الرئيس التوافقي بين بكركي والحزب!

عاصم عبد الرحمن

حلَّت الأعياد المجيدة وأزيلت في حضرتها القطيعة بين قيادة “حزب الله” والصرح البطريركي، فكانت لافتة زيارة الوفد الحزبي رفيع المستوى لمعايدة البطريرك بشارة الراعي ترجمةً لعودة العلاقات بين الطرفين مهد لها وزير الأشغال علي حمية منذ أيلول الفائت، ولا شك في أن انتخابات رئاسة الجمهورية كانت الطبق الرئيس على طاولة النقاش، فهل من تسوية رئاسية بين بكركي والحزب؟

بين دعوة الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله إلى عدم انتظار الخارج أو مفاوضات فيينا أو الحوار السعودي – الايراني والتوجه فوراً نحو التوافق على انتخاب رئيس للجمهورية، وبين تصريح رئيس المجلس السياسي في “حزب الله” إبراهيم أمين السيد عن أن لا فيتو للحزب على انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية شرط التوافق، شُرِّع باب التحليلات والتأويلات على مصراعيه حول احتمالية وجود مبادرة رئاسية قيد الاعداد بين كل من البطريرك الراعي من جهة وقيادة “حزب الله” من جهة أخرى محورها انتخاب رئيس توافقي للجمهورية خصوصاً وأن الحزب لا يزال يجهر بسلاح الورقة البيضاء ولم يجاهر بعد بحقيقة تمسكه بترشيح زعيم تيار “المردة” سليمان فرنجية للأسباب المعروفة ليس أقلها تأمين التوافق حوله ضمن البيت السياسي الواحد.

ويرى مراقبون أنه عندما يشيد “حزب الله” بمناقبية قائد الجيش العماد جوزيف عون ويؤكد ألا فيتو على انتخابه شرط التوافق حوله إنما يسعى إلى عقد تسوية سياسية ضمن سلة تفاهم متكاملة تشمل رئاستي الجمهورية والحكومة ليتحمل الجميع مسؤولية العهد الجديد، فهو لم يعد قادراً على تحمل انتخاب رئيس من لونه الممانع كالرئيس السابق ميشال عون يؤدي إلى انفجار الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين يديه بصورة نهائية، ولا يشترط سوى انتخاب رئيس لا يطعن المقاومة في الظهر.

وعن وجود مبادرة رئاسية محتملة قيد الإعداد بين كل من البطريرك الراعي و”حزب الله”، ينفي مصدر مطلع على مواقف بكركي عبر “لبنان الكبير” وجود أي كلام من هذا القبيل على اعتبار أن بكركي لا تساوم ولا تعقد تسويات مع أحد وأن جلّ ما يهمها هو انتخاب رئيس للجمهورية، كما أنها لا تضع فيتو على أحد وليس لها أي مرشح رئاسي.

في سياق آخر، هناك مَنْ يضع زيارة الحزب إلى بكركي في إطار الزكزكة السياسية وتوجيه الرسائل إلى رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل أن الغطاء المسيحي الذي يهدد بسحبه بين الحين والآخر – وكان واضحاً نصر الله حين توجه إليه بأنه ليس مجبراً على شيء – إنما يمكن تعويضه بإعادة مياه العلاقة إلى مجاريها مع رأس الكنيسة المارونية في لبنان وعبر البطريرك الراعي الذي نُقلت إليه تحيات السيد نصر الله.

بين توجيه الرسائل التي تتبادلها الأطراف السياسية يضيع اللبنانيون في المزيد من دهاليز الأزمات التي تتراكم يوماً بعد يوم في ظل مكابرة السياسيين على التوافق حول انتخاب رئيس للجمهورية عله يرسم أولى خطوات الخروج من قعر الإنهيار الواقع، فإلى متى ينتظر الداخل اللبناني الضائع تدخل الخارج المنشغل بملفاته عن لبنان؟

شارك المقال