البيطار يقلّد عون… وعويدات مسنود بالقانون والمواثيق دولية

محمد شمس الدين

غداة القرار المثير للجدل في الجسم القضائي، للمحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، حصلت تطورات سريعة عبر إصدار مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات قراراً قضى باخلاء سبيل جميع الموقوفين على ذمة التحقيق في قضية المرفأ، وكذلك ادعى على القاضي البيطار بتهمة اغتصاب السلطة، وهذا ما توقعته مصادر قضائية في حديث أمس لموقع “لبنان الكبير”.

خطوات عويدات رد عليها البيطار عبر سلسلة من التصريحات لوسائل الاعلام، فقال لقناة “الجديد”: “أي تجاوب من القوى الأمنية مع قرار النائب العام التمييزي باخلاء سبيل الموقوفين سيكون بمثابة انقلاب على القانون”.

وأكد لمحطة “أل. بي. سي” أنه لن يترك ملف المرفأ، معتبراً أن “ما قام به مدعي عام التمييز مخالف للقانون كونه متنحياً عن ملف المرفأ ومدعى عليه من قبلي، ولا يحق له اتخاذ قرارات باخلاء سبيل موقوفين في ملف قيد النظر لدى قاضي التحقيق”.

كذلك قال لمحطة “أم. تي. في”: “لن أتنحّى عن ملف تفجير ٤ آب ولا يحق للقاضي عويدات اتخاذ أي إجراء لأنه أولاً متنحٍّ عن الملف وثانياً مدّعى عليه من قبلي… لا يحق لعويدات أن يخلي سبيل أحد من الموقوفين باستثناء الخمسة الذين أخليتُ سبيلهم. وأدعو مختلف الأجهزة الأمنية إلى عدم تنفيذ قرارات عويدات لأنها غير قانونية”.

ولاحقاً، أفادت معلومات “أم. تي. في” بأن الضابط العدلي الذي أرسله القاضي عويدات الى منزل البيطار قال له: “الرّيّس عويدات بدو يشوفك”، فأجابه البيطار: “أنا اللّي بدّي شوفو وأنا اللي مدّعي عليه ومحددلو جلسة إستماع بعد أيام”، غادر بعدها الضابط العدلي منزل البيطار.

مصادر قضائية علقت على التطورات التي حصلت بين القاضيين، بالقول لموقع “لبنان الكبير”: “ما قام به القاضي البيطار بالأمس هو بمثابة إعلان حرب على مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، بعيداً عن الجدل القانوني إن كان ما قام به صحيحاً أم لا، ولكن من الطبيعي أن يرد القاضي عويدات على هذه الحرب، تحديداً أن ما قام به البيطار، لم تستطع غالبية القضاة في لبنان ابتلاعه، فهو شن حرباً ضد القاضي عويدات ونصّب نفسه بمثابة إله فوق المحاسبة بقراراته، حتى أن المتعاطين معه عجزوا عن إيجاد تبرير قانوني له على هذه القرارات”.

ورأت المصادر أن “المشكلة مع القاضي البيطار اليوم هو أداؤه بحد ذاته، فبينما التزم القاضي عويدات الأصول القضائية عبر تسطير قراراته وإرسالها الى التنفيذ، كان يجول عبر وسائل الاعلام ويصرّح ويصعّد، وهذا مخالف لأدنى الأصول القضائية، فأي إجراء قضائي أو أي تحقيق لا يمكن خوضه عبر وسائل الاعلام، وهو لا يختلف بهذه الأفعال عن تصرفات القاضية غادة عون، التي خاضت معاركها القضائية عبر الاعلام، وإلى اليوم لم تصل هذه المعارك إلى نتيجة، بسبب دخول الشعبوية إليها. أما القاضي عويدات فالتزم الأصول، وعلى الرغم من كل الاستفزاز الذي تعرض له، لم يرد عبر وسائل الاعلام، ولم يصدر أي تصريح، واكتفى بالقيام بالاجراءات وفق الأصول، وهذا الأمر أدى إلى اتساع دائرة مؤيديه في أروقة القضاء، حتى ممن كانوا يتعاطفون مع البيطار، وقد أثبت القاضي عويدات مناقبية عالية في أدائه بنظر غالبية القضاة”.

وأكدت مرجعية قانونية لموقع “لبنان الكبير” أن اعتبار النيابة العامة التمييزية قرارات القاضي البيطار غير موجودة “هو منطق قانوني، فإن القاضي المكفوفة يده عن ملف ما، مهما أصدر من قرارات تعتبر منعدمة الوجود. أما لجهة تخلية الموقوفين، فإن المواثيق الدولية، لا تقبل أن يبقى أي انسان مسجوناً من دون محاكمة، وهذا يسمى اعتقالاً تعسفياً، وما أقدم عليه القاضي عويدات قانوني وعقلاني ويتوافق مع المواثيق الدولية، وفي الوقت نفسه أصدر قرارات بمنع الموقوفين من السفر، وبهذه الطريقة احترم القانون وحرص على تحقيقات انفجار المرفأ، فإن تبين بعد اختتام التحقيق أن أحد الذين أطلق سراحهم مذنب، يمكن اعتقاله مجدداً لقضاء المحكومية الكاملة، فالقوانين الدولية لا تقبل سجناً من دون تهمة، وكون سير العمل القضائي في لبنان بطيئاً يجب أساساً مكافحة فكرة الاعتقال بانتظار المحاكمة، إما عبر تسريع المحاكمات، أو إخلاء السبيل مقابل كفالة مثل بقية دول العالم”.

أما عن ادعاء القاضي عويدات على القاضي البيطار، فاعتبرت المرجعية أن “البيطار هو من فتح الباب لهذا الادعاء، اذ نصّب نفسه فوق القانون وفوق محكمة التمييز وهيئتها العامة، واعتبر أنه لا يخضع لمبدأ الرد والتنحي، وهذا الأمر يخالف أدنى المبادئ القانونية في العالم وليس في لبنان وحسب. لا يمكن لأي قاضٍ في العالم أن لا يخضع لمبدأ الرد والتنحي، فهذا يعتبر انتهاكاً صارخاً لحقوق المدعى عليهم”.

شارك المقال