هذه أهداف طروحات باسيل

عاصم عبد الرحمن

تحت شعار “لا” لزعيم تيار “المردة” سليمان فرنجية و”لا” لقائد الجيش جوزيف عون يخوض رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل معركة وهم سياسي يتراءى له بأنه لا يزال بإمكانه صناعة عهد رئاسي يصرف أعمال الجمهورية ريثما تنضج ظروفه الرئاسية لاحقاً. فهل للحركة الباسيلية من بركة سياسية أم أنها مجرد رسائل فارغة متطايرة؟

بين الخارج والداخل يتنقل جبران باسيل عبر أجنحة طموحاته الرئاسية التي لم يقتنع بعد باحتراقها عشية انتفاضة 17 تشرين 2019. حمل طروحات سياسية غير قابلة للتنفيذ على اعتبار أنه بات جهة سياسية غير مخولة أو موثوقة لطرح مبادرات سياسية، وهو عندما يعلنها توافقية تصبح نكتة تتداولها معظم القوى الداخلية وحتى الخارجية.

إن الطرح الرئاسي الباسيلي الذي يسوق له جبران باسيل ينقسم إلى شقين:

– الأول يتعلق برئاسة الجمهورية وهو قدم لهذه الغاية ورقة تتضمن المواصفات التي يجب أن يتحلى بها المرشح التوافقي من خبرات سياسية إلى حنكة اقتصادية وقدرة على إعادة وصل ما انقطع مع العالمين العربي والدولي.

– الثاني يتمحور حول رئاسة الحكومة وهو بطرحه هذه النقطة إنما يسعى إلى دغدغة مشاعر بعض القوى السياسية السنية الطامحة إلى رئاسة الحكومة، ووضع لهذه الغاية برنامج العمل الحكومي وحدد مواصفات الوزراء المفترضين.

وبين هذين الطرحين هناك مطلب باسيلي واضح يتلخص في حصوله على تعيين كل من حاكم مصرف لبنان وقائد الجيش الجديدين وجملة تعيينات قضائية وإدارية وديبلوماسية وغيرها، باختصار يسعى جبران باسيل إلى بناء سلطة إنتقالية لست سنوات مقبلة ريثما يتمكن من رفع العقوبات الأميركية التي تثقل كاهله السياسي وتأمين مروحة توافق داخلي علَّه يبلغ مرحلة المرشح القوي لرئاسة الجمهورية.

وهو من أجل هذا الطرح حاول جاهداً إقناع الفرنسيين والقطريين بضرورة البحث عن مرشح رئاسي أو شخصية اقتصادية تعيد بناء ما تهدم، ولا شك في أن خياره التوافقي المزعوم إنما يمثله وزير المالية السابق جهاد أزعور على اعتبار أنه تكنو – قراطي غير سياسي لا يهدد مستقبله السياسي كزعيم تيار “المردة” الذي يخشى تمدده السياسي، وبالتالي قد يحد بشكل واضح من حجمه الحزبي والشعبي لما توفره رئاسة الجمهورية من إمكانات سياسية وشعبية هائلة.

كذلك الأمر بالنسبة إلى قائد الجيش جوزيف عون الذي قد يجد فيه عونيون كثر ملجأً لنزوحهم السياسي المتوقع على الصعد السياسية والشعبية والتنظيمية خصوصاً وأن الحالة العونية ولدت من رحم الجيش اللبناني.

جبران باسيل قدم عراضة سياسية تمايزية عن “حزب الله” ضارباً عرض الحائط بكل محاولات السيد حسن نصر الله لاقناعه بالسير في خيار سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وفق ضمانات يقدمها شخصياً، إلا أن الرفض الباسيلي كان يأتيه تسريباً مفتعلاً تارة وتصعيداً سياسياً تارة أخرى لعدم جرأته على مواجهة السيد بصورة مباشرة.

وفي سبيل الزكزكة السياسية راح يخيّم في بكركي لمنح طروحاته شرعية مسيحية، وهو لأجل ذلك يدفع الرئيس السابق ميشال عون إلى زيارة البطريرك بشارة الراعي لدفع مبادرته قدماً. كما عقد لقاءات مع قوىً سياسية اعتاد مجابهتها طيلة ست سنوات مضت كالحزب “الاشتراكي” وحركة “أمل” ملمحاً إلى عقد مزيد من اللقاءات السرية أيضاً ليقول لـ”حزب الله”: “بدونك أستطيع”.

ولا يزال جبران باسيل يسعى في السياق نفسه إلى عقد حوار مع أبرز خصومه “القوات اللبنانية” و”الكتائب” على اعتبار أنهم يلتقون حول خيار معارضة انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، إلا أن حساب الحقل الباسيلي لم يتطابق والبيدر القواتي – الكتائبي.

لا شك في أن جبران باسيل بات يشكل محرقة لأي مرشح رئاسي قد يطرحه، فاللاثقة به تتوسع مروحتها طبقاً لتجربة مريرة، ولكن إذا كان باسيل يعمل على تقطيع الوقت ليحين وقته وهو من أجل ذلك يعرقل وصول سليمان فرنجية إلى بعبدا، فهل ستفتح سوريا الوجهة الباسيلية المقبلة أبوابها أمام مَنْ يتسبب بتصدع محور المقاومة في لبنان؟

شارك المقال