لعبة الدولار… كباش سياسي خطير و”لفلفة” لتحقيقات المرفأ

راما الجراح

اللعبة معروفة، يبدأ بها ساسة لبنان عند كل تحديث جديد يخص إنفجار مرفأ بيروت، وكان آخره عودة القاضي طارق البيطار إلى الملف بعد ١٣ شهراً من كف يده عن التحقيقات، مُفجراً قنابل على ثلاث جبهات، سياسية، قضائية وأمنية بحيث أصدر قرارات بإخلاء سبيل نحو ٥ موقوفين، والادعاء على ٨ أشخاص أبرزهم المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، والمدير العام لأمن الدولة طوني صليبا. وغداة خطوة البيطار أصدر القاضي عويدات قراراً بإطلاق جميع الموقوفين في قضية إنفجار المرفأ من دون استثناء، ومن بينهم المدير العام للجمارك بدري ضاهر، واستدعاء القاضي البيطار للمثول أمامه صباح الخميس. وعليه، أمام هذه المناكفات القضائية المبطنة سياسياً، باتت اللعبة المكشوفة وهي إشغال اللبنانيين بإرتفاع الدولار الذي يقابله إرتفاع في أسعار السلع الغذائية، وجدولة جديدة لأسعار المحروقات، لمحاولة “لفلفة” دائرة الاتهامات التي توسع فيها البيطار لتطال كبار القضاة وشخصيات أمنية معروفة.

الناشط السياسي والاجتماعي محمد حمود قال في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “بات واضحاً أن أطراف السلطة السياسية في البلد تتصارع، ويبدو أن هناك من أراد أن يسرّع عجلة اللعبة ليحصل على المكاسب التي يريدها فجاء تحريك ملف جريمة تفجير ٤ آب عبر القرار الاتهامي الذي سيحوّل إلى المحكمة العدلية من المحقق العدلي طارق البيطار، ومن ناحية ثانية عبر الضغط برفع سعر صرف الدولار الأسود وما يتبعه من تفلت في أسعار البنزين والمازوت والغاز وبالتالي المواد الغذائية والحياتية عموماً. إذاً نحن أمام كباش سياسي خطير ضحيته ما تبقى من شعب مقهور يعيش كل يوم بيومه ولا يعي خطورة ما نحن مقبلون عليه”.

وأشار الى أن “كل مواطن مطالب بالحفاظ على ما يملكه من يسير الدولار أو الذهب أو حتى مقتنيات أخرى لها قيمة لأننا قادمون على أيام صعبة وصعبة جداً كل الأسلحة والضغوط فيها مشروعة، إضافة إلى أن كل مواطن مطالب بالوعي الأدنى تجاه ما يسوقنا إليه زعماء وأحزاب يمتطون العصب الطائفي تارة، والضغط المعيشي تارة أخرى، حتى لا نكون مطية لأي مشروع تدميري للبلد، لأننا وكما يبدو مقبلون على معركة شرسة في الأيام المقبلة في البلد قد تتدحرج بنا أبعد بكثير مما نتوقعه”.

أما الناشط جمال ترو، وهو من الوجوه المعروفة في الشارع منذ انتفاضة ١٧ تشرين ٢٠١٩، فاعتبر أنّ “ما أوجع السلطة اليوم أن ملف تحقيق مرفأ بيروت (لف ودار وعاد للبيطار)، الذي يسعى وراء كشف العصابة التي تسببت بهذه الكارثة، وأزمة الدولار والوضع المعيشي الصعب ليسا جديدين، ولكنهما أصبحا وسيلة لإلهاء الناس بتأمين قوت يومهم، ولكن في الحقيقة أصبحت اللعبة مكشوفة، وجميعنا يعلم أن ما يفعلونه أشبه بالطُعم للناس لتسخيف موضوع المرفأ أمام همومهم وصعوبة تأمين لقمة عيشهم وبالتالي يستطيعون تمرير ما يريدون في السياسة والقضاء بكل أسف”.

أضاف: “منذ العام ١٩٧٥ حتى ١٩٩٠ أي في أصعب الفترات التي مر بها لبنان (الحرب الأهلية) لم تهاجر نسبة كبيرة من المواطنين كما يحصل اليوم، فالمنظومة الحاكمة اليوم حاميها حزب الله، وعندما يسقط الأخير لن يبقى أي قيمة لأحد فيها، وأكبر دليل أن رجل حزب الله حسن مقلد في اليوم الذي فرضت فيه وزارة الخزانة الأميركية عقوبات عليه وعلى شركة الصرافة التي يملكها بسبب علاقات مالية مزعومة مع الحزب، استطاع إيصال الدولار إلى أرقام خيالية”.

وأكد ترو عبر موقع “لبنان الكبير” أن “الناس ليست بحاجة إلى دعوات للنزول إلى الشارع، لأنها تعلم الحقيقة لو مهما حاولوا وقاموا ببروباغندات إعلامية، وأساساً السلطة اليوم مستعدة للقيام بالمستحيل لنزول الشعب إلى الشارع لتمرير ما يحلو لها، ولكن الناس لم تعد لديها قدرة على المواجهة، أوصلونا إلى درجة صعبة جداً بعدما نهبونا وفجرونا واستباحوا رواتبنا، لذلك إمكاناتهم تفوق إمكانات الناس بكثير، والحل بوضع حد لهم وبالوصول إلى منازلهم وسحلهم في الطرقات لأنهم عصابة وليسوا رجال دولة”.

بين إستكمال التحقيق في جريمة غيّرت مسار البلد ومصير شعبه، وإشتداد الأزمة المعيشية على المواطنين، أصبحنا اليوم بإنتظار لحظة الانهيار الكامل في ظل عدم وجود أي بصيص أمل يلوح في الأفق!

شارك المقال