مشكلته أنه لا يحب الشراكة

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

فعلاً نحن، اللبنانيين، ما بيعجبنا العجب. نولول ونصرخ لأن البلد في فراغ حكومي ولأن عقدة التشكيل باتت أشبه بكرة نار تلتف حول الجميع وتفاقم الأزمات. شعب دلّوع لا يرى مزايا الوضع الذي يعيش فيه ويتحسّر على توافه الأمور.

تعالوا نحكي بصراحة وبلا قفازات. أين المشكلة إذا كان البلد بلا حكومة؟ أليست هناك حكومة حسان لتصريف الأعمال؟ ولماذا تعب القلب بالتكليف من أساسه؟ ولماذا المناصفة؟ لماذا الانتخابات؟ هذه تفاصيل لبلدان غير محظوظة تحاول تسيير أمورها بما تيسر لديها من أناس طيبي النية، لكن الله حرمها من النعمة التي حبانا بها والتي جعلتنا أو ستجعلنا قريباً جداً مسخرة الدول المفجوعة.

وأي نعمة. رئيس بالكل. رئيس للكل. رئيس له كل الحقوق، المسيحية والسنية، ولولا السلاح الفائض لكن شمل الشيعة بنهمه للسلطة.

رئيس قادر على الإمساك بكل الدولة. لا يحتاج سوى “مختالين” حوله يهمسون له بالشؤم ويصفقون له.

لماذا حكومة؟ ألا يدير فخامته بكفاءة منقطعة النظير حكومة دياب كأنها “مجلس عوني”. ألا ترونه كالطاووس وهو يرأس مجلس الدفاع الأعلى كأنه “المجلس التنفيذي للعهد العوني”. مجلس يطيع ولا يزعج.

ألم تروه كيف حل لكم مشكلة الدولار تبع الـ3900 ليرة. لم يبالِ بقرار مجلس شورى الدولة، ولا بمرسوم المصرف المركزي. شطبهما هكذا بكل بساطة. أصلاً لماذا هذه المؤسسات؟ والويل لاحقاً لكل من يترحم على “العهد الشهابي”.

وأنتم تتحدثون ليلاً ونهاراً عن مشاكلكم، لكنكم بسبب أنانيتكم لا ترون ما يفعله من أجلكم. لا ينام ولا يرتاح مشغولاً باجتماعات مع أصحاب الشأن ومفاتيح الحلول.

مثلاً مثلاً فخامته استقبل مؤخراً رئيس جمعية أعضاء جوقة الشرف في لبنان السفير الدكتور خليل كرم، الذي أطلعه على نشاطات الجمعية في الحقلين الاجتماعي والثقافي، وعرض له التحضيرات الجارية للاحتفال بمئوية الجمعية في شهر تشرين الأول المقبل. ويتزامن هذا الحدث مع نهاية المئوية الأولى لولادة لبنان الكبير.

ربما إذا استمر عهد فخامته سيتزامن الاحتفال مع “موت” لبنان الكبير الذي نعرفه وربما ولادة “سورنان”.

ننسى نحن “الرعايا” أن الأزمات التي تجتاحنا قديمة قدم حروب الجنرال الداخلية. والآن نريد بأيام أو أسابيع أن ينقذهم الجنرال – الرئيس منها بعدما استفحلت بسبب الفساد الذي شارك به تياره في سلسلة حكومات.

 لا يعجز فخامته عن حل أي مشكلة مهما استعصت، لكن مشكلته أنه لا يحب الشراكة في القرار وفي الحقوق. القرار له وحده من دون أي شريك، من أي فئة كان.

سيحفظ التاريخ مكاناً سامياً لـ”العهد العوني”. سيقرأ أحفادنا أن “رئيساً” بلغت به شهوة السلطة حد أنه جاء بشعار استعادة حقوق المسيحيين فحرم كل اللبنانيين من حقوقهم وحرق مستقبلهم.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً