فساد وشبهات عالمية حول شركة “فيتول” الفائزة بمناقصة الفيول

محمد شمس الدين

فازت شركة “فيتول” بمناقصتي فيول a و b لزوم تأمين الفيول لمؤسسة “كهرباء لبنان” في تشرين الثاني من العام الماضي بعد اكتمال كل الملفات في وزارة الطاقة، عقب فتح غلافات الأسعار. وكذلك فازت شركةCoral energy dmcc بمناقصة شراء الغاز أويل لزوم تشغيل شركة “كهرباء لبنان”، وانتشرت في حينه أخبار عن أن شركة “كورال” اللبنانية هي التي فازت بالمناقصة، إلا أنها أصدرت بياناً توضيحياً في وقت لاحق أشارت فيه الى أن لا علاقة لها بالشركة التي فازت بالمناقصة، ولم تشارك أساساً في المناقصة المذكورة، وأن الشركة التي فازت لا تتبع لمجموعة يمين، وهي مملوكة من غير لبنانيين. ولكن الضجة ثم البيان التوضيحي، حوّلا الأنظار عن شركة “فيتول” ولم يبحث أحد فيها. وبعد الأزمة الأخيرة في ملف بواخر الفيول والغرامات التي ترتبت على الدولة اللبنانية بسببه، بدأت الأوساط تتساءل إن كانت هناك قطبة مخفية في الأمر. وتم تداول معلومات اليوم عن أن شركة “فيتول” البحرين هي شركة وهمية، وبالتالي هناك رائحة فساد في موضوع فوزها بالمناقصة، فما حقيقة الأمر؟

بتدقيق من موقع “لبنان الكبير” في ملف الشركة، تبين أن هناك شركة عالمية تدعى “فيتول”، وهي شركة هولندية مقرها في سويسرا تأسست عام 1966 على يد هانك فييتور، وتعمل في تجارة السلع الصلبة مثل النفط والغاز والعقود الآجلة والذهب وغيره، ولديها فروع عدة حول العالم. أما “فيتول” البحرين فقد تأسست عام 1982 ووفق منشوراتها تتبع للشركة الأم في سويسرا، ولكن حتى لو أن الشركة حقيقية لكن هذا لا يعني أنه ليس هناك من شبهات فساد حول الموضوع، كون أن لشركة “فيتول” الأم تاريخاً كبيراً من الملفات والشبهات حولها بصفقات فساد ورشاوى مشبوهة. وفي بحث بسيط عن تاريخ الشركة تحصل على النتائج التالية:

– عام 2001، كتبت صحيفة “The Observer” أن شركة “فيتول” دفعت عام 1995 مليون دولار لمجرم الحرب الصربي أركان، كي تستطيع تأمين صفقة مع شركة “Orion” الصربية النفطية، إلا أن “فيتول” نفت هذه الاتهامات، وأكدت أنه لم يوجه أي اتهام اليها في هذا الأمر من أي مؤسسة حكومية.

– عام 2007، اعترفت “فيتول” بالذنب، بتهمة السرقة الكبرى في محكمة في نيوورك في أميركا، لدفعها أموالاً إضافية للشركة الوطنية العراقية للنفط إبان فترة نظام صدام حسين، والتحايل على برنامج النفط مقابل الغذاء الذي أقرته الأمم المتحدة، وقد دفعت الشركة 17.5 مليون دولار كغرامة عن أعمالها.

– عام 2012 نشرت وكالة “رويترز” مقالاً أشارت فيه الى أن “فيتول” اشترت وباعت نفطاً إيرانياً، متخطية الحصار الأوروبي على طهران. وقد اشترت الشركة 2 مليوني برميل عبر نقل النفط من سفينة إلى سفينة مقابل الشاطئ الماليزي من شركة الناقلات الوطنية الايرانية، وباعتها إلى تجار صينيين. وأوضح المقال أن الشركة بما أن مركزها سويسرا وهي لا تطبق العقوبات الغربية، استطاعت تجنب المحاسبة والمساءلة.

– عام 2013، فرضت لجنة تسوية المنازعات والعقوبات التابعة للجنة تنظيم الطاقة الفرنسية غرامة قدرها 5 ملايين يورو على شركة “فيتول” للمشاركة في التلاعب بالسوق في نقطة تجارة الغاز الافتراضية الجنوبية الفرنسية بين العامين 2013 و2014. وقد استأنفت “فيتول” هذا القرار، لكن مجلس الدولة الفرنسي أكد العقوبة في حزيران/ يونيو 2021.

– عام 2020، وافقت “فيتول” على دفع غرامات جزائية بقيمة 135 مليون دولار لتسوية دعاوى رشوة لسلطات تطبيق القانون في البرازيل والولايات المتحدة. القرار سببه مكائد “فيتول” لدفع رشاوى للمسؤولين في البرازيل، إكوادور والمكسيك.

مرة جديدة يبدع حكام هذا البلد، حيث لا يمكن إيجاد أي شركة لتلزيمها أعمالاً من الدولة، إلا شركات عليها قضايا فساد وشبهات، هل الأمر صدفة أم أن الحكام فاشلون إلى هذه الدرجة؟ فلا يجرون البحث الدقيق عن هذه الشركات، والسؤال الذي يطرح نفسه، أين المحاسبة؟ ومن سيكون مسؤولاً أمام الشعب عن فضائح كهذه؟ وهل السماسرة أقوى من الدولة؟

شارك المقال