اطلاق الموقوفين يشعل قضية “اسلاميي رومية”… و٦ شباط خطير

ليندا مشلب
ليندا مشلب

“كان يجب على المحقق العدلي أن يرسم استراتيجية مختلفة عن تلك التي اتبعها والتي في نظرنا خاطئة”… من هنا ينطلق نقيب المحامين ناضر كسبار بحديث لموقع “لبنان الكبير” في مقاربة قضية البيطار من الأساس، وما بعد العودة التي ولدت انفجاراً كبيراً في قصور العدل لم تنته فصوله بعد.

كان يجب عليه أن يعلمنا مَن هو صاحب النيترات، مَن أدخلها ومَن احتفظ بها وباع منها وفجرها، هذا أهم بكثير من أن يلتفت الى أمور تتعلق بالاهمال والأخطاء الوظيفية، ومسارعته الى اصدار مذكرات التوقيف التي دفعت الأطراف المستهدفة الى الاسراع في تقديم طلبات رد ضده ومراجعات، ونقل ومخاصمة قضاة يعطيهم القانون الحق في استخدامها.

فمن البداية المحقق العدلي أخطأ، واتخذ منحى يجعل القضية لا تنتهي ولو بعد ٤٠٠ سنