جنوب سوريا: الحصار يضيّق الخناق على آلاف العائلات

حسناء بو حرفوش

ترزح 11 ألف عائلة سورية في أحياء درعا البلد جنوبي سوريا تحت حصار القوات الحكومية السورية بدعم من روسيا، بعد رفض مقاتلين سابقين في الجيش السوري الحر تسليم أسلحتهم الخفيفة، بحسب ما نقل موقع “المونيتور” الأميركي المتخصص بقضايا الشرق الأوسط. ويعاني بالنتيجة آلاف الأشخاص من نقص في السلع الأساسية والأدوية، ما يهدد بكارثة إنسانية.

وبحسب المقال، “تعاني أسواق درعا البلد في محافظة درعا جنوب سوريا من الشحّ في المواد الأساسية والسلع المختلفة، بما فيها الأدوية والوقود والخبز ومياه الشرب، عدا عن الارتفاع الهائل للأسعار والانقطاع شبه الكامل للتيار الكهربائي، بسبب الحصار الذي فرضته الحكومة السورية. وكانت القوات الحكومية السورية قد فرضت في 24 حزيران حصارها على أحياء درعا البلد، عبر إغلاق الطرق التي تربط هذه الأحياء بمدينة درعا، على خلفية رفض الأهالي طلب القوات الروسية بتسليم 200 قطعة سلاح فردية صغيرة بالإضافة إلى 20 رشاشا آلياً من نوع “بي كي سي” ( BKC).

ترهيب الأطفال وكبار السن

وفي 27 حزيران، وجهت اللجنة المركزية في محافظة درعا، التي شكلتها المعارضة للتفاوض مع الحكومة، اتهامات لروسيا بالتخلي عن دورها كضامن لاتفاق التسوية لعام 2018 الذي تم التوصل إليه في جنوب سوريا بين المعارضة السورية والحكومة وبالضغط السكاني. ونُقل أن العماد الروسي الذي يعرف باسم “أسد الله” عمد لاستخدام كل أساليب الحصار والترهيب وهدد باستقدام تعزيزات من الميليشيات الإيرانية وإرسال طائرات حربية لبث الرعب في نفوس الأطفال والنساء وكبار السن. وسيطرت القوات الحكومية على محافظة درعا في تموز من ذلك العام وفرضت تسوية برعاية روسية. وتضمنت بنود اتفاق التسوية تسليم أسلحة ثقيلة ومتوسطة مملوكة لفصائل الجيش السوري الحر في درعا إلى الحكومة. لكن الحكومة تريد على ما يبدو تعديل شروط التسوية لتشمل الأسلحة الخفيفة أيضاً، بدعم من روسيا.

وفي هذا السياق، علّق عدنان مسالمة، عضو اللجنة المركزية في درعا، في 26 حزيران على موقع “فيسبوك” بالقول إن إغلاق المعابر وفرض الحصار يعدّان من جرائم الحرب التي يعاقب عليها القانون الدولي، رابطاً “الحجج غير الجوهرية التي يستخدمها الروس”، بأهداف الإضرار بالاستقرار الذي حققه مجتمعنا المحلي وحافظ عليه “. بدوره، أكّد عضو آخر في اللجنة المركزية هو الشيخ فيصل أبي زيد، في خطبة الجمعة بتاريخ 25 حزيران، أن النظام يعمل على خلق أزمات في درعا للتهرب من تنفيذ بنود التسوية. وفي الثاني من تموز، نظم نشطاء محليون اعتصاما في أحياء درعا البلد المحاصرة احتجاجًا على الحصار.

ونفت القوات الحكومية محاصرتها لدرعا البلد. خلال مقابلة في 26 حزيران على أثير الإذاعة المحلية الحكومية “شام أف أم”، ادعى رئيس لجنة المصالحة التابعة للحكومة، حسين الرفاعي، أن درعا لا تخضع لأي نوع من الحصار، مشيراً إلى أن الحكومة تقوم فقط بتصحيح التسويات السابقة، التي لم تكن عادلة. كما شدد في 6 تموز، في حديث لصحيفة الوطن المحلية على أنه (…) لا رجعة عن قرار تسليم السلاح.

مضايقة الطلاب والموظفين

وفي الإطار عينه، أخبر الناشط ربيع أبو نبوت، وهو ناشط من درعا البلد، “المونيتور” بأن “قوات النظام عزلت أحياء درعا البلد عن محيطها بالكامل من خلال الحصار الخانق. فما من سبيل للوصول إليها سوى من طريق واحد، وفيه نقطة تفتيش للنظام تمنع الناس من العبور، كما أن أمن النظام العسكري المسؤول هناك لا يتردد باطلاق النار على من يحاول الاقتراب. وأضاف: “الحصار صعب للغاية وتمنع نقاط التفتيش التابعة للنظام الطلاب من الذهاب إلى الجامعة لإجراء امتحاناتهم كما تعيق وصول الموظفين إلى مراكز عملهم”.

أسعار مضاعفة ولا دواء

وأشار أبو نبوت إلى أن “نقص الدواء يترجم أقسى ما في الحصار، حيث لا يتوفر في أحياء درعا البلد سوى مركز صحي واحد يقدم خدمات طبية لأكثر من 11 ألف أسرة محاصرة. وهو يعاني بالفعل من اكتظاظ بالمرضى، خصوصاً من كبار السن والأطفال، كما يعاني من صعوبة في تأمين الأدوية لمرضى الأمراض المزمنة، ولا تتوفر أدوية للمصابين بالسرطان أو أجهزة طبية لغسيل الكلى. كما يعجز عن تأمين الرعاية الصحية الكافية للنساء الحوامل خصوصاً بغياب الحاضنات الضرورية للأطفال الخدج “.

إقرأ أيضاُ: المونيتور: هل يستعيد داعش قوته في سوريا؟

بدوره، صرّح الصحفي عمر الحوراني لـ “المونيتور”: “اعتاد سكان درعا البلد على شراء المواد الغذائية والخضار والفواكه من أسواق مدينة درعا، لكن ذلك ما عاد ممكناً بسبب الحصار. وسجل ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية المتوفرة مثل الخبز والسكر. كما نخشى حدوث كارثة صحية وسط جائحة فيروس كورونا. إذا استمر الحصار، أتوقع كارثة إنسانية وستبقى هذه الأسر لتعاني من نقص في مصادر الدخل ومن تفشي البطالة “.

عقاب جماعي

أخيراً، أسرّ أحد سكان أحياء درعا البلد المحاصرة لـ”المونيتور” ، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، بأن أسعار المواد الغذائية والبضائع تضاعفت تحت الحصار، حيث ارتفعت أسعار البنزين وبالكاد تتوفر مياه الشرب. “كنا نؤمن مياه الشرب التي تصل إلى بيوتنا قبل الحصار، مرتين في الأسبوع لمدة ست ساعات، لكننا نحصل الآن على امدادات مياه الشرب مرة كل ثمانية أيام، ولوقت محدود جداً. وبالتالي، لا يمكننا تخزين كميات كافية من المياه. بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي بشكل شبه كامل عن أحياء درعا البلد. نحن نتعرض للعقاب الجماعي! إذا استمر هذا الوضع لفترة أطول، ستسنفد العديد من السلع الغذائية وحليب الأطفال والأدوية التي ما زالت متوفرة. وقد حاول بالفعل عدد من المرضى، وضمنًا النساء وكبار السن، الخروج من المنطقة، لكن حواجز النظام منعتهم من العبور. ويقدّر أن الحصار يضيق الخناق على أكثر من 50 ألف شخص حالياً”.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً