المنافسة محتدمة على إفتاء البقاع… ومحسوبيات سياسية “بالدق”!

راما الجراح

١٨ يوماً تفصلنا عن إنتخاب مفتيَيْ زحلة والبقاع، وراشيا. يتفق جميع المطلعين على الجو الانتخابي على أن مركز إفتاء البقاع يعتبر أهم منصب بعد مفتي الجمهورية نظراً الى الاعتبار الذي يكنه أهالي المنطقة لهذا المنصب حتى أنهم يعتبرونه أهم مرجع ديني وسياسي يمكنهم اللجوء إليه وإستشارته في أمور كثيرة مِن مختلف المذاهب والطوائف. وقد أحدثت وفاة المفتي خليل الميس فراغاً كبيراً بعد أن ترك بصمة كبيرة في كل المجالات منذ توليه منصب الافتاء عام ١٩٨٥ حتى وفاته عام ٢٠٢١، ومهما كان من سيخلفه رصيناً وشجاعاً، سيبقى ثوب الميس فضفاضاً عليه وعلى كل طامح الى هذا المنصب مهما علا شأنه.

المنافسة اليوم هي بين ٤ مرشحين فعليين على منصب افتاء زحلة والبقاع هم: القاضي طالب جمعة، القاضي عبدالرحمن شرقية، الشيخ علي الغزاوي والشيخ خالد عبد الفتاح، وقد استبعد ترشيح الشيخ يحيى عراجي و الشيخ خالد الحسن لأنهما لم يبلغا السن القانونية للترشح (٤٠ سنة). ولكن من المنطلق القانوني، أكد مصدر مطلع على ملفات المرشحين لموقع “لبنان الكبير” أن “هناك أحد المرشحين (زبطت معه) على الرغم من بلوغه سن الخامسة والستين منذ أشهر عدة وقبل طلب ترشحه، ولكن قانونياً وعملياً يجب أن لا يكون قد تخطى هذا العمر ولو بيوم واحد لأن المفتي المحلي ينبغي أن يقضي في هذا المنصب ٥ سنوات فعلية قبل أن يصبح في عمر السبعين”.

القانون واضح، المادة ٦ من القانون الاشتراعي رقم ١٨/١٩٥٥ تنص على أن مفتي الجمهورية ينتخب لولاية تنتهي ببلوغه سن الثانية والسبعين على ألا تقل في مطلق الأحوال عن خمس سنوات، ففرض أن يكون لديه عند توليه المنصب خمس سنوات كاملة، والمفتي المحلي تنتهي ولايته في سن السبعين وقد ذكر ذلك في المادة 36 في الفقرة ب، والمادة 32 نصت على أنه يشترط ويطبق في انتخاب المفتي المحلي ما يشترط ويطبق في مفتي الجمهورية وفقاً للمواد التي سبقت، وبالتالي فإن المادة 6 المذكورة سابقاً والشروط المذكورة فيها تطبق على المفتي المحلي وهو شرط الخمس سنوات في أي حال من الأحوال، وبذلك يجب أن يكون المرشح للإفتاء المحلي لم يتخطَ الخامسة والستين.

وأكد مصدر موثوق أن “المرشح نفسه الذي إستطاع المواربة على القانون بالاستعانة طبعاً باللجنة القضائية في المجلس الشرعي الاسلامي الأعلى لأن بدونها لا يمكن تمرير أي مخالفة، ومعروف عنه قربه من خط سياسي يمكن أن يعطيه (دفشة) أمامية في هذه الإنتخابات، ويمكن أن يكون ترشحه في الاساس بناءً على طلبهم “.

المنافسة علي منصب إفتاء زحلة والبقاع تشتد يوماً بعد يوم، والمرشحون الأربعة يقومون بجولاتهم على الناخبين الذي يبلغ عددهم ٥٦ ناخباً في البقاع. حتى اللحظة الكفة لم تُرجح لأحد، وكل ما أُشيع من أخبار وصور توثق أن المفتي الميس كان يفوض صهره في اللقاءات الخارجية والمحلية ليست جديدة ولا غريبة والجميع على علم بها، ولا يمكن اعتبارها كنزاً يمكن أن يعطي الأفضلية لطالب جمعة لنيله هذا المنصب، ففي النهاية من يؤتمن على مؤسسات أزهر البقاع الأغلى والأحب والأهم على قلب المفتي الميس، والذي سعى طوال حياته الى تطويرها وإثبات وجودها هو (القصة كلها) وأعني به الشيخ علي الغزاوي. لا يمكن لأحد طمس هذه الحقيقة أو الاحتيال عليها بطريقة أو بأخرى، وغالبية الأحاديث التي تدور في المجالس الضيقة اليوم أن هناك تسوية يمكن أن تحصل بين ليلة وضحاها وتقلب الموازين لصالح أحد المرشحين.

أما بالنسبة الى منصب إفتاء راشيا، الذي لا يزال فارغاً منذ وفاة المفتي أحمد اللدن، أي منذ نحو ٥ سنوات، فهناك ٢٤ ناخباً في هذا القضاء ستوزع أسماؤهم على ٣ مرشحين هم: الشيخ جمال حمود، أيمن شرقية ووفيق حجازي. وأكدت معلومات لموقع “لبنان الكبير” أن المنافسة هي بين حمود وحجازي، ولكن الكفة تميل حتى الآن إلى حمود، لأن العلماء الناخبين في منطقة بكا مسقط رأس حجازي منقسمون بينهما، وهذا يرجح أن يأتي حمود مفتي اًعلى راشيا في ١٨ كانون الأول الجاري.

بعد كل هذه المعلومات والتوقعات، يبقى الأمل في أن تكون هذه الانتخابات نزيهة ومنصفة، بعيداً عن كل المحسوبيات السياسية والتجاوزات القضائية والقانونية، وأن يأتي أشخاص قدوة للأمة لا مقبرة لها.

شارك المقال