التقارب بين “القوات” و”التيار”… بعيد

هيام طوق
هيام طوق

جلسة مجلس الوزراء الأخيرة التي أحدثت الكثير من البلبلة حولها، بدت وكأنها قسمت البلد طائفياً بحيث أن الكتل المسيحية خصوصاً الكبرى منها أي “الجمهورية القوية” و”لبنان القوي”، اعترضت عليها لكن كل من موقعه، ومن مقاربته الخاصة. ففي حين يعتبر “التيار الوطني الحر” أن اجتماعات الحكومة المستقيلة غير دستورية وغير شرعية وغير ميثاقية، وأنها ليست أقل من سطو على موقع رئاسة الجمهورية عن سابق اصرار وتصميم في ظل الشغور، وهي لم تنل ثقة المجلس الحالي، ترى “القوات” أن حكومة تصريف الأعمال تجتمع وفق الدستور، لكن حصراً اذا ارتبط جدول أعمالها بقضايا ملحة وطارئة وضرورية، وبرنامج الجلسة الأخيرة كان فضفاضاً جداً بحيث أن القضايا الملحة لا تصل الى هذا الكم الهائل من البنود، ولا يجوز أن تعقد جلسات دورية وكأنه ليس هناك من شغور في البلد. مع التأكيد أن الخلاف حول هذا الموضوع ليس له أي طابع طائفي انما دستوري بحت.

وتقاطعت مواقف الأحزاب المسيحية أيضاً من الجلسة التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري لمناقشة العريضة الاتهامية في حق وزراء الاتصالات السابقين نقولا صحناوي، بطرس حرب وجمال الجراح، والتي كان من المقرر عقدها أمس، وتأجلت في ضوء المقاطعة المسيحية.

وأكثر من ذلك، فقد صرح بعض نواب “التيار” بأنهم يطمحون الى التوافق والتلاقي مع “القوات” و”الكتائب” بما يخص رئاسة الجمهورية، وأن الرد على الجلسة الوزارية سيكون في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية اليوم، اذ ليس مستبعداً أن يختار بعض النواب التصويت للنائب ميشال معوض لايصال رسالة مضادة الى “حزب الله” الذي في حال لم يستدرك الأمور، فإن التوجه نحو التصعيد في الخيارات السياسية. واذا كان البعض يضع مواقف “التيار” في اطار الزكزكة لا أكثر ولا أقل، فإن هناك من يقول ان النائب جبران باسيل الذي لم يبلع تبني الحزب ترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية مع احتمال تسميته قريباً والتخلي عن الورقة البيضاء، سيصوّب خياراته الرئاسية في اتجاه آخر، وإن كان ليس باتجاه معوض تحديداً، فنحو اسم آخر قد تقبل به القوى المسيحية المعارضة.

وفي حين أن هذا التقارب بين “القوات” و”التيار” لا يزال مبطناً، وضبابياً الا أن كثيرين يعوّلون عليه رئاسياً بحيث تتجه الأنظار نحو بكركي علّها تنجح في جمع الأقطاب المسيحيين، والافادة من الظروف المستجدة، ربما يتفقون على اسم لرئاسة الجمهورية لانهاء حالة الشغور التي تشرّع الأبواب على الاصطفافات الطائفية والتفسيرات الدستورية. مع العلم أن بعض النواب من قوى الموالاة يرمي كرة تعطيل انتخاب الرئيس في ملعب المسيحيين بسبب انقساماتهم، ويقول انه في اللحظة التي يتفق فيها المسيحيون على اسم للرئاسة الأولى، يصبح هناك رئيس للجمهورية.

