لبنان يقترب من لقب “فنزويلا الشرق”

حسين زياد منصور

منذ العام 2019، ولبنان يعاني من أزمة اقتصادية ومعيشية تعد الأسوأ في تاريخه، الى جانب انهيار قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي وشحه من خزينة الدولة والبنوك التي احتجزت أموال المودعين وفرضت قيوداً مشددة على سحوباتهم، وبعدما كان يلقب بـ “سويسرا الشرق” أصبح اليوم على أعتاب لقب “فنزويلا الشرق”.

منذ أشهر والعديد من الخبراء يحذرون من النموذج الفنزويلي، اذ تواجه فنزويلا منذ ثمانينيات القرن الماضي أزمة تضخم كبيرة، لكنها في الأعوام الماضية عانت من الانهيار الشامل لقيمة عملتها الوطنية. وعلى الرغم من أنها كانت إحدى أغنى دول القارة الأميركية خلال فترة الثمانينيات، الى جانب امتلاكها أكبر احتياطي نفطي في العالم، إلا أن اقتصادها كان معتمداً في غالبيته على هذه الثروة الهائلة، على الرغم من تنوع الموارد.

أدت أزمة النفط العالمية وانهيار الأسعار الى كارثة غير متوقعة، واتخذت الحكومة حينها اجراءات قصيرة الأجل واشتراكية تعتمد على الدعم المباشر والاعتماد أكثر على النفط وحده، فضلاً عن الفساد المستشري والصراع مع الأميركيين والاصطفاف الى جانب المحور الشرقي.

انهار الاقتصاد الفنزويلي وارتفع التضخم بصورة كبيرة وانهارت العملة الوطنية وارتفعت الأسعار بصورة جنونية وسريعة، ما أدى الى مجاعة حقيقية وندرة في المواد الأولية والأساسية الضرورية ونشوء طوابير البنوك ومحطات الوقود وغيرها، وتسبب ذلك بانعدام الأمن وشيوع الجريمة ولجوء حوالي ٤ ملايين فنزويلي إلى الدول المحاذية وعيشهم في ظروف شديدة الصعوبة.

اما لبنان فلا يملك النفط للانتاج والتصدير، أو موارد معينة أو الزراعة أو أي شيء فضلاً عن الصراعات والحروب التي تحاصره في سوريا وفلسطين والعراق، في الوقت الذي يعتمد فيه على الاستيراد فقط.

يوضح الخبير في الديون المتعثرة أحمد قاسم في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن ما جرى في فنزويلا من الفساد ومحاولة تثبيت أسعار المواد الأساسية أدى الى استنزاف كل الاحتياطي الأجنبي من العملات لديها الى جانب طبع العملة كما يحصل في مصرف لبنان، الذي يسحب الدولار من السوق ثم بعد ذلك يرفض الشراء فينخفض سعر الصرف، من هذه النقطة هناك تقارب مع فنزويلا.

ويقول: “فنزويلا لديها بترول لكن الحصار الأميركي حرمها من أمور عدة أبرزها شراء القطع اللازمة للإنتاج وهو ما أثر عليها، ووصلت الى مرحلة انهيار كبير في العملة الوطنية مقابل الدولار، حتى استبدلت العملة، وانهارت العملة الجديدة كذلك، اذ لم تكن هناك سياسات للحد من الفساد”.

ويرى أن “أكبر خلل في لبنان هو الفساد، وإن حاربناه أولاً يمكن أن تصطلح الامور، وفي حال انتخاب رئيس وتشكيل حكومة مع القليل من التوافق هناك بعض الآمال، الفرق بيننا وبينهم أننا نمتلك عدداً كبيراً من المغتربين الذين لهم دور كبير في إدخال اموال ضخمة الى لبنان وبالعملة الصعبة”.

ويؤكد أن “انهيار العملة في فنزويلا فاق ٣٠٠٠% ، فلن نصل الى نموذج فنزويلا، ولكن من الممكن في حال طباعة المزيد من العملة الوطنية في مصرف لبنان أن يصل الدولار الى ١٠٠ ألف ليرة ، لكن لم نصل بعد الى دولار يساوي ٥ ملايين ليرة لبنانية، إضافة الى أن لبنان يختلف عن فنزويلا كثيراً فعلى سبيل المثال، الدول العربية لم لن تترك لبنان على مدى سنوات كما أن لديه ما يقارب ١٤ مليون مسافر ومغترب غالبيتهم تقوم بإرسال الأموال الى عائلاتها، فمن كانت لا تكفيه ٤٠٠ دولار قبل ٣ سنوات أصبحت اليوم تكفيه”.

ويلفت الى وجوب “عند دراسة أي حالة، درس كل الجوانب المحيطة الاقتصادية والسياسية والدول المجاورة، في فنزويلا الحصار الأميركي مستمر، اما في لبنان فأمن المنطقة وإسرائيل ضروري ومن المهم عدم زعزعة الأمن في المنطقة”، محذراً من “أننا نقترب من النموذج الفنزويلي بشدة لأن إستمرار الوضع على هذه الحالة كارثة كبيرة”.

شارك المقال