) لكن لم يسجل أي تقدم في العمل، بحسب شهادات العمال (…) ونقل اثنان من مؤسسي الشركة أن الحكومة الأميركية لم تدعمهما بالضغط على القادة الإقليميين في البلدان المجاورة للعمل معهما. وأسرّا عن تجارة نفطية قوية غير خاضعة للعقوبات عبر الحدود السورية (…) كما لفتا إلى اقتراح مشروع المساعدة في مصافي النفط المتنقلة والمعدات الذي لم يتحقق.

(…) بالمقابل، قاد نظام الأسد حملة دعائية ناجحة لإقناع السوريين بالسعي الأميركي لسرقة نفط الأمة (…) وتمر عبر منطقة روج آفا غرب كردستان، في كثير من الأحيان، شاحنات تتجه غربا حاملة لوحات ترخيص للأراضي التي يسيطر عليها النظام مثل دمشق وحلب. وكان يفترض بدلتا فتح طرق بالاتجاه المعاكس. لكن لم يحدث ذلك قط، وما زالت ثمار الإنتاج في هذا الجيب الكردي تغذي نظام الأسد (…) ووجدت دلتا نفسها عالقة بين حكومات أجنبية معادية ونظام سوري منتقم وقوات محلية فاسدة (…) بينما خلقت حالة عدم اليقين الأميركي غموضا واستغلت القوات الإيرانية والروسية التي لا تعيش في بيئة سياسية غامضة في المنطقة هذا التردد ودعمت موسكو وطهران أصولهما في سوريا للعمل بشكل هائل.

وفي معارضة مباشرة للمصالح الأميركية، سعت روسيا لحماية سوق النفط من أجل النظام السوري، وفقًا لأشخاص يعملون في القطاع النفطي في روج آفا. وذلك من خلال توفير الدعم الأمني واللوجستي لحسام القاطرجي ، “عراب تجارة النفط والقمح للنظام مع الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)” ، وفقًا لإشعار عقوبات وزارة الخزانة الأميركية. وتتبعت صحيفة “ديلي بيست” أحد سائقي شاحنات النفط التابعة لقاطرجي. وأكد السائق بأنه لا يعمل فقط لصالح القاطرجي، مما يعني أن أشخاصًا غير الأسد يستفيدون من النفط في روج آفا، وبأنه كان يعبر في السابق مناطق محددة بين القامشلي ودير الزور وصولا إلى مناطق النظام، وأنه يتجه الآن غربًا من روج آفا إلى مناطق أخرى يسيطر عليها النظام كذلك، مما يشير إلى بعض الابتعاد عن القوات الروسية والإيرانية.

وأكد مسؤولون أميركيون أنه بغياب الفصل الرسمي في التجارة بين الشمال الشرقي والنظام في دمشق، ستخضع روج آفا لسيطرة الأسد (..) في وقت يصعب على قوات سوريا الديمقراطية وروج آفا الاعتماد على الولايات المتحدة أيضًا. فبحسب مسؤولي دلتا، ساهمت التقلبات الاميركية بشل العمل الى جانب الاحباطات من قبل حكومة إقليم كردستان. وقد ساد اعتقاد أن “دلتا كريسنت” ستستطيع الدخول في استثمارات رأسمالية جديدة وكسر القبضة الخانقة على الاحتكارات الإقليمية، لكن كل ما يتضح في الواقع هو انفصال هائل بين أهداف دلتا وما واصلت الولايات المتحدة المجاهرة به. والمخاطرة موجودة دائما، لكن بغياب بيان أميركي واضح حول مستقبل هذه المنطقة، يبقى الخطر كبير جدًا.

(…) وتخضع حدود سوريا لسيطرة دول ومجموعات مختلفة، لكن الداخل السوري عاد إلى حد كبير لموالاة للنظام، سواء بإرادته أو لا. ويتوقع الكثيرون عودة النظام حتى داخل منطقة روج آفا الكردية. ولا يزال من غير الواضح كيف تخطط إدارة بايدن حول لتحديد وضعها في سوريا، وما إذا كانت ستدعم مبادرة اقتصادية أخرى مثل “دلتا كريسنت”. يقول أحد العمال أن “النفط لا يفيد الناس (…) وأن الكثير من المنتجات النفطية لا تزال تُرسل إلى مناطق النظام خلافا لما قد يدور في أذهان الأميركيين.”

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً