الدولة تصفع طرابلس مجدداً وتسلبها “السكانر”

إسراء ديب
إسراء ديب

وجهت الدّولة اللبنانية ضربة قاسية وصفعة جديدة لمرفأ طرابلس، وهو المرفق الاقتصادي الوحيد الذي ما زال قادرًا على النهوض بالمدينة واقتصادها، وذلك بعد اتخاذها قرارًا بنقل “سكانر” الذي يضمن الدقة في العمل والكشف من مرفأ المدينة إلى مرفأ بيروت.

حماس ضاهر وانكشاف اللعبة

اتخذت القوى الرسمية هذا القرار، وظهر البطل الهمام وهو النائب ميشال ضاهر بشكلٍ مفاجئ ليتبرع دون أن يطلب أحد منه، ودون أيّ دعوة رسمية بإصلاح السكانر الموجود في المرفأ لنقلها فيما بعد إلى مرفأ العاصمة. ربما غاب عن مخيّلة ضاهر، أنّ “السكانر” الموجود في المرفأ تعمل بشكلٍ طبيعي وكان الجمارك قد قام بإصلاح ثغراته من قبل، وفق ما يقول مصدر من إدارة المرفأ لـ “لبنان الكبير”.

ويَضيف المصدر: “لم يتواصل النائب ضاهر مع إدارة المرفأ وكلّ ما صدر كان كلامًا وهرطقة إعلامية عبر تويتر”.

ويُؤكّد المصدر أنّ “السكانر” لن ينتقل من طرابلس إلى بيروت، “وهي صفعة مقصودة من قبل المعنيين تستهدف ضرب اقتصاد المدينة من جديد، فلا يتحمّل البعض من السياسيين رؤية طرابلس وهي تزدهر قليلًا من خلال المرفأ، فلا ننسى حين أعيدت حاوية كبيرة، بعدما دفعت رسومها من مرفأ طرابلس إلى بيروت في اليوم الأوّل الذي أعيد العمل فيه إلى مرفأ العاصمة بعد الانفجار، المشكلة أنّ البعض لا يُريد تخصيص طرابلس بشيء، بل يُريد اقتصار كلّ النشاط الاقتصادي على بيروت دون غيرها وهذا أمر خاطئ”.

ويؤكد “مهما ضغطوا علينا، سنتمكّن من الضغط عليهم في المقابل، واتصالاتنا ما تزال جارية لحلّ هذه الأزمة”، مشيرًا إلى أنّ “نائبين طرابلسيين كانا قد أكّدا أنّهما لن يقبلا بعملية نقل السكانر إلى العاصمة، وقد يصل الأمر إلى توجيه الناس إلى الشارع للتعبير عن رفض عملية النقل هذه”.

قرار الخارجية ليس مستغرباً

ولم يكن القرار الذي اتخذ في وزارة الخارجية المغتربين بمستغرب أو بجديد، فقد عُرفت الدولة اللبنانية بإهمالها طرابلس لسنوات طويلة، ضاربة بعرض الحائط كلّ المرافق الاقتصادية، التي لو كانت سمحت بالعمل عليها وتطويرها، لكانت المدينة تمتعت بثقل اقتصادي كبير يجذب السياح من جهة، والمستثمرين من جهة ثانية.

من الواضح، أنّ القوى الرسمية لا تُريد في طرابلس إلّا الخراب والدمار، وقد عملت الكثير من الفئات السياسية في البلاد على حرق “كارت” طرابلس من كلّ الجهات والميادين وكأنّ المقصود إعلان حرب اقتصادية تشلّ المدينة حتّى “آخر نفس”. خطوة بخطوة وسنة بعد سنة، خسرت طرابلس الكثير من قيمتها الوطنية ودورها في تعزيز النمو الاقتصادي المحلّي، لتدخل المدينة مرغمة في وضع لا يقبله أهلها بأيّ شكلٍ من الأشكال وهو دفعها لتكون ” قندهار لبنان” أو مدينة بلا عنوان أو قيمة، وهي صورة نمطية مقصودة اعتمدت كيّ تنتقص منها.

ليس على طرابلس ذنب بسبب شحنات المخدّرات والكبتاغون التي تكتشفها دول مجلس التعاون الخليجي كما دول أخرى خارجية، وقد اتخذت القوى الرسمية قرارًا يظلم مرفأ طرابلس ” لتبيض وجهها الأسود” أمام الدول الخليجية تحديدًا رغبة بمراقبة الصادرات المتجهة نحو هذه الدول التي كانت قد اتخذت قرارات حاسمة وحازمة في ما يخصّ صادرات لبنان، كما سُيُؤثر هذا القرار بلا أدنى شكّ على العاملين في قطاع النقل البري وسينعكس على المنتوجات التي تدخل أو تخرج من المرفأ دون وجود “سكانر”.

كبارة: مصلحة طرابلس أولاً

بدوره، يعتبر النائب محمّد كبارة أنّ “المقاربة الرسمية لمدينة طرابلس منذ الاستقلال إلى يومنا هذا سيئة مع وجود تشويه مستمر ومقصود لصورة المدينة، ويقول في حديثٍ لـ”لبنان الكبير”: “تُحاول طرابلس جاهدة التعاون مع الدّولة والبحث عن مصلحتها والمدينة فعلًا تُريد الدّولة ولكن الأخيرة عرقلت كلّ الميادين الاقتصادية كالمطار والمنطقة الاقتصادية الخاصّة وغيرها وأرادت تعطيل المدينة اقتصاديًا”.

ويُضيف: “أجرينا اتصالات عدّة بكلّ المعنيين وسنبقى نتابع هذا الموضوع حتّى النهاية”.

مرفأ طرابلس: عائدات مضاعفة

أثبتت الإحصاءات التي تمكّنا من الحصول عليها من المرفأ، أنّ حركة البضائع الواردة والصادرة والواردات الإجمالية قد ازدادت في مرفأ المدينة لا سيما بعد انفجار مرفأ بيروت.

ففي الأشهر التي سبقت يوم 4 آب المشؤوم أيّ يوم الانفجار في بيروت، كانت قد وصلت واردات المرفأ إلى 1.713.991.000 ليرة لبنانية، بينما بدءًا من شهر تموز إلى نهاية السنة ازدادت وتخطّت المليارين بشكلٍ واضح، إذ وصلت في شهر كانون الأوّل إلى 2.542.318.000 ليرة لبنانية، كما شهدت حركة الصادرات والواردات عام 2021 تطوّرًا واضحًا أيضًا، فمن جهة الصادرات دخلت إلى المرفأ 2.017 حاوية ممتلئة في شهر كانون الثاني، و2.975 حاوية في شهر شباط، و1.433 حاوية في شهر آذار، أمّا في شهر نيسان فتراجع هذا العدد ليُصبح 828 حاوية ممتلئة.

أمّا من جهة الواردات عام 2021، فقد سجلت دخول 3.604 حاويات ممتلئة مثلًا في شهر كانون الثاني، و3.372 حاوية في شهر شباط، و1.645 في شهر آذار، و2.296 في شهر نيسان… وغيرها من الأرقام.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً