باسيل أضاع الحقيقة… حكومة سلام لم تعتمد المراسيم الجوالة

محمد شمس الدين

نشر رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل مقطع فيديو قصيراً شرح فيه وجهة نظره بخصوص ملف الكهرباء وانعقاد جلسة مجلس الوزراء، ولكن هناك نقاط معينة في الفيديو المنشور تفرض التوقف عندها، فقد قال باسيل: “مرة جديدة تنحر المنظومة الحاكمة الميثاق والدستور، وهذه المرة من أجل الكهرباء، في حين هناك حلول دستورية من دون عقد جلسة، وتحديداً من خلال توقيع مراسيم جوالة من مجموع مجلس الوزراء، كما ينص الدستور ومثلما عملنا خلال فترة الفراغ بين 2014 و2016، وفي حينها كان هناك إجماع على أن هذا هو الحل الوحيد لاحترام الدستور والشراكة، أما اليوم فلا يهمهم الدستور ولا الشراكة، لماذا؟…”.

أضاف باسيل: “… هذا الامعان في الكذب بخرق الدستور والميثاق والشراكة، سيعمّق الشرخ الوطني كثيراً، وسيأخذنا لأبعد بكثير من ضرب التوازنات والتفاهمات، الله يوفق يلي عم يعمل هيك.”

هذه الكلمات تستوجب التوضيح، فوفق المراجع الدستورية، ليس هناك في الدستور أي ذكر للمراسيم الجوالة، وبالتالي اعتبار أن هذه المراسيم حلول دستورية أمر غير صحيح. المراسيم هذه ابتدعت خلال فترة الحرب اللبنانية بسبب عدم قدرة مجلس الوزراء على الانعقاد، وكانت استثناء خاصاً في حالة الحرب فقط، ولا أسس دستورية لها بأي شكل، وليس هناك أي نص دستوري يعطيها الشرعية.

أما عن اعتماد المراسيم الجوالة في حكومة الفراغ الرئاسي خلال العامين 2014 و2016، فقد تواصل “لبنان الكبير” مع عدد من وزراء تلك الحكومة، للوقوف على حقيقة الأمر، وأكد الوزير السابق رشيد درباس أنه لم يصدر أي مرسوم جوال في فترة حكومة الرئيس تمام سلام، مشيراً الى أن “ما حصل خلال حكومة الرئيس سلام هو ابتكار إمضاء جميع الوزراء على المرسوم، وذلك فقط من أجل تأكيد أن البلد في حالة فراغ رئاسي، وكان الرئيس سلام لا ينشر أي مرسوم إلا عندما يحصل على الثلثين من المجلس. وقد صدرت عدة قرارات لم يوقع عليها جميع الوزراء، أما المراسيم الجوالة فحصلت سابقاً من منطلق الحاجة أم الاختراع، في حال وجود ظروف تمنع انعقاد الحكومة، وهي كانت خلال فترة الحرب استثنائياً، من أجل تسيير المرفق العام، ولم يكن الوزراء وقتها قادرين على الاجتماع، بسبب الحرب، ولا علاقة للأمر بالفراغ في رئاسة الجمهورية”.

ورأى درباس أن موقف رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع هو “موقف شجاع ومسؤول، عندما أشار الى أنه رئيس أكبر تكتل مسيحي، ولا يمانع عقد جلسة لمجلس الوزراء في حال الضرورة، وأن هذا الأمر لا يؤثر على رئاسة الجمهورية”، معتبراً أن “العونيين ينفخون بالبوق الطائفي، مما يدفع البعض إلى السير خلفهم، والمراسيم الجوالة هي بدعة في حال الضرورة فقط، ولا يجوز الهروب من النص إلى اللانص من أجل المصلحة الشخصية لأحد”.

أما الوزير السابق بطرس حرب فأوضح أنه في حكومة الرئيس سلام لم تكن هناك حاجة الى المراسيم الجوالة، ولم يتم اعتمادها، قائلاً: “برأيي ليس هناك ما يمنع التقاء الوزراء في جلسة لاقرار قضايا مستعجلة ملحة، ولا حاجة إلى اعتماد أصول غير دستورية كالمراسيم الاشتراعية، التي هي تدبير استثنائي خلال الحرب، عندما كان الوزراء غير قادرين على الاجتماع”.

أما لجهة حقوق المسيحيين كما يحمل لواءها “التيار الوطني الحر”، فشدد حرب على أن “لا خوف على المسيحيين، هذا قميص عثمان يستعمل في السياسة، وإذا كانت حقوق المسيحيين متعلقة بهذا الأمر (عمرها ما تكون)، هذه مزحة، الوجود المسيحي والدور المسيحي أكبر من أن يتعلق بأمر كهذا”. واعتبر أن “الاعتراض على جلسة للحكومة ينبع من خلفية سياسية مرتبطة بالاستحقاق الرئاسي”، لافتاً الى أن “هناك محاولات لإثارة الغرائز دعماً لموقف سياسي يخفي أهدافاً رئاسية”.

الوزير السابق غازي زعيتر من جهته أكد المؤكد بأنه “لم تكن هناك مراسيم جوالة، بل كان مجلس الوزراء يجتمع ويأخذ القرار، والرئيس تمام سلام في حينه كان يفضل إمضاء جميع الوزراء عليه، ولكن القرار يؤخذ من مجلس الوزراء مجتمعاً”.

أما ما يثار من مواقف معترضة على الجلسة وتدعو إلى اعتماد المراسيم الجوالة، فرأى زعيتر وجوب “الالتزام بالدستور والقوانين، وإن كانت هناك سابقة حصلت، وهي خطأ لا يجوز تكرار الأخطاء، والمراسيم الجوالة كانت حالة استثنائية حصلت عندما لم يكن هناك إمكان لعقد جلسة لمجلس الوزراء بسبب ظروف استثنائية قاهرة خلال الحرب الأهلية، والدستور واضح، بأن تناط صلاحيات رئيس الجمهورية بمجلس الوزراء كمؤسسة”.

كذلك، أشار الوزير السابق النائب وائل أبو فاعور، الى أنه لم تكن هناك مراسيم جوالة، “فالحكومة كانت تجتمع وتأخذ القرارات، ولكن كان يوقع عليها 24 وزيراً”، قائلاً: “برأيي كانت مخالفة، ولكنها ثمن لا بد منه في حينها، على الرغم من أننا كحزب اشتراكي كنا ضد هذا الأمر”.

شارك المقال