تشرذم كبير في التيار العوني… و”القيصر” باسيل مستاء

آية المصري
آية المصري

الخلافات لدى “التيار الوطني الحر” لا تنتهي، فبعد المشكلات بينه وبين الأطراف والكتل الأخرى، عادت الموجة ولكن لتضرب هذه المرة داخل التيار نفسه. فوفق معلومات “لبنان الكبير” هناك “تشرذم كبير خصوصاً مع تبيان أن أربعة نواب من داخل التكتل باتوا في خلاف شبه دائم مع رئيسه جبران باسيل، والمعروف أنهم سيصوّتون لصالح قائد الجيش جوزيف عون، ولا يمكن تناسي المشكلة الثانية العلنية التي ظهرت داخل إجتماع التكتل الذي دام أكثر من ثلاث ساعات نتيجة عدم إعطاء باسيل أي فرصة لأي مرشح من التيار لخوض الانتخابات الرئاسية”.

وفي ظل الهيمنة الباسيلية وتحكُمها بكل الأعضاء، بات هناك تهميش شبه ممنهج لبعض النواب، خصوصاً الذين أزعجوا “سيد” التيار في الآونة الأخيرة وصرحوا كثيراً عبر وسائل الإعلام من دون طلب الإذن منه، ويبدو أنه إعتاد على هذا النوع من الديكتاتورية نتيجة تحالفه مع “حزب الله” الذي يمنع بصورة واضحة كل التصاريح لنوابه الذين يهابون الاعلام ويفضلون الحصول على الموافقة قبل الادلاء بأي تصريح.

وقد ظهرت هذه الخلافات الى العلن، عندما هاجم الجيش الالكتروني العوني النائب آلان عون نتيجة ظهوره عبر قناة الـ”ام تي في” بعدما قرر التيار مقاطعتها نتيجة الاشكال الأخير الذي حدث في برنامج “صار الوقت”، ونُقل عبر منصة “تويتر”، وبحسب هذا الجيش العوني، حدث خلاف كبير بين باسيل وعون نتيجة هذه المقابلة ومن الممكن إصدار قرار بفصله من التيار، معتبراً أنه يتوجب على عون كونه منتسباً الى التيار وقيادياً فيه أن يلتزم بكل قرار يصدر عنه، وفي حال عدم إلتزامه يجب تحميله مسؤولية خطأه الفادح.

والحال نفسه عاشه نائب رئيس مجلس النواب والقيادي في التيار إلياس بو صعب نتيجة تضامنه مع توقيف وليام نون، الذي اعتبره “غباءً مشكوكاً بأمره وبهدفه غير البريء، وأن هيبة القضاء لا تفرض بهذه الطريقة”، وما إن نشر تغريدته حتى إنهالت عليه كل أنواع الأحقاد العونية، التي رأت أنه “يغرّد خارج السرب” ويتوجب عليه الاعتذار أو الخروج من تكتل “لبنان القوي”، معربة عن أسفها لما بات يصيب التيار، بحيث أصبح واضحاً أنه سيخسر نوابه بصورة أكبر في المرحلة المقبلة.

وهذا ما حصل مع أحد النواب الذين كانوا مقربين لفترة طويلة من باسيل، وفضلاً عن كونه قيادياً كبيراً في التيار وله تأثير كبير في الشارع العوني الا أن باسيل لم يهتم لأمره ولكل مسيرته الحزبية وفضل نوعاً ما تلقينه درساً قاسياً من خلال إستخدام أسلوب عدم مشاركة هذا النائب في صنع القرار أو إتخاذه، ولهذا السبب لم يعد يمتلك الكثير من المعلومات كما كان في السابق نتيجة غضب “ولي أمره” منه. وهذا ليس بالأمر الجديد خصوصاً وأن باسيل استخدم الأسلوب نفسه مع قياديين بارزين سابقين كماريو عون وحكمت ديب وفصلهم من تياره.

وفي هذا السياق، اعتبر قيادي سابق في التيار أن “الوضع الداخلي لم يعد كالسابق خصوصاً وأن باسيل بات يتدخل في كل شاردة وواردة، والموضوع الذي لا يحبذه يلغيه ويتخطاه وهذا ما جعل التيار منقسماً الى جمهورين، الأول داعم لباسيل من جهة والثاني مؤيد للرئيس السابق ميشال عون، ما زاد الطين بلّة”، مشيراً الى أن “التيار لم يكن يوماً بهذه الوضعية ولكن كرمال عيون الصهر نرى ما نراه ويعيشون كل هذه الانقسامات والخلافات المتتالية”.

الحالة التي شكلها ميشال عون نتجت عن ظروف عدة، أولها أن المسيحيين سئموا من الحرب والميليشيات في الثمانينيات، ولم يكن هناك قائد مسيحي يمثل الدولة في ذلك الحين، بعد الفراغ الرئاسي إثر انتهاء عهد الرئيس أمين الجميل، لذلك لم يجدوا إلا قائد الجيش ميشال عون، الذي سلمه الجميل حكومة عسكرية. ومهما كانت السيئات التي ارتكبها عون الا أنه استطاع خلق حالة شعبية حوله، كونه كان دائماً بالنسبة الى هؤلاء رمز القائد المسيحي الذي يحكم باسم الدولة في وجه الميليشيات، وعلى الرغم من الكوارث التي أحدثها كانت جماهير الحالة العونية تغفر له. لكن هذا الأمر لا يبدو أنه سيسري على وريثه جبران باسيل، اذ ما إن انتهى العهد، حتى بدأت الخلافات الداخلية تظهر إلى العلن، وأدت إلى استبعاد بعض الصقور من التيار، وعلى الرغم من محاولات رئيسه التقليل من أهمية هذا الأمر، وتسلحه بـ Army العوني كما سمّاه مسؤوله في تسريب صوتي، إلا أن الخلافات بدأت تضرب عمق التيار، فمن يواجهون المشكلات اليوم هم من مؤسسي التيار، ولهم جمهورهم الواسع داخله، وكل المشكلات سببها تفرد باسيل بالسلطة، وكأنه قيصر روما لا أحد غيره يحق له أخذ القرار، مهما كان مناضلاً ورمزاً عونياً. فهل سصبح التيار في المرحلة المقبلة تيارات صغيرة متصارعة في ما بينها؟ وهل سينعكس الأمر على التكتل النيابي؟

شارك المقال