هل “اتفاق معراب 2” وارد؟

محمد شمس الدين

لولا حزب “القوات اللبنانية” لما وصل ميشال عون إلى بعبدا، وبقي 6 سنوات، كل همه فيها تسمية عهده بـ “القوي”، ولولا اتفاق معراب لكان من المستحيل تقريباً أن يكون عون رئيساً للجمهورية اللبنانية، وبنود هذا الاتفاق كانت عبارة عن تقاسم النفوذ بين الحزبين اللدودين، ولكن ضرب بها عرض الحائط بعد مدة، ولم تستفد منه “القوات” كما أرادت، ما دفعها إلى شن حملات ضد العهد السابق، واتخاذ موقع معارضته. ولذلك بعد 6 سنوات من الكباش بين الطرفين، وعلى الرغم من دخول البلد اليوم في حالة فراغ، لا أحد يرى وجود إمكانية لأي نوع من اتفاق جديد، إلا أن هناك معلومات متداولة عن تحضير أرضية للقاء بين رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، وسيكون طبقه الأساس مقاربة الاستحقاق الرئاسي، تحت عنوان الدور المسيحي، فما صحة هذه المعلومات؟ وهل فعلاً يمكن أن يلتقي الخصمان؟

مصادر “القوات اللبنانية” نفت في حديث لموقع “لبنان الكبير” التحضير للقاء مرتقب مع التيار، مؤكدة أن “هذا الأمر غير وارد على الاطلاق”.

ولكن هل هناك دخان من دون نار؟

علم “لبنان الكبير” أن “التيار الوطني الحر” يعتمد على رفض “القوات” أن يكون رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية رئيساً، وبالتالي تتقاطع مصالحه معها. ولا ينفي كوادر التيار امكان أن يكون هناك لقاء بين الطرفين لمقاربة الاستحقاق الرئاسي حتى لو كانت مقاربة يختلفان فيها، والأهم أن لا يتم تخطي الحزبين في هذا الاستحقاق.

ورأت مصادر مواكبة أنه على الرغم من الخلاف العميق بين الفريقين، إلا أنهما يتفقان على شن المعارك من أجل “الدور المسيحي”، بغض النظر عما إذا كان هناك انتقاص منه أو لا، لأن ذلك قد يخسر الفريقين أهم ورقة ضغط بيديهما.

أما عن “حزب الله” ورأيه في حال التقى التيار و”القوات” وأحرجاه في ملف الاستحقاق الرئاسي، فلا تستبعد مصادر الحزب أن يحصل اللقاء، لافتة الى أن العلاقة بين الحزب والتيار ليست كما كانت من قبل، بل على الأرجح لن تعود كما كانت، وسيبقى الحزبان صديقين، ولكن الأمور مختلفة جداً الآن، والمشكلة ليست من الحزب كما عبّرت المصادر، بحيث أن التيار يريد تخييره بين العلاقة معه، والعلاقة مع الرئيس نبيه بري وحركة “أمل”، وإن تم تخطي هذا الأمر فالتيار أصبح يتهم الحزب بضرب “الدور المسيحي”، بسبب تغطيته عقد جلسات للحكومة، وكأن الحزب يقبل بجلسات صفقات أو ما شابه، لا جلسات ضرورية لتسيير أمور الناس، وهذا الأسلوب في محاولة لي ذراع الحزب من حليف، غير مقبول، وكان له أثر كبير على العلاقة بين الفريقين، والحزب لا يعمل وفق المصالح الضيقة وطموح أشخاص، وهو يزين الأمور وفقاً لاستراتيجية شاملة.

وقللت المصادر من قيمة لقاء الحزبين، مشيرة الى أن الجو الاقليمي غير مؤات لانتخاب رئيس للجمهورية في هذه الفترة، حتى لو كان اللقاء على مستوى “اتفاق معراب 2″، فلن ينجح في إنتاج حل وانتخاب رئيس، ولن يحصل الحل في لبنان قبل أن تكون الظروف الاقليمية مؤاتية لذلك، تحديداً أن الأفرقاء في الداخل، يرفضون أي نوع من الحوار الداخلي، لانتاج رئيس صنع في لبنان.

عام 2016، كان حلم ميشال عون الرئاسي بعيداً، عندما رشح الرئيس سعد الحريري سليمان فرنجية للرئاسة، إلا أن خوف جعجع من رئاسة زعيم شمالي، يمكن أن تؤثر عليه، دفعه إلى ترشيح خصمه اللدود عون، وحاول فرض شروط عليه عبر بنود اتفاق وقع عليه الطرفان، وربما كانت حسابات “الحكيم” يومها خاطئة، فلم يتوقع أن ينقض التيار الاتفاق، ولم يعر اهتماماً لرفض مكونات عدة في البلد توليه هو بنفسه الرئاسة بعد عون، أو حتى أن يكون هو صانع الرئيس المقبل، ولكن الظروف تغيرت اليوم، فلم يعد ثنائي مار مخايل كما كان سابقاً، والتيار يعاني من أزمات داخلية عدة، وربما يستطيع باسيل تقديم ضمانات لجعجع، عنوانها الحفاظ على “الدور المسيحي”، وقد يكون لبكركي دور في جمع الخمصين اللدودين.

شارك المقال