طرابلس تحتاج خطة أمنية قوية لانقاذ شبانها

إسراء ديب
إسراء ديب

فوجئ طرابلسيون منذ أيّام بحملة أمنية واسعة لم يرفضها مواطنون كانوا يرفعون الصوت باستمرار لدعوة القوى الأمنية الى القيام بواجباتها خصوصاً بعد تزايد عمليات النشل والسرقة، فانتشرت العناصر في الطرقات كما أقيمت حواجز ثابتة ومتنقّلة لفرض الأمن عبر خطّة أمنية تُشعر المواطنين بالارتياح، لكنّ الحقيقة أنّ الطرابلسيين يئسوا من هذه “التحرّكات” التي تأتي غالباً متأخرة، ولا تُؤدّي إلى نتائجها المرجوّة وذلك لسبيين:

أولاً، انّها خطط مؤقتة لا تزيد فترة تنفيذها عن ساعات معدودات فلا تستمرّ ولا تأتي حتّى بصورة دورية، بل تغيب لأشهر عدّة أو سنوات لتعود وتنفذ من جديد. أمّا السبب الثاني، وهو معروف فيكمن في عدم ثقة الطرابلسيين بهذه الخطط “الناقصة” التي تشوبها ثغرات عدّة ونقص فاضح، الأمر الذي يُفسّر وقوع جريمة قتل أدّت إلى إدخال المواطن عبد الله عيسى، ابن جبل محسن إلى المستشفى بسبب قيام أحد الأشخاص بإطلاق الرصاص على رأسه بقصد القتل العمد، وفرّ مسرعاً بدارجته النارية بعد مشكلة صغيرة لم تتطوّر إلى إشكال روتينيّ حتّى، بل إلى جريمة قتل مروّعة بسبب أفضلية المرور، وغيرها من الجرائم التي حدثت في اليوم نفسه الذي نفذت فيه الخطّة، أو غيره من الأيّام التي لا ترتاح فيها المدينة من التعدّيات الأمنية والخلل الأمني الواضح.

وقد تفتح هذه الجريمة سجالاً واضحاً عن السلاح غير الشرعي في البلاد، خصوصاً مع تفاقم ظاهرة إطلاق الرصاص العشوائي وتمددها ما يُؤدّي إلى سقوط ضحايا، لكن في الوقت الذي تُبدي فيه الأجهزة الأمنية “حسن نيّة” لا يظهر ولا يُنفذ إلّا في طرابلس، تُشير المعطيات إلى الضعف الأمني الذي يخترق هذه الأجهزة مع غياب دعم الدولة لعناصرها من جهة، وعدم جدّية التنفيذ كما ضعف الخطوات التي لا تُنظم بخطط واضحة تطبق على فترة زمنية محدّدة كما يجب من جهة ثانية، مع العلم أنّ الفاعلين والمسؤولين عن الوضع الأمني يُشيرون غالباً إلى أنّ الوضع الأمني ممسوك ولا يُقلق، في وقتٍ تلفت معطيات أخرى إلى احتمال حصول انفجار أمنيّ متوقّع، لا سيما وأنّ الأسلحة باتت في متناول الجميع تحديداً صغار السنّ بلا حسيب أو رقيب.

يُمكن القول إنّ ظواهر عدّة باتت تتحكّم بأحياء طرابلس القديمة وأزقتها، وهي ناتجة عن الغياب الأمني المتعمّد والظهور المفاجئ له من دون أيّ استراتيجية تتحكّم به، وأبرز هذه الظواهر مرتبط بآفة الادمان، السرقة والنشل وأخيراً القتل العمد أيّ الظاهرة التي غالباً ما كانت تُربط مباشرة بالارهاب أيّ السيناريو المعتاد لأيّ جريمة.

صراع الأجهزة وتهرّب المسؤولين

ووفق مصدر لـ “لبنان الكبير”، فإنّ “صراع الأجهزة الأمنية شمالاً أدّى إلى انقسام واضح لم يثمر بسببه أيّ تحرّك إيجابي لحفظ الأمن، حتّى بعد اجتماعات كان قد أجراها وزير الداخلية القاضي بسام مولوي مع هذه الأجهزة، وهذه الاجتماعات كانت تضع القوى الأمنية تحت تصرّف المواطنين لكنّها لا تتحرّك بالصورة الصحيحة، الأمر الذي يُفسّر التركيز غير المسبق على سيناريو الارهاب في وقتٍ لا تكشف فيه تفاصيل أيّ جريمة أو تحقيق بعد أيّ حدث أمني. فحين وقعت جريمة التل التي طالت ابن جبل محسن، ربطت مباشرة الجريمة بالارهاب والطائفية ولم نعرف شيئاً عن مضمون التحقيقات ومصيرها بتفاصيلها حتى اللحظة. ولا ننسى بعدها الفيديو الذي يُوثق تعرّض ثلاثة شبان طرابلسيين للتعذيب والصعق الكهربائي من عددٍ من الخاطفين وتهديدهم، وهم شادي (مطلوب) وخالد الزيات (ابنا عم بعمر 19 عاماً) وشاب آخر يُدعى زكريا العلي (30 سنة) الذي اتهم بجريمة التلّ وكانت الأجهزة الأمنية تبحث عنه، وكان وخالد على متن دراجة نارية أثناء الحادثة، التي نشر بعدها إعلامياً أنّهما في قبضة الجيش إثر مداهمة المخطوفين فيما لم يلقَ القبض على شادي. ومنذ فترة أصدر آل الزيات بيان شكر لحزب الله ومخابرات الجيش على إطلاق ابنهم شادي، بينما لم يُذكر خالد أو زكريا ولم نعرف مصيرهما ولم يُسأل عنهما”.

ويُضيف المصدر: “وفق معلوماتي فإنّ تسوية أمنية حصلت لـ (ضبضبة) الموضوع، لا سيما وأنّ أيّ حدث أو جريمة يسرّب فيها غالباً معلومات أو جزء من التحقيق لكن هذه الجريمة لم يتمّ التحدّث عنها خصوصاً من الاعلام الذي أشعل مواقع التواصل بأخباره، في ظلّ التهرّب الواضح للمسؤولين من الاجابة والحقيقة تحديداً وزير الداخلية الذي لا يعكس الواقع بتصريحاته التي تٌشير إلى استتاب الأمن في وقت تكثر فيه العراضات العسكرية فحسب”. ويعتبر أن “القادرين على إنجاز أفضل استعراض عسكري يُبرز العضلات الأمنية في البلاد، يتمكّنون من فرض خطّة أمنية قوية تُسهم في إنقاذ شبان طرابلس”.

شارك المقال