الجنون في قصر العدل… ينذر بالأخطر؟

آية المصري
آية المصري

مسرحيات هزلية من تقديم وإخراج قضاة لبنان، الذين ما إن عاودوا نشاطهم بعد الجمود الذي طاول التحقيقات في قضية إنفجار مرفأ بيروت، حتى عادت الشعبوية من جديد عقب قرار المحقق العدلي طارق البيطار إستئناف عمله قبل أيام، على أساس إجتهاد قانوني قدمه، ثم إصداره لائحة بالمستدعى عليهم للتحقيق ومن بينهم مسؤولون سياسيون وأمنيون وقضائيون في مقدمهم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، ما استدعي مواجهة علنية بين البيطار وعويدات الذي أصدر بعدها قراراً باخلاء سبيل كل الموقوفين على ذمة التحقيق قي قضية إنفجار المرفأ، اضافة الى إستدعاء البيطار على خلفية دعوى إغتصاب السلطة ومنعه من السفر.

عقب هذه القرارات، عاد أهالي ضحايا 4 آب الى الشارع مجدداً وإنضم اليهم عدد كبير من نواب التغيير والمعارضة، في وقفة أمام قصر العدل اعتراضاً على قرارات عويدات، وبالتزامن مع اجتماع مجلس القضاء الأعلى الذي كان سيبحث في بند تعيين قاضٍ رديف للبيطار، الا أن رئيس المجلس القاضي سهيل عبود ارتأى ألا يعقد نتيجة الوضع الأمني. ورفض الأهالي إخراج البيطار من قضية المرفأ، متهمين عويدات بضرب الجسم القضائي. بعد ذلك، قرر النواب الاجتماع مع وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري، وحين رفعوا الصوت مطالبينه بأخذ قرار إداري حيال الانشقاق العمودي المهيمن على العدلية، هاجم مرافقوه بعض النواب وقاموا بضربهم والاعتداء عليهم، ما يفسر عمق الخلاف والجنون الحاصل في البلد. فالى متى ستستمر هذه الفوضى القضائية؟ وما هي السيناريوهات المطروحة؟ وكيف يقرأ نواب التغيير ما يحدث وهل من خطوات تصعيدية سيتبعونها خلال الفترة المقبلة؟

ياسين: نريد تطهير الجسم القضائي المريض

وصف النائب ياسين ياسين ما حدث أمام قصر العدل بـ”التشنجات الخطيرة والواضحة التي تحدث داخل مؤسسات الدولة ووزارة العدل”. وقال في حديث لموقع “لبنان الكبير”: “وقفنا اليوم بكل شفافية أمام قصر العدل مطالبين بالعدالة واستمرارية التحقيقات التي توقفت لأسباب معروفة، وهناك عوائق كثيرة وقفت في وجه القاضي البيطار بالاضافة الى 16 دعوى مسطرة بحقه. وبعدما قرر إستئناف عمله اثر دراسة قانونية قدمها رأينا بياناً صادراً عن القاضي غسان عويدات يتضمن آيات من الانجيل والقرآن الكريم، وهذا الأسلوب (ما بطعمي خبز) وليس بمادة قانونية”.

أضاف: “لستُ في صدد الدفاع عن أحد، بل أريد الدفاع عن العدالة وهذا البلد، وبالتالي يجب معرفة من قتل الـ250 شهيداً، وهل قتلهم عن قصد أو غير قصد؟ بالاضافة الى معرفة من عطل هذه التحقيقات عامين ونصف العام وبعد ذلك قرر اطلاق سراح عشوائي لكل الموقوفين وأحدهم انتشرت صورته من داخل الطائرة؟ وبالتالي لا نريد إستقلالية القضاء وحسب انما تطهير الجسم القضائي المريض”.

وأشار الى “أننا قصدنا في الصباح وزير العدل هنري خوري وتحدثنا معه عما يحدث، وقال لنا انه كان منشغلاً البارحة طيلة اليوم ولم يتابع الأخبار، وعلم بما حدث من الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي مثل أي مواطن لبناني، وأكد لنا أنه سيلتزم الصمت ويحل الموضوع بالأسلوب نفسه، وعلقنا على هذا الشق بأن القانون معك ويتوجب عليك أخذ القرار اللازم وكان رده أنه سيتخذ القرار المناسب بالشراكة بينه وبين مجلس القضاء الأعلى، واعتبرنا أن هذا الجواب والتزام الصمت يعطلان الشراكة، وسرعان ما حدث توتر وتشنج داخل القاعة وتعرض النائبان وضاح الصادق وأديب عبد المسيح للضرب من أحد مرافقي الوزير”.

وأوضح ياسين أن “33 نائباً كانوا موجودين داخل القاعة من كل الطوائف والمناطق والخلفيات السياسية، وما حدث عبارة عن إستهتار وجنون وهذا ما يجسد الواقع اللبناني المرّ. وبعد خروجنا من القاعة وتوجهنا الى القاضي سهيل عبود كان الاجتماع مريحاً معه، لكن قاضياً في وجه المنظمة كلها ماذا سيفعل؟ ومع الأسف رأينا 100 عنصر أمني ومتاريس أثناء مرورنا من أمام مكتب غسان عويدات”.

عبد المسيح: فلتان نتيجة الانقسام في قصر العدل

أما النائب أديب عبد المسيح فقال: “لا أعلم إن كان ما يحدث عبارة عن مؤامرة، لكن المؤكد أن لدينا اليوم فلتاناً في قصر العدل نتيجة الانقسام العمودي القضائي، وعندما يتعرض جهاز أمن لدى وزير عدل لنواب يتمتعون بحصانة نيابية داخل مكتبه فهذا خطير جداً وغير مقبول، لا بل إنذار او بادرة لأمور خطيرة من الممكن حدوثها في البلد”، معتبراً أن “بداية الاجتماع كانت جيدة والحديث والنقاش استمرا لما يقارب الساعة ولم تكن هناك أي بوادر لتشنجات ولم يحدث أي تهجم أو إتهام أاي طرف، وكنا كنواب نضع وزير العدل تحت مسؤولياته”.

ووصف الاجتماع مع القاضي عبود بأنه “كان إيجابياً، والقاضي عبود كان متفهماً جداً وإستمع الينا أكثر من التحدث ووعدنا بعدم ترك الموضوع للفلتان”.

من الواضح أن البلد دخل مرحلة قضائية أمنية صعبة، وبات الجسم القضائي بحاجة الى علاج في أسرع وقت ممكن بسبب التمييع الكبير في ملف التحقيقات والشعبوية السياسية التي باتت تنخر عظام المسؤولين والقضاة، فهل الحل الوحيد بالذهاب الى التحقيق الدولي لمعرفة الحقيقة وهل ستكشف؟

شارك المقال