جردة حساب للسفارة الايرانية… تغريدة أقوال بلا أفعال

آية المصري
آية المصري

أرادت ايران أن تنهي العام 2022 بجردة حساب علها تعوّم صورتها المشوهة بأفعال “حزب الله” في لبنان، فلجأت عبر سفارتها الى “تويتر” على الطريقة الترامبية ومن منصة أميركية لتخاطب اللبنانيين بقولها: “حاولت أن أساعدكم ولكن الأعداء رفضوا”، وهو الخطاب المتكرر الذي استخدمته منابر “حزب الله” لتبييض صفحة ايران في لبنان.

وكان واضحاً استهدافها شخص رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كمسؤول عن عدم إتمام المساعدات الايرانية تجاه لبنان، متهمةً اياه بأنه انصاع الى الخيار الأميركي. وتزامنت التغريدة مع عودة الرئيس ميقاتي من الرياض حيث التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهو لقاء نوعي بالنسبة الى ميقاتي الذي حرص في خطابه على الالتزام بمقتضيات نص بيان القمة الصينية – العربية التي شهدتها الرياض.

وأرفقت السفارة التغريدة بفيديو عن أبرز العروض الكهربائية التي قدمتها ايران “لدعم الشعب اللبناني الشقيق ومساعدته على الخروج من أزمته”، منذ العام 2009 الى العام 2022 وزيارة وفد تقني لبناني رسمي الى طهران للبحث في امكان الافادة من هذه العروض. وزعمت ايران أن المسار توقف بذريعة العقوبات الأميركية، متهجمة على الرئيس ميقاتي. وذكرت باستعدادها في العام 2009 بطريقة مكتوبة لتصدير الكهرباء الى لبنان، مروراً بالعام 2010 حين قدمت عرضاً لتأمين نحو ألف ميغاوات لسد كل احتياجات لبنان، وحينما عرض وزير الطاقة الايراني إقامة محطتين وإستجرار الكهرباء والتنقيب عن النفط في البحر، وفي العام 2012 عندما أعلن السفير الايراني غضنفر ركن أبادي بناء معمل كهرباء في لبنان، معتبراً أنه “اذا أراد لبنان أكثر فنحن حاضرون”. واتهمت السفارة أعداء لبنان بأنهم “عرقلوا ومارسوا الضغوط للحؤول دون وصول الأمور إلى خواتيمها الايجابية، تحت حجج وذرائع واهية. فهؤلاء لا يريدون مساعدة لبنان ويسعون الى منع الآخرين من تقديم المعونة”.

من هنا يطرح السؤال: هل تنسجم الرسالة الايرانية تجاه ميقاتي مع سياسة “حزب الله” الذي هزّ العلاقة بينه وبين “التيار الوطني الحر” من أجل إنجاح جلسة الحكومة وبالتالي حصول ميقاتي على مكسب سياسي قبل توجهه الى الرياض؟

مصادر مطلعة على سياسة “حزب الله” رأت عبر “لبنان الكبير” أن “إيران حاولت كثيراً مساعدة لبنان ولو نجحت في ذلك لكنا اليوم في أحسن حال وظروف”، معتبرة أن “هذه التغريدة جاءت في سياقها الطبيعي ولا بعد سياسياً لها، فايران كانت ولا تزال حريصة على لبنان وعلى عدم تعريضه أو تعريض مسؤوليه لعقوبات أميركية جديدة هم بغنى عنها”.

الجوهري: إستهلاك إعلامي

أما الشيخ عباس الجوهري فوصف هذه التغريدة بـ “الاستهلاك الاعلامي خصوصاً في ظل بدء الاهتمام العربي بلبنان وتحديداً بعد دعوة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى قمة الرياض”، مشيراً الى أنه “كان من الضروري أن تظهر إيران حضورها السياسي من باب المساعدات، مع العلم أن المشكلات الداخلية لديها تتفاقم في ظل التوترات والحصار والعقوبات الأميركية الموجودة وبالتالي الأوضاع فيها ليست جيدة”.

ولفت الى أن “ايران وحزب الله يحاولان القيام بشراكة مع العرب ولم يعد بإمكانهما الاستفراد بلبنان وبالتالي يرسلان اليوم إشارات ويطمحان الى تحسين العلاقات”، مؤكداً أن “الطرف السعودي غير جاهز لقبول عروض ايران وحزب الله، وبالتالي لا جهوزية عربية للشراكة معهما لأنهما تاريخياً لا يملكان المصداقية في التفاهمات”.

فياض: بيع كلام للبنانيين

وأعربت الكاتبة والأكاديمية منى فياض عن اعتقادها أن “هذه التغريدة بمثابة بيع كلام للبنانيين ولذر الرماد في العيون من أجل رفع معنويات شيعة حزب الله وللمزايدة على الحكومة اللبنانية”. وقالت: “نظراً الى ما يحدث في ايران من جهة ومعارضة الشعب الايراني للسياسة في الخارج ولدعمها سياسة حزب الله وحماس من جهة أخرى، نعلم أن هناك معارضة داخلية قوية والمظاهرات في ايران لا تكل ولا تمل وكلها اعتراض على تفقير الشعب الايراني ومصادرة حرياته واستخدام الدين والحجاب لتغطية سياستهم القمعية الأمنية في الداخل”.

وأوضحت فياض أن “لا أحد يمنع إيران من إدخال النفط المجاني الى لبنان، وفي السابق قالوا يريدون تأمين المازوت الايراني وإدخاله كهدية، ورأينا ما حدث من طريقة الشحن خارج لبنان وإدخاله بالصهاريج ومن دون جمرك ومن ثم بيعه بسعر أقل من سعر السوق”.

حاولت السفارة الايرانية جذب الأنظار اليها بعد الحديث عن قرب عودة لبنان الى حضنه العربي، لكن يبدو أن محاولتها هذه لم تلقَ ردود فعل إيجابية سوى لدى جمهور الممانعة، التي تعتبر أن إيران هي العين الساهرة الدائمة على لبنان لما فيه خيره ومصلحته.

شارك المقال