السياسة تتحرك… تحت طاولة كرة القدم

محمد شمس الدين

مشاركة المنتخبات الشرق أوسطية والعربية في كأس العالم، خلقت جدلاً حول ربط السياسة بالرياضة، بسبب الخلافات الحاصلة بين الدول، تحديداً عند جماهير المحاور في المنطقة، السعودي – الايراني والشرقي – الغربي، بحيث انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي منظرون، يحاولون الضغط على الجماهير عبر التركيز على الخلافات بين الدول. بدأ الأمر مع مباراة المنتخب الايراني، التي أخذت طابعاً سياسياً عند الجماهير العربية، تحديداً لدى الجماهير العراقية واللبنانية، واستمر الأمر حتى مباراة السعودية، التي اتخذت الطابع السياسي عند الجماهير اللبنانية والسورية تحديداً، وربما أكثر من المباراة الايرانية كون السعودية حققت فوزاً كبيراً ضد الأرجنتين. ولكن هل هذا الأمر محصور بالجمهور العربي؟ أم أن خلط السياسة بالرياضة هو أمر اعتيادي؟

الاعلامي الرياضي مازن نعيم اعتبر أن هناك جدلية قائمة في موضوع خلط السياسة بالرياضة، وقال لـ “لبنان الكبير”: “فلننظر إلى توزيع منتخبات كأس العالم، هو توزيع غير عادل، فلمَ يتأهل من أوروبا 13 أو 16 منتخباً، بينما أفريقيا 5 وآسيا 4؟ هذا سببه تواجد الاتحاد الدولي في أوروبا وضغط السياسة الأوروبية عليه، مما يعطي أفضلية لأوروبا.”

أما عن تعاطي الفيفا مع الأحداث السياسية، فرأى نعيم أنها تتعاطى بطريقة ازدواجية، موضحاً أنه “إذا كان الموضوع متعلقاً بفلسطين أو أي قضية عربية، فتمنعه الفيفا، أما إذا تعلق الأمر بالحرب العالمية الثانية أو حرية المثليين، أو مثل التضامن مع أوكرانيا الدي يحصل مؤخراً، فتسمح به الفيفا، بل كادوا أن يضعوا الأمر عنواناً لمونديال هذه السنة لولا الاحراج مع القطريين، وأنه يقام على أرض عربية.”

وأكد أن “السياسة والرياضة خطان متوازيان مهما حاولوا إبعادهما عن بعضهما البعض يلتقيان مثل المغناطيس.”

أما المحلل الكروي محمد صعب فأشار الى أن “معظم الأمم والبلاد الرائدة في عالم كرة القدم حاولت فصل السياسة عن اللعبة، منذ بدايتها في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، ربما نجحت عملية الفصل في العديد من البطولات لا سيما العالمية، لكن لم يتمكن أي من البلاد أو الاتحادات من فلترة السياسة عن كرة القدم كلياً، بحيث نرى أن الداعم الأول للعديد من الفرق هي أحزاب سياسية، أو رئيس أتى من خلفية سياسية، أو حتى نهج سياسي معين، على سبيل المثال لا الحصر، لم نر ميلان في عظمته إلا عندما أشرف عليه رئيس الوزراء الايطالي الأسبق سيلفيو برلسكوني. وتأثر العديد من البلدان بدخول السياسة معركة الرياضة بحيث استغلت الدنمارك بعض هذه التخبطات ودخلت بطولة أوروبا عام 1992، وأحزرت البطولة بقفازي شمايشل الأب، وتوالت الأحداث إلى أن وصلنا الى استغلال الدوريات الأوروبية الكبرى لسرق التعاطف مع أوكرانيا، مع العلم أن فلسطين لم تلقَ أي تعاطف منذ العام 1948، فباؤهم تجر وباؤنا لا تجر.”

ولفت صعب الى”أننا بتنا في زمن تتحرك فيه السياسة تحت طاولة كرة القدم وتحرك الكثير من تفاصيلها، على أمل عدم الوصول الى طريق مسدود وفرض السياسة على مجتمع كرة القدم.”

إذاً، السياسة والرياضة مختلطتان فعلاً شاءت الشعوب أم لا، ولكن الشعوب العربية تكفيها الانقسامات والخلافات في ما بينها، والتي يعود بعضها إلى جذور تاريخية، ويجب على كل عربي أن يفرح لفوز فريق عربي آخر، مهما كان ضد سياسته، فالسياسة هي للحكام وليس الشعوب، وليس هناك خلاف أيديولوجي بين الشعوب العربية، وربما كان أفضل مثال على ذلك عضو المكتب السياسي لحركة “أنصار الله” اليمنية، ضيف الله الشامي، الذي نشر تغريدة بارك فيها للمنتخب السعودي، معتبراً أن الفوز أعاد الاعتبار الى الكرة العربية.

شارك المقال