باسيل يرفع سلاح الأمن الغذائي ضد بري؟

محمد شمس الدين

أهم سمات القائد الناجح هو اختيار أرض المعركة ووقتها، فمن يختار المكان والزمان المناسبين، هو منتصر حتماً، أما إذا اختار المكان والزمان الخاطئين فالهزيمة حتمية لا محالة، ولذلك ترى “التيار الوطني الحر” يتلقى هزيمة تلو الأخرى، ويعيش حالة من التخبط الدائم، اذ عدا عن شنه عدة معارك على أكثر من جبهة في الوقت نفسه، فهو أسوأ من يختار مكان المعركة وزمانها، فهل من عاقل يخوض معركة صلاحيات كرسي رئاسة الجمهورية، ويكون ثمنها التضحية بالمرضى، من مرضى السرطان والكلى؟ ولا يكتفي رئيس “التيار” جبران باسيل بهذا الأمر، بل تراه اليوم يخوض معركة ضد رئيس مجلس النواب نبيه بري في أخطر ملف هو الأمن الغذائي، فماذا يجري في وزارة الزراعة؟

المدير العام لمصلحة الأبحاث العلمية الزراعية ميشال أفرام يماطل في تسليم هيئة الشراء العام مناقصة شراء بذور القمح الطري في ما يبدو أنها محاولة لافشال وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن في اتمام الخطة الوطنية لزراعة القمح، وفق ما رأت مصادر متابعة في حديث لموقع “لبنان الكبير”، وقالت: “يبدو أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قرر استعمال سلاح الأمن الغذائي، ومحاربة الفقراء بلقمة عيشهم، عبر توجيهه المدير العام لمصلحة الأبحاث الزراعية ميشال افرام لتعطيل مناقصة شراء القمح الطري من منظمة أكساد تحت حجج واهية، وهنا لا بد من التساؤل هل يحاول باسيل تسجيل فشل على حركة أمل في وزارة الزراعة؟”.

من جهة أخرى، أكدت مصادر مطلعة لـ “لبنان الكبير” أن “الوزير الحاج حسن عندما بدأ بإعداد لجان لدراسة إمكان زراعة القمح في لبنان، عارض افرام متحججاً بالناحية الفنية، وقال في حينه إن الأراضي اللبنانية لا يمكن أن تزرع قمحاً، ولكنه عاد وتراجع عن هذا القول، عندما أشار الى أنه يمكن زراعة القمح على الأراضي اللبنانية، فما سبب امتناعه في البداية؟ هل هناك تجار قمح محددون مقربون من خطه السياسي يريد لهم أن يستفيدوا؟ وهل يمكن لافرام أن يشرح لنا لماذا يقود التعطيل منذ أشهر، ليوصل القطاع إلى مرحلة لا يمكن الاستمرار فيها بزراعة القمح، وذلك بسبب وجوب زراعة البذور قبل منتصف كانون الأول، لأن البذور عندها تتعرض للسبات الشتوي، ما يمنع عملية التفريخ قبل بداية الربيع المقبل، فيصبح الانتاج بحدوده الدنيا، هذا إن حصل الإنبات أصلاً؟”.

أضافت المصادر: “كما جرت العادة لا حواجز ولا خطوط حمراً في أدبيات جبران باسيل السياسية، فهو السياسي الوحيد الذي يضرب عرض الحائط بمصالح جميع خلق الله ويقدم مصالحه وحساباته الشخصية عليها، حتى لو عنى ذلك منع لبنان من زراعة القمح الطري لصناعة الخبز، وكل ذلك من أجل توجيه رسائله المعتادة الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، هذا إذا ما افترضنا أنه ليست هناك صفقات فساد تحيط بالملف، ويبقى السؤال من المستفيد مادياً ومعنوياً من هذا التعطيل المتعلق بأهم ملف، الأمن الغذائي؟”.

حاول موقع “لبنان الكبير التواصل مع افرام للوقوف عند رأيه، إلا أن خط هاتفه كان دوماً إما مغلق، أو يفصل تلقائياً كأنه في حالة “Divert”.

منذ بدء الحرب الروسية – الأوكرانية، تتسابق دول العالم الى حل ملف واحد، هو الأمن الغذائي لمواطنيها، وفي هذا الملف تنسى الأحزاب صراعها على السلطة، بل حتى أن المعارضة تساهم مع السلطة في تأمين الغذاء لمواطنيها، لأن هذا يعتبر خطاً أحمر، إلا في لبنان لا يزال “تيار جهنم” يخوض معاركه السياسية بدماء اللبنانيين، هذا إذا كان الأمر متعلقاً فقط بمعركة إفشال حسم في ملف، وليس هناك بعض المحظيين الذين يستفيدون من تجارة القمح، يؤدون قسطهم للباب العالي للمحافظة على امتيازاتهم. ويبدو أن مصير اللبنانيين سيبقى معلقاً بطموح صهر الجمهورية السابق، الذي حشا إدارات الدولة بأدواته التعطيلية، وستحتاج إلى سنين لتطهيرها منها.

شارك المقال