انقسام في الكتل المسيحية… حول مفاهيم الحوار 

آية المصري
آية المصري

يحكى في الآونة الأخيرة عن ضرورة قيام حوار جامع لكل الكتل النيابية تحديداً من أجل التوافق على رئيس للجمهورية في ظل الفراغ القاتل المهيمن على اللبنانيين. وحاول رئيس مجلس النواب نبيه بري في دعوته الأولى الى الحوار قبل أن تلقى رفضاً واسعاً تسليط الضوء على أهميته، ثم دعا مجدداً الى تحويل الجلسة العاشرة لانتخاب رئيس للجمهورية الى جلسة حوارية قبل الذهاب الى عطلة الأعياد.

وأمام هذا الحوار الجامع للكتل على إختلاف إنتماءاتها السياسية، عاد رئيس تكتل “لبنان القوي” النائب جبران باسيل ليتلطى خلف مظلة بكركي بعد خصامه مع حليفه “حزب الله”، ورأى أن البطريرك الماروني بشارة الراعي بإمكانه إدارة حوار مسيحي – مسيحي قبل الذهاب نحو تفاوض يؤمن غالبية لبنانية داعمة للمرشح الرئاسي. لكن بعض الأطراف رفض وساطة بكركي، فيما البعض الآخر لا مانع لديه من فكرة الحوار نظراً الى ضرورته في ظل ما يعيشه لبنان من أزمات وإنهيارات، كما حبذ فكرة الحوار الجامع لكل اللبنانيين. إنطلاقاً من هنا هل ستعلن بكركي رعايتها للحوار المسيحي – المسيحي؟ وهل سيعطل هذا الحوار دعوة الرئيس بري؟ وما رأي الأفرقاء المسيحيين؟

كشفت مصادر مقربة من حزب “الكتائب” لموقع “لبنان الكبير” أن أحد نواب “القوات اللبنانية” رفضت الكشف عن اسمه والنائب ميشال معوّض لا يريدان الحوار لإعتبارات عدة ويحاولان إقناع “الكتائب” بهذا الموقف. كما حاول “الكتائب” من جهته اقناعهما بأهمية هذا الحوار وضرورته ولم ينجح أي طرف في اقناع الآخر.

حنكش: الحوار أفضل من اللاحوار

وأكد النائب الياس حنكش أن “لا مانع من أن يكون هناك حوار لأهل البيت الواحد ترعاه بكركي خصوصاً وأنها قامت بهذا الدور مرات عدة، كما لا مانع من أن تقوم بكركي بحوار لكل اللبنانيين”، معتبراً أن “كل حوار يؤدي الى نتيجة أفضل من اللاحوار، فالبديل عن الحوار هو التشنج والفتنة والتوتر. اما بالنسبة الى دعوة الرئيس بري فتلقفناها كما الدعوة الأولى وسيتم التشاور داخل المكتب السياسي قبل إتخاذ القرار النهائي واعلانه”.

ورأى حنكش أن “الحوار يجب أن يحدث في هذا البلد المنهار والذي يعاني ما يعانيه اليوم، اذ يفيد هذا الجمود الذي نعيشه والكتائب اللبنانية لا ترفض مبدأ الحوار خصوصاً اذا كان يصب في نتيجة إيجابية لانتخاب رئيس، والمهم في جلسة الحوار التركيز على بند رئاسة الجمهورية”.

يزبك: الراعي لم يدعُ لحوار مسيحي – مسيحي

أما النائب غياث يزبك فأوضح أن “لا رفض في المطلق لدعوة الرئيس بري الأخيرة ولكن يجب التذكير بمبادئ الحوار”، مشيراً الى أن “البطريرك الراعي لم يدعُ الى حوار مسيحي – مسيحي ولا يجب الدخول في الفرضيات، ولا أحب أن تتورط بكركي في حوار سبق وأجرته وقامت برعاية حوارات عدة لم تؤدِ الى نتيجة وأسباب نسفها معروفة. وبالنسبة الينا الحوار العريض المسيحي – المسيحي لا نضعه تحت هذا العنوان، وخلافنا ليس مع المسيحيين أو المسلمين بل مع فئة نتناقض معها في السياسة وفي النظرة الى لبنان وإدارته وفي نظرتنا الى السيادة وموقع لبنان في الدول العربية”.

