وعند “المرشد”… الخبر اليقين!

ياسين شبلي
ياسين شبلي

جملة واحدة نطق بها المرشد الايراني الأسبوع الماضي ضربت وأسقطت كل ما يقوله “المسؤولون” عندنا من مرشدين و”بطاركة” دينيين وسياسيين عن الوضع اللبناني الداخلي ومن ضمنه إنتخاب رئيس جديد للجمهورية. جملة واحدة أعلن فيها “المرشد” صراحة بأن لبنان يعتبر من ضمن عدة دول عربية جزءاً من العمق الاستراتيجي لايران، وبأن المعركة فيه ساهمت في منع أميركا من التعرض لايران وضربها. جملة حسمت الجدل وأكدت المؤكد أن عند “المرشد” الأكبر الخبر اليقين في موضوع الرئاسة في لبنان، وليس في مسرح الساحة 11 في ساحة النجمة، كما وأظهرت الحجم الحقيقي للذين يتنطحون للمسؤولية في هذا البلد وهشاشتهم “وقت الجد” على الرغم من كل عنترياتهم التي يمارسونها على “رعاياهم” اللبنانيين.

لم نسمع صوتاً واحداً من هؤلاء “القادة” ينبس ببنت شفة أو حتى كلمة للرد على كلام المرشد الذي بات يصح فيه لقب “مرشد إيران والشرق العربي”. فجأة بردت الرؤوس الحامية وصمتت الألسن السليطة وكأن الأمر لا يستحق العناء، أو كأنه بات من المسلمات. أين دعاة الحرية والسيادة والاستقلال، العاجزون حتى الآن عن توحيد رؤيتهم للبنان المستقبل، أم أننا بحاجة كلبنانيين الى زلزال آخر بحجم 14 شباط 2005 حتى نتكتل ونتوحد حول هدف تحرير لبنان من الوصاية الأجنبية أياً كانت ولو بالحد الأدنى؟ أين دعاة التحرر من الإمبريالية والإستعمار والإحتلال الذين يبدو أن لديهم نوعين من الإمبريالية واحدة بسمنة صعبة الهضم، وأخرى بزيت سهلة الهضم وخفيفة على “معدتهم” الممانعة؟

أين ممثلو الشعب في المؤسسات الذين يكتفون بدور “الكومبارس” الصامت في مسرحية “البحث عن رئيس” على مسرح ساحة النجمة، متسلحين بورقة بيضاء أو “صفراء” يضعونها في صندوق الفرجة، أم أولئك الذين يمارسون الغباء عندما ينتخبون في كل مرة الشخص نفسه بالأسلوب نفسه والخطوات نفسها من دون أي معطى جديد ويتوقعون مع ذلك نتائج مختلفة كما يقول أينشتاين، أو “الجنس الثالث” الذين لا يعرفون ماذا يريدون ولا كيف ولا متى، بل يتسلون بطرح أسماء أو شعارات لا طائل منها بإنتظار الوحي من أولي أمرهم في مكان ما في هذا العالم؟

ومع ذلك إن كنتم عاجزين – وهذا مؤكد – عن حل معضلة الوصاية لأنها أكبر منكم ومن إمكاناتكم، بعد أن خسرتم في سوق المراهنات بين الكبار على طاولة اللعب في “كازينو العالم”، فطرحتم الوطن رهينة حتى تسددوا ما عليكم من مستحقات، فأضعف الايمان أن “تشتغلوا على قدكم” كرؤساء بلديات أقله، وتحاولوا أن تساعدوا هذا الشعب المنكوب بالطائفية والمذهبية والزبائنية السياسية، أن تساعدوه في تنظيف المجاري حتى لا يغرق في “شبر مي” كما حصل في عاصمة الموارنة – ما دمتم لا تفهمون سوى لغة الطوائف – جونية مؤخراً، وكما سيحصل لاحقاً في عاصمة السُنة بيروت، وعاصمة الكثلكة زحلة، وعاصمة الشيعة الضاحية الجنوبية حين يفيص نهر الغدير بـ”خيراته” على المواطنين. أضعف الايمان أن تعملوا لاستعادة – وبأي طريقة كانت – ولو جزء من أموال الناس المتبخرة من البنوك بدل ترك الأمور تأخذ منحىً مأساوياً، عندما يتمكن البعض من “تحرير” أمواله بالقوة أو بالبلطجة لا فرق، بينما نعجز ونحن الأغلبية الصامتة الضعيفة التي لا حول لها ولا قوة عن ذلك، لأننا لا نريد اللجوء إلى هذا الخيار، وإن أردنا لا نعرف وإن عرفنا لا نستطيع لأننا مسالمون ولسنا متعودين على هذه الأساليب، بل نركن إلى “القانون” في بلد جعلتموه غابة القوي فيها يأخذ حقه بيده، والضعيف فقط هو من يلجأ إلى القضاء والقانون كما قال أحد كباركم يوماً.

فشلتم في الحفاظ على الوطن وسيادته، كما فشلتم في الحفاظ على المواطن وحقوقه، إنكم وبحق مجموعة من الفاشلين الذين يقودون مجموعات من “العميان” بفعل التعصب والجهل، لذلك ليس من المستغرب أن تكونوا بحاجة إلى “مرشد” يقودكم ويقودنا معكم – للأسف – لنجد عنده كلما دقت ساعة الحقيقة “الخبر اليقين”.

شارك المقال