عون في عين التينة… زيارة أمنية أم في الاطار الرئاسي؟

محمد شمس الدين

أهم صفة لدولة ذات سيادة، أن تتمكن من بسط سلطتها على كامل الأراضي التابعة لها، وإلا ستكون هذه السيادة منقوصة، بل ستشرّع ظاهرة الأمن الذاتي، التي تضرب أسس أي دولة، وإن كان لبنان حالة استثنائية بسبب وجود حالة “حزب الله”، إلا أن هذا لا يعني غياب الدولة عن المناطق الموجودة تحت سيطرة الحزب، حتى لو عنى ذلك التنسيق مع الأخير في بعض الملفات الأمنية. فبغض النظر عن الخلاف في البلد حول الحزب إن كان سلاحه شرعياً (مقاوماً) أو غير شرعي (ميليشيا) يعتبر وعلى لسان أمينه العام السيد حسن نصر الله، أن وجوده هو حالة مؤقتة بسبب فشل الدولة وغيابها، ويطمح إلى يوم يكون فيه الجيش اللبناني هو الوحيد الذي يمتلك السلاح القادر على حماية لبنان.

الضاحية الجنوبية الواقعة تحت نفوذ الحزب، ربما كانت نسبة الأحداث الأمنية فيها مقبولة نوعاً ما قبل الأزمة الاقتصادية، على الأقل في ما يظهر إلى الاعلام، أما بعد اشتداد الأزمة، فقد تفلت الأمن بصورة كبيرة فيها، والأمر ليس محصوراً ببضع مخالفات من هنا أو هناك وحسب، لا بل أصبحت بعض العصابات تسيطر على شوارع بأكملها نوعاً ما، في مشاهد تذكر بحالة انهيار الدولة خلال الحرب الأهلية، إن لم تكن هناك أحزاب مسلحة مسيطرة على منطقة، فهناك عصابات يقودها أحد الأشخاص أو مجموعة أو عائلة ما، وتكون هي الآمر الناهي بل حتى حاكم هذه المنطقة… ربما ليس الأمر بهذه الفظاعة اليوم، إلا أن بعض الشوارع في الضاحية يقترب جداً من هذا المشهد.

“حزب الله” بالطبع ليس من مصلحته أن تظهر الأمور في مناطق نفوذه بهذا الشكل، كونه أيضاً يرفع شعار الدولة، وكل ما يهمه بعض النقاط الأمنية الخاصة به، كما ليس من مصلحته أن يكون هناك رؤساء عصابات يسيطرون على مناطق، أو حتى يقلقون مناطق أخرى، ولعل المداهمة الأخيرة للجيش في برج البراجنة أكبر دليل على ذلك، وقد أسفرت عن توقيف أحد أكبر مروجي المخدرات في المنطقة، وأثنى عليها قائد الجيش العماد جوزيف عون لدى تفقده فوج التدخل الرابع في الضاحية. وقبلها بأيام، اتصل مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في “حزب الله” وفيق صفا بقائد الجيش معايداً بعيد ميلاده، ووفق معلومات صحافية ختم المعايدة بالقول: “تهري وتجدد”، مما يدل على أجواء إيجابية بين الطرفين، تحديداً أن العماد عون واحد من أكثر المرشحين حظاً في الاستحقاق الرئاسي.

وزار قائد الجيش مقر الرئاسة الثانية في عين التينة ظهر الجمعة، وعقد مع رئيس مجلس النواب نبيه بري اجتماعاً مطولاً، الأمر الذي دفع الى التساؤل عن هدف الزيارة، إن كانت أمنية أم في إطار المعركة الرئاسية. مصادر قريبة من عين التينة أكدت في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “الزيارة تنسيقية في مختلف الأمور، وتضمنت جولة أفق حول العديد من الملفات لا سيما تلك المتعلقة مباشرة بشؤون الجيش”. ولم تنفِ المصادر إن كانت الزيارة شملت الاستحقاق الرئاسي أم لا، وقد حلل متابعون أن أسهم عون في الرئاسة ترتفع يوماً بعد يوم، لافتة الى أنه “كلما طالت مدة الفراغ الرئاسي، كلما تقدم اسم قائد الجيش ليكون رئيساً للجمهورية، ولكن الأمر ليس محسوماً بعد، فلا يزال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية يملك أسهماً عالية جداً، وهناك من يحاول التسويق له إقليمياً، خصوصاً لدى المملكة العربية السعودية، التي لا يمكن أن يحل الملف الرئاسي في لبنان، إذا لم تكن راضية عن الرئيس”.

إذاً بين المداهمات في الضاحية، والاستحقاق الرئاسي، وشؤون الجيش، كانت زيارة إيجابية لقائد الجيش إلى عين التينة، وربما سيشهد البلد تلك الايجابيات عند توقيف العديد من المجرمين الذين يروّعون أمن الضاحية، بمباركة من الثنائي الشيعي، الذي لا يستطيع تحمل وجود مثل هذه الجماعات في بيئته.

شارك المقال