وقال: “نحن مختلفين معهم لأننا لا نريد الدويلة وهم يريدونها، وبعدما اختلفوا بين بعضهم البعض منذ فترة شهدنا اعتذاراً كبيراً من السيد نصر الله الذي تبين أنه قاعد في قلب باسيل، وبالتالي على ماذا سنجلس وسنتفق معهم؟ وعلى ماذا سيكون الحوار؟ القصة مبدئية معهم وبالتالي هناك شرخ وطني عميق وليس مسيحياً”.

وشدد يزبك على “أننا لا ننسف الحوار ومنذ اللحظة الأولى للشغور الرئاسي وفي الأول من أيلول دعونا الى دورات انتخابية متواصلة لانتخاب رئيس للجمهورية، ولكن لا يمكننا التحاور على إسم، وباتوا يحرفون الحوار عن مقاصده الأساسية بلعبة ديموقراطية. ويجب أن يبقى صندوق الاقتراع القاسم المشترك بين الناس”، متسائلاً “لماذا أذهب الى حوار لن أتمكن من خلاله من أضاف: “ماذا يكون دور المجلس النيابي عندما يصبح الاتفاق خارجه ويتحول المجلس الى آلية تنفيذية لقرار سياسي خارج المجلس؟ هذا أيضاً له مخاطر كبيرة وهو نوع من الامتهان لكرامة المجلس وإستسهال لدوره وضرب لمفاهيم اللعبة الديموقراطية التي يجب أن تجري بأقصى تجليات الرقي للعبة الدستورية البرلمانية، خصوصاً وأننا كنواب إنتخبنا من خلال صناديق الاقتراع فلماذا لا نريد رئيساً للجمهورية بالطريقة والأسلوب نفسه؟”.

وتابع يزبك: “لا أشكك في النوايا، لكنني أملك الحق في أن يكون لدي خشية عالية جداً من أن هذا الحوار نوع من المناورة لشراء الوقت لأن فريق 8 آذار بقيادة حزب الله ليس لديه مرشح بعد ولم يحسم إسم مرشحه حتى هذه اللحظة. وبهذا تضرب اللعبة الدستورية وننسف مفهوم أنني أمتلك مرشحاً كامل الأوصاف وبات مطروحاً اسمه في تسع جولات انتخابية، فيما الآخرون لا يزالون يتخبطون في ما بينهم ليختاروا مرشحاً لم يتمكنوا من الاتفاق عليه”.

وأكد “أنا لن أقبل بالذهاب الى حوار عنوانه شراء وقت للآخرين لأنهم مختلفون بين بعضهم البعض، وبعد اجتماع التكتل سيصدر قرارنا النهائي بشأن دعوة الرئيس بري”.

اما في ما يتعلق بامكان ذهاب “الكتائب” نحو جلسة الحوار، فقال يزبك: “في حال ذهبت الكتائب الى الحوار فلن تتخلى عن مرشحنا ميشال معوّض والمؤكد أنها لن تقبل أن تتوقف عملية انتخاب الرئيس ريثما ينتج الحوار”.

خواجة: الشغور سيطول من دون حوار

واعتبر النائب محمد خواجة أن “فترة الشغور الرئاسي ستطول أكثر وأكثر من دون عملية التشاور والتحاور لانتخاب رئيس للجمهورية”، قائلاً: “الخميس اما سنكمل بالأسلوب نفسه المعتمد منذ حوالي 3 أشهر وتكون الجلسة رقم 10، ولكن في ظل عدم وجود التفاهم والتوافق سيكون مشهد الجلسة غير مختلف عن سابقاتها وهذا الأمر بات مملا للبنانيين من جهة وللنواب أنفسهم من جهة أخرى، أو أننا سنذهب الى المفيد والمتمثل بالحوار”.

وذكر خواجة بما أعلنه الرئيس بري بأن تكون جلسة حوارية يحضرها رؤساء الكتل النيابية أو مندوبون عنهم وليس بالضرورة حضور رئيس الكتلة لتتم المشاورة.

يستنتج من كل هذه الآراء أن بكركي تتريث قبل إعلان موقفها من الحوار المسيحي، وأن المشكلات والتعقديات داخل الكتل المسيحية النيابية تزداد، بحيث أن مبادئ الحوار باتت تختلف داخل أحزاب المدرسة الواحدة. فهل سنشهد تشتتاً في الأحزاب أم أنهم ستعيد حساباتها وتجتمع مجدداً على موقف واحد؟.

شارك المقال