تطوير إتفاق مار مخايل… “حزب الله” من يقرر مساره

آية المصري
آية المصري

“شرف للبنانيين أن يصل الرئيس ميشال عون ببندقية المقاومة” هذا التصريح للنائب نواف الموسوي من الصعب تخطيه خصوصاً وأنه إعتراف كامل من “حزب الله” بأنه لولا بندقيته لما وصل عون الشريك الى سدة الرئاسة، فهذه البندقية هي من أعطت “التيار الوطني الحر” هذا الحجم السياسي والقوة في مختلف أركان الدولة. وتصريح آخر يصعب تناسيه “هناك من يحاول النيل من ورقة تفاهم مار مخايل لكن هذا بعدهم، فهذه الورقة باقية باقية باقية طالما دامت الدماء تسري في عروقنا”، عبّر عنه النائب علي عمار منذ سنوات، معترفاً بأن إتفاق مار مخايل لن يكون عرضةً للابتزاز ولن يسقط مع حلفائهم.

إتفاق مار مخايل دام 17 عاماً حتى هذه اللحظة، وبالعودة الى هذا اليوم من العام 2006 نتذكر أن الأيادي صافحت بعضها على حساب مصلحة البلد، واعتلى ميشال عون كرسي الرئاسة ولو بعد حين، وعطل الحزب البلد وشل الحركة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية لأكثر من عامين من أجل الإتيان بعون رئيساً يحكمنا. وزارات ومقاعد لم يكن ليحلم بها “التيار” يوماً لولا هذا الاتفاق، اضافة الى سيطرته على مجمل مؤسسات الدولة ونشر فساده فيها وهدره للمال العام، ناهيك عن التعيينات بحسب أهواء الصهر جبران باسيل ورغباته.

وعلى الرغم من خلافات “التيار” مع غالبية الكتل النيابية، الا أن “حزب الله” كان الى جانبه دائماً وداعمه الأساس للخروج من كل مشكلاته وأبرزها خلافه الدائم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ووصفه له يوماً بـ “البلطجي”. وصحيح أن الحزب أمّن كل أحلام عون وباسيل ولكنه في المقابل حصل على صلاحية الحكم في الظل طيلة العهد الجهنمي، وأمّن له “التيار” الغطاء والشرعية المسيحية الوحيدة في البلد ولم يعترض على أساسياته الاستراتيجية، ولكن اليوم صارت الخلافات بين الطرفين حقيقية وخرجت الى العلن، بحيث أراد باسيل التصويب على ورقة مار مخايل والايحاء بأنهم يشككون بها ويريدون تطويرها. أما موقف الحزب فبات شبه معروف خصوصاً بعد تأكيده عدم التخلي عن هذا الاتفاق طالما أن باسيل لا يريد ذلك. وأمام كل هذا المشهد بدأ الحديث عن لقاء قريب سيجمع الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله بباسيل لتقرير مصير هذا التفاهم، فما مدى جدية هذا الحديث؟ وكيف يقرأ الطرفان المطالبة بتطوير التفاهم؟

درغام: التواصل مع الحزب لم ينقطع

النائب أسعد درغام أكد في حديث لموقع “لبنان الكبير” أنه لا يملك أي معلومات عن تاريخ اللقاء المرتقب بين باسيل ونصر الله، معتبراً أن “من الطبيعي أن تحصل مثل اللقاءات خصوصاً وأن التواصل مع حزب الله لم ينقطع”.

وأشار الى أن “موقفنا مبدئي لتطوير هذا التفاهم وتنقية كل الشوائب التي تحول دون تطبيقه، فنحن لدينا ملاحظات على سير عمله ومن أهم البنود عملية بناء الدولة والمؤسسات، وبالتالي اليوم ليس من الخطأ تطوير وثيقة التفاهم وإعادة صياغتها للمحافظة عليها وعلى حلفائنا، فيدنا ممدودة لكل اللبنانيين لأن هذا البلد محكوم بالتوافق ولا غنى عن التواصل والحوار مهما بلغ الخطاب السياسي”.

عز الدين: حريصون على بقاء التفاهم

اما نائب “حزب الله” حسن عز الدين فقال: “ليس لدي علم أنه تقرر أن يكون هناك لقاء بين السيد نصر الله وباسيل، وحالي مماثل لجميع من قرأ هذا الخبر عبر وسائل الاعلام وهذا اللقاء لا يمكن تأكيده”. وأوضح أن “الأجواء العامة ايجابية، والطرفين حريصان على هذا التفاهم لما فيه من مصلحة لهما، خصوصاً وأنه صمد ما يقارب 17 عاماً وكانت له آثار إيجابية جداً على الوضع ومصالح البلد”.

ولفت الى أن “الخطاب الأخير للسيد نصر الله أوضح من خلاله وبطريقة لائقة وفيها الكثير من الدلالات الأخلاقية والايجابية أن هذا التفاهم وما حصل كإشكالات تم تجاوزها، وهناك حرص من الحزب على بقائه طالما أنه يحقق هذه المصالح. وبالتالي فُتحت نافذة، ففي حال كان يشكل عند الطرف الآخر ضيقاً أو ضغطاً يمكن حينئذ تطوير العلاقة بطرق أخرى”.

ورأى أن “هذا المناخ الإيجابي يتيح الفرصة في أي لحظة أن يكون هناك لقاء سواء لتطوير هذا التفاهم او إبقائه أو توضيحه أو الاتفاق على آليات أخرى تساهم وتساعد في تطويره”.

الأمين: الحزب المايسترو الوحيد

وأكد المحلل السياسي علي الأمين أن “السيد نصر الله أوضح من خلال خطابه الأخير للتيار ولجبران باسيل أن الحزب من يقرر مسار هذا التفاهم وأنه المايسترو الوحيد في هذه العلاقة، وحاول الاشارة الى أن كل ما يتعلق بالبعد الاصلاحي الذي يتحدث عنه باسيل، باعوه منذ سنوات عديدة ومتفقون على هذا المبيع للحزب، كما أنه حاول أن يقول للتيار بأن الحزب قدم لباسيل وعون الكثير خصوصاً أنه جعل من هذا الأخير رئيساً للجمهورية ولا يمكنكم الحصول على المزيد”.

واعتبر أن “السيد نصر الله لم يظهر حرصه الشديد على هذه العلاقة، وكأنه يقول (ما كتير مشردقين) بالتيار الوطني الحر، لا سيما وأن الحزب تجاوز مرحلة الحاجة الى هذه العلاقة مع التيار التي كان عليها في السابق، مدركاً ضمناً أن باسيل بات يقبل بأي سقف منخفض لأن لم تعد له أي حاجة ملّحة”.

وشدد الأمين على أن “لا أفق لخروج باسيل من تحت مظلة الحزب وسيبقى يقدم بهلوانات إستعراضية، وفي حال أراد التيار بناء شروط جديدة لهذا الاتفاق ستكون شكلية، فموازين القوى اليوم لا تجعله هو من يضع الشروط، وبالتالي لن يكون هناك سوى بروباغندا للاشارة الى أن التفاهم باقٍ والعلاقة مستمرة”.

يتظهر من كل ذلك، أن الحليفين ليسا في وارد التخلي عن إتفاق مار مخايل طالما أن مصالحما المشتركة لا تزال قائمة وأساسية، على الرغم من أن الكلمة الأخيرة هي لـ “حزب الله”.

شارك المقال