الجلسة التاسعة… احتواء المناورة بين “الحزب” و”التيار”

هيام طوق
هيام طوق

لم يكن يختلف اثنان على أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في نسختها التاسعة ستكون من حيث نتيجتها كسابقاتها، لكن كان من المتوقع أن تكتسب بعض الدلالات المختلفة على خلفية التوتر بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” اثر جلسة حكومة تصريف الأعمال، بحيث لفت عدد من المسؤولين في “التيار” الى أن الرد على الجلسة الوزارية الاثنين سيأتي في الجلسة النيابية الخميس حتى قيل إن كل الخيارات واردة ومن بينها تصويت عدد من نواب تكتل “لبنان القوي” لصالح النائب ميشال معوض أو الاتفاق على اسم ما، والتخلي كلياً عن الورقة البيضاء.

وفي هذا الاطار، أكد أحد نواب التكتل لـ “لبنان الكبير” أن قرار التصويت بإسم قد اتخذ، لكن لم يكن لدينا المتسع من الوقت خلال اليومين الماضيين للتوافق على شخصية نصوّت لها في جلسة الأمس، ولا بد من أننا في الجلسة المقبلة سيكون لنا مرشح، وسنصوّت له على أمل أن يحظى بقبول غالبية الكتل النيابية.

على أي حال، انعقدت الجلسة أمس من دون جديد يذكر أو أن تكون هناك أي مفاجأة على صعيد التصويت، اذ بعد فرز أصوات الدورة الأولى، أتت النتائج كالتالي: 39 صوتاً لميشال معوّض و39 ورقة بيضاء و5 أصوات لعصام خليفة و9 أصوات لـ”لبنان الجديد” و1 “لأجل لبنان” وصوت واحد لزياد بارود وصوت واحد لصلاح حنين و3 أصوات لبدري ضاهر وصوت واحد لفوزي أبو ملهب وصوت واحد لـ”التوافق” وصوت لـ”معوّض بدري ضاهر” و4 أصوات ملغاة. وقبل الدورة الثانية، طيّر نواب 8 آذار النصاب، وحدد رئيس مجلس النواب نبيه بري، جلسة الخميس المقبل على أن تكون الأخيرة هذا العام، متمنياً أن يوافق الجميع على الحوار لتحويلها الى جلسة للحوار.

وفي قراءة حسابية لعدد أصوات “الورقة البيضاء” فقد تراجعت من 52 إلى 39 صوتاً ما يعني أن عدداً من نواب تكتل “لبنان القوي” لم يصوّتوا بالطريقة المعتادة بحيث برز صوتان حملا إسم “ميشال” وصوتان حملا إسم “معوض” بهدف ايصال رسالة اعتراضية على مواقف الحزب الأخيرة.

وفيما بدأ وضع الخلاف بين “التيار” و”الحزب” في اطار التبريد لتدارك التداعيات، لفت بيان “حزب الله” تعليقاً على المؤتمر الصحافي الذي عقده النائب جبران باسيل وعلى التصريحات الصادرة عن أوساط “التيار”، وأوضح فيه أنه “لم يقدّم وعداً لأحد بأنَّ حكومة تصريف الأعمال لن تجتمع إلا بعد اتفاق جميع مكوناتها على الاجتماع، ولم يقدّم وعداً للتيار بأنه لن يحضر جلسات ‏طارئة للحكومة إذا غاب عنها وزراء التيار، لذلك، فإنَّ الصَّادقين لم ينكُثوا بوعد وقد يكون التبسَ الأمر على الوزير باسيل فأخطأ عندما اتّهم الصَّادقين بما لم يرتكبوه”، معتبراً أن “مسارعة بعض أوساط التيار الى استخدام لغة التخوين والغدر والنكث خصوصاً بين الأصدقاء، هو تصرّف غير حكيم وغير لائق”.

ورأى النائب محمد يحيى في حديث لموقع “لبنان الكبير” أنه “كان من المفروض أن يحصل بعض التفاهم والتشاور، وهذا ما نسعى اليه، ومن دون ذلك، لا الورقة البيضاء ولا الأسماء المطروحة ولا الشعارات التي يتم التصويت لها ستوصل الى انتخاب الرئيس. وعدنا الرئيس بري بأنه سيقوم بشيء ما في وقت قريب على أمل التوصل الى انتخاب الرئيس”، لافتاً الى أن “مستجدات الأيام السابقة، شكلت محور الاجتماع الذي حصل بين التيار والحزب بعد الجلسة”.

وقال الوزير السابق فارس بويز: “شئنا أم أبينا، الوضع الداخلي مرتبط بالحالة الخارجية، وطالما الوضع الاقليمي ليس في حالة حرب ولا في حالة سلم ولا في حالة اتفاق انما لا يزال في حالة تفاوض ولم ينضج بعد، فإن الفرقاء في لبنان الذين بمعظمهم مرتبطون بالحالة الخارجية، غير جاهزين لاختيار الرئيس”. وأكد أن “ما يزيد الطين بلة أن الحلفاء في الداخل، بدل أن ينظروا الى الوضع الوطني ككل، كل طرف ينظر وفق مصالحه التكتيكية. البعض منهم لا يريد أن يختلف مع حلفائه ولا يريد أن يحسم موضوع رئاسة الجمهورية مع علمه أنه لا يستطيع المجيء بمرشح من قبله، لكن لا يمكن أن يقول لمرشحيه ذلك، فيترك المجال لهم ليكتشفوا أن هناك استحالة لوصولهم”.

أضاف بويز: “على الرغم من كل ما يحصل، فإن انتخاب الرئيس لم يتخط بعد الحالة المناوراتية والتكتيكية انما ينتظر اللحظة الاقليمية. اما الوضع الاقليمي فذاهب نحو التدهور، وعندئذ نخشى عدم انتخاب الرئيس في المدى المنظور واما أن يذهب الى نوع من الهدنة، وحينها ستأتي الاشارة التي تطالب الأطراف في الداخل بالذهاب نحو مرشح توافقي فعلي وليس بمعنى أن يأتي رئيس لا طعم ولا لون له. قد تظهر أسماء جديدة تشكل حالات توافقية اذ ليس لدى أي فريق القدرة على إيصال مرشح تحدٍ، كما أن معظم الجهات لا تريد هذا النوع من المرشحين. الباب مفتوح لهذا المناخ الاقليمي الذي يمكن أن يصل الى مهادنات”.

ولاحظ أن “المناورات تتغلب على عملية المصلحة الوطنية التي تحدد انتخاب الرئيس. لا شك في أن الفتور أو الاشتباك بين التيار والحزب يعقد الأمور. الحزب غير متحمس لأن يخسر حليفه الذي أمّن له غطاء مسيحياً لسنوات، كما أن التيار ليس سهلاً عليه أن يعزل نفسه. لذلك، العلاقة بين الطرفين متوترة من دون أن تصل الى حد الانشقاق أو الاختلاف النهائي”.

وأشار الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي الى أن “عاصفة التيار العوني التي أطلقها رئيسه قبل يومين، تلاشت بسرعة قياسية بحيث بدأ يمهد الطريق للعودة الى بيت الطاعة لدى الحزب، والبرهان ما حصل في الجلسة، فبعد أن كان رئيس التيار لوّح بالخروج من الورقة البيضاء، اذا به يعود الى الالتزام بها مع خروق شكلية محدودة تثير السخرية السياسية أكثر مما تحمل مدلولاً أو معنى سياسياً. لذلك، فالجلسة التي أعقبها اجتماع بين رئيس التيار ورئيس كتلة الحزب وبعض النواب من الطرفين، جاءت لختم مرحلة التصعيد واعادة عقارب الساعة والبوصلة السياسية بينهما، ودائماً تحت شعار تصحيح ورقة التفاهم أو تطويرها. وهذا العنوان هو في الحقيقة خال من المعنى السياسي لأن أي تطوير أو تصحيح حقيقي لهذه الورقة يجب أن يبدأ من البند العاشر الذي يشكل العصب والمحور الأساس للتفاهم بينهما أي اسناد كامل ومطلق لوظائف سلاح الحزب داخل لبنان وخارجه، وطالما أن أي تصحيح أو تطوير لهذه الورقة لا يتناول هذا العطب الخطير، فإن أي تصحيح آخر، وفي البنود التسعة الأخرى، لن يكون له أي جدوى أو ترجمة عملية في السياسة وفي الخيارات الوطنية والاستراتيجية”.

ورأى أن “تلويح التيار بإسم معين لرئاسة الجمهورية في الجلسة المقبلة لا يعني في السياسة أي جديد، فربما ينضم اسم آخر الى الأسماء التي تنشر يميناً ويساراً، وهي أكثر من 5 أسماء لا توحي بالجدية اللازمة باستثناء الترشيح الوحيد الذي يحمل معنى وطنياً وسياسياً أي النائب ميشال معوض بغض النظر عن الرقم الذي يحصده في كل جلسة”، معتبراً أن “كلام بعض نواب التيار عن التحضير لطرح اسم ليس سوى من باب التكتكة السياسية في أكثر من اتجاه نحو الخصوم ونحو الحلفاء في آن معاً. وهذا الأمر، لا يغير في الوضع المخجل الذي فرض على المجلس النيابي، والدليل على هذا الخجل السياسي هو اهمال رئيس المجلس لكل مطالب الفريق المعارض كي يقوم بدوره، ويطلب من الكتل عدم تعطيل النصاب وصولاً الى انتخاب رئيس للجمهورية”.

ووصف بيان الحزب الصباحي بأنه “كان في جوهره احتوائياً أكثر مما هو تصعيدي، والدليل ما جرى في الجلسة : أولاً، في التزام التيار العوني بالورقة البيضاء أي ورقة الحزب عملياً. وثانياً، الاجتماع الذي حصل بين الطرفين بعد انتهاء الجلسة”.

شارك المقال