أشار النائب نزيه متّى في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن “ليس هناك من تقارب مع التيار الوطني الحر، لا من تحت الطاولة ولا من فوقها، وحين يحصل التقارب مع أي فريق، سنعلن عن ذلك وبصوت عال”، مؤكداً “أننا على استعداد للتواصل مع أي فريق مؤمن بسيادة لبنان حريص على الدستور ودولة القانون. وما حصل حيال الجلسة الوزارية الأخيرة هو تلاق بيننا وبين التيار الوطني الحر، كل من زاويته من دون أي تنسيق مسبق”. واعتبر أن “من الطبيعي أن يلتجئ التيار الى سياسة الانفتاح على القوى المسيحية المعارضة لأنه بات معزولاً حتى من حلفائه. بغض النظر عن ذلك، نحن على يقين بأن الحل الأمثل لقيام البلد هو بمشاركة كل مكوناته، لكن وفق رؤية موحدة لمستقبل لبنان، فكيف يمكن التوافق بين أفرقاء يختلفون على المشروع السياسي، فريق مصّر على لبننة المشروع وآخر مرتبط بالصراعات الإقليمية؟ نحن على استعداد للانفتاح على الجميع، لكن ضمن الشروط التي يمكن أن تؤدي الى انقاذ البلد”، لافتاً الى أنه “لا يجوز مقاربة الموضوع إنطلاقاً من مصالح خاصة أو تسويات آنية، إنما على الهدف الذي هو مصلحة لبنان ومصلحة لبنان وحده”. وشدد على أن “مرشحنا هو النائب ميشال معوض، ونحن ثابتون في هذا الترشيح”.

ورداً على سؤال عما إذا كان توافق المسيحيين على إسم هو الحل، أجاب متى: “الاشكالية ليست في الاسم بل في المشروع. ففي سنة 2016، تم التوافق على اسم لرئاسة الجمهورية، وكانت فرصة لانقاذ البلد، لكن الممارسة والكيدية والتناحر والمحاصصة بين أطراف السلطة والكثير من الأمور الأخرى خربت البلد ووصلنا الى ما نحن عليه. هذا يعني أن الاسم ليس هو المهم بقدر أهمية المشروع والهدف والرؤية، فالاسم هو نتيجة. والأهم من كل ذلك، أن يكون لدى الجميع الارادة والنية لبناء البلد، وتسهيل مهام الرئيس لوضع خطة إنقاذية وعكس ذلك يعني خراباً أكثر وفقراً أكثر وإلى جهنم أسرع وأسرع”.

ورأى النائب أسعد درغام “أننا دخلنا في مرحلة جدية بعملية تسمية مرشح مدعوم من التيار، وهناك اتجاه الى التسمية، ولا نعرف ان كان سيتبلور هذا الاسم في جلسة الغد (اليوم) أو أنه يتطلب نقاشاً الى الأسبوع المقبل”، مذكراً بـ “أننا منذ فترة، ندعو الى التقارب مع الأطراف المسيحية، والجلوس سوياً لأننا أم الصبي بما يخص موقع رئاسة الجمهورية. التلاقي ضروري جداً حتى لو لم نتوصل الى اتفاق، لكن لا شيء على أرض الواقع الى اليوم.”

وأوضح “أننا نتواصل مع القوات كأشخاص وكنواب في المجلس، لكن على الصعيد الرسمي ليس هناك من جديد. ونتمنى أن نتوافق معهم على اسم معين لرئاسة الجمهورية”، آملاً “أن يقوم البطريرك الراعي بمبادرة، ونحن سبق ودعونا الى تأليف لجنة حوار بين القوات والتيار والكتائب، لنتناقش في الملفات التي تهم المسيحيين، وعلى رأسها ملف انتخاب الرئيس، لكن لا خطوات عملية الى اليوم مع العلم أن حزب الكتائب أبدى رغبة في التواصل، وكان منفتحاً. على القوات أن تقتنع بأن لا بديل عن الحوار مع التيار الوطني الحر”.

وأشار النائب محمد خواجة الى أن “من حق التيار الوطني الحر أن يصوّت لمرشح أو بورقة بيضاء في جلسة الغد (اليوم)، وسبق أن صوّت بعض نوابه في جلسات سابقة، لأسماء معينة”، معرباً عن اعتقاده أن جلسة اليوم “ستكون شبيهة بسابقاتها من حيث المشهد والنتيجة لأنه لا يمكن أن ننطلق من الفرضيات نفسها، ونتوقع نتائج مختلفة”. وقال: “اذا لم نتفاهم، فلن نصل الى مرحلة انتخاب رئيس للجمهورية، واذا تفاهمنا اليوم، ننتخب غداً، ولكي لا تطول مرحلة الشغور الرئاسي، فلنذهب فوراً ككتل نيابية الى الحوار الذي ينادي به الرئيس نبيه بري”.

شارك المقال