البنزين الإيراني: إحراج للدولة والناس أم حل أزمة؟

راما الجراح

مَن منا يستطيع إنكار مساعي الأمين العام لــ “حزب الله” السيد حسن نصر الله، لإيجاد حل جذري للأزمة الاقتصادية التي تتفاقم يوماً بعد يوم في لبنان!. هو الذي خاطبنا بالدعوة إلى التوجه شرقاً نحو الصين التي كانت تنتظر إشارة منّا لإنشاء معامل للكهرباء، ونحو إيران التي كانت على جهوزية كاملة “لتفوِّلنا” بنزين ومازوت “ببلاش”، لكن لم يحصل أي شيء من ذلك، لا سابقاً ولا حالياً، فهو في خطابه الأخير منذ أيام، قال “إذا استمر هذا الوضع، نحن سنذهب إلى إيران ونحصل على البنزين بالليرة اللبنانية، ونأتي بها إلى مرفأ بيروت، ولن يمنعنا أحد عن ذلك”، فمن وقف أو منع “حزب الله” من مساعدة اللبنانيين، و”كسر الحصار الاقتصادي” بحسب تعبيره. فأي رسالة أراد نصر الله إيصالها إلى اللبنانيين!

الأمين: وعود السيد مثل بس ما خلونا

في حديث لــ “لبنان الكبير” علق رئيس تحرير موقع “جنوبية” علي الأمين على خطاب السيد بالقول: “نصرالله كان يسجل نقاطاً ليس أكثر، فكلامه أنه يريد استيراد محروقات من إيران مشابه لكلام سابق عن تعاون مع إيران لحل مشكلة الكهرباء، ومشابه لوعود دعم الجيش اللبناني بالسلاح، ودعم الشعب اللبناني بالمساعدات بس

ما خلّونا”.

ويضيف: “فرضاً إيران ستمد لبنان بالفيول، “حزب الله” باستطاعته إدخاله فمن يدخل سلاح وجنود إلى لبنان، لا تصعُب عليه هكذا مهمة، وعلى سبيل المثال، إذا كان همّ “حزب الله” موقف الدولة من ذلك، أُقدر أن حاجة الناس اليوم أهم من الموقف، وأقترح أن يستورد “حزب الله” فيول وغيره من المشتقات النفطية من إيران ونحن نؤيده في هذا الاقتراح، ولكن تقديري أن “حزب الله” لا يريد ذلك، هدفه فقط تسجيل موقف للقول اقترحنا عليكم حل لأزمة لبنان الاقتصادية والمالية وأنتم لم توافقوا عليها”.

من يريد خدمة الناس لا يحرجهم

وعن المساعدات الإيرانية وحل مشكلة الكهرباء، أوضح الأمين إلى أن “في السابق كان كل اقتراح عبارة عن مساعدات من إيران، أما عرض اليوم فهو استيراد مقابل مبالغ مالية، فإذا أردنا فتح موضوع وعود حل مشكلة الكهرباء، لماذا لا يقوم الحزب بإنشاء معمل يمد الضاحية الجنوبية بالكهرباء مثلا؟ أو منطقة بعلبك أو الجنوب؟ مَن سيمنعه أو مَن سيتجرأ على الوقوف بوجهه؟ واذا اعترضت الدولة على ذلك اعطوهم للدولة، فهذه تعتبر خدمة وسعياً منكم لحل مشكلة الكهرباء التي تطالبون بها، والمعنى من كل هذا الكلام أن الحديث عن استيراد نفط من إيران مجرد كب حكي، فعندما نصل إلى مرحلة عدم توفر بنزين بشكل نهائي في البلد ولا يوجد حل إلا بالبنزين الإيراني، لا أحد سيرفض هذا العرض، وجميع اللبنانيين باختلاف طوائفهم سيوافقون عليه، فمن يريد أن يخدم الناس ليس من الضروري أن يقوم بإحراجهم، أدخل الباخرة إلى لبنان، وساعدنا في حل مشكلة الكهرباء وحسان دياب والرئيس عون لن يقفا بوجهك، ونحن سنقول لك شكراً” .

الحل الحقيقي، بحسب الأمين هو “وجود دولة حقيقية تمسك بمفاصل السلطة والحدود، وتبسط سيطرتها على كل لبنان، عندها سنلقى من يقف إلى جانبنا، ولكن هذا ما لا يريده “حزب الله”، وهذا ما سيدفع بنا إلى الاستمرار في هذه الأزمة وإلى المزيد من التدهور”.

عبد الساتر: العرض الإيراني مهم

أما الصحافي والمحلل السياسي المقرب من “حزب الله” فيصل عبد الساتر، فيبرر بالقول: “هناك التباس كبير حول التفسير الحقيقي للدعوة التي تحدث عنها سماحة السيد، فهو دعا الدولة اللبنانية إلى أن تحسم أمرها في قضية المحروقات أو تقوم بأي شيء يجنب اللبنانيين مشهد الذل أمام محطات الوقود وحتى لا يكون هناك عتمة في لبنان، ودعا بطريقة أو بأخرى إلى وضع حد للمحتكرين الذين يستوردون المواد النفطية إلى لبنان ويتحكمون برقاب العباد، فإذا لم تحسم الدولة أمرها ولم تضع حداً للمحتكرين قال نحن كحزب الله نفاوض إيران لنستورد المازوت والبنزين ونأتي بها إلى مرفأ بيروت ولتمنعنا الدولة اللبنانية إذا استطاعت، وبالتالي إيران عرضت الأمر أكثر من مرة لكن الحكومات اللبنانية المتعاقبة رفضت ذلك، ويفترض بالحكومة اللبنانية اليوم أن تفسر الأسباب الحقيقية لهذا الرفض، خصوصاً أن العرض المطروح من إيران بأن يستورد النفط بالليرة اللبنانية وهذا أمر بغاية الأهمية، لأنه يوفر على لبنان العملة الصعبة التي تدفع بهذا الإطار”.

وأضاف: “هؤلاء الذين يقولون إن السيد حسن يريد أن يفرض أمراً معيناً في الداخل اللبناني، لماذا لا يقومون هم الذين لديهم صداقات وعلاقات مع دول نفطية عربية بهذه الاتصالات حتى لا نصل في لبنان إلى هذه الأزمة”، وبحسب تعبيره “لا يرحمون ولا يدعون رحمة الله تنزل على اللبنانيين. وكأن هناك إصراراً على أن يبقى البلد تحت هذه الأزمة”.

يكفي تذرعاً بالتهريب!

وبرأيه أن “السيد نصرالله خاطب الدولة المعنوية التي لا علاقة لها بالشخص، بل علاقتها بالمؤسسات، فلنعتبر أن هناك شركة جديدة مثلا تكون مع “حزب الله” أو غيره من الأطراف في لبنان، هذه الشركة تقوم بالاستيراد من إيران ونعتبر أن إيران بائع ولبنان زبون، ومن حق لبنان كدولة أن يأتي بالمشتقات النفطية إلى بلده من أي دولة كانت… فهل ممنوع على أحد في لبنان أن يفكر بطريقة تخرجنا من الأزمة، بالفعل هذا الأمر يستدعي الحيرة… لبنان فشخة عن إيران، لماذا ليس لدينا نية التفاوض مع إيران، ولا نسمح للشركات بالاستيراد خوفاً من العقوبات، ولا نسمح لشركة في لبنان تفتح عقداً مع إيران، فما المطلوب؟”.

ويبرر موضوع التهريب على سوريا بالقول: “حجم السوق اللبناني بالنفط لا يكفي مدينة في سوريا، يكفي تذرعاً بالتهريب، ولن يقف لا اليوم ولا غداً طالما هناك اختلال بالعملة الوطنية بين لبنان وسوريا وسيبقى قائماً سواء بالبنزين أو بالبسكويت، فالمادة التي تعود بالربح ترتفع وتيرة التهريب فيها. فيها، والكلام أن هذا التهريب ترعاه قوى سياسية، هو كلام ليس له أساس من الصحة، فإذا كانت القوى في لبنان على قناعة أن التهريب برعاية جهة سياسية، فلتتفضل الدولة اللبنانية بتنزيل بيان واضح أن هناك قوى سياسية ترعى التهريب وعلينا ملاحقتها”.

واعتبر أن “المشكلة الآن في البواخر والاعتمادات، ولأن النفط مدعوم ومصرف لبنان لا يعمل بآلية منتظمة، هناك حلقة مفقودة بين كل الأطراف وتنعكس سلباً بوجه المواطن اللبناني، فمشاهدة الطوابير أمام محطات الوقود وعدم الرضى بحل سريع فهذا عين الغباء وعين التآمر على اللبنانيين … حان الوقت لنضع النقاط على الحروف واذا أرادت إيران مساعدتنا وبالليرة اللبنانية فلتكن وإذا أرادت العراق مساعدتنا أو السعودية أو أي دولة أخرى يكتّر خيرهم”.

واقترح عبد الساتر على الذين يشككون بكلام نصر الله، “فلنمضِ معه للأخير، ولنوافق على النفط الإيراني على أن لا يحمل الدولة أي مشكلة أو عقوبات، السيد قال إنه قادر على التفاوض مع إيران بأن تأتي إلينا بمازوت وبنزين مكررين، وحدد مرفأ بيروت لإعطاء بُعد رسمي للموضوع، وإلا فهو قادر على تسمية مرفأ آخر في لبنان، فالبنزين للجميع ليس حكراً على أي طائفة أو حزب”.

بين طوابير الوقود والعتمة في لبنان واستيراد النفط الإيراني، هل سنصل إلى حل قريب أم أن كل ما يُذاع تطيّر فيوله والحسرة على الشعب.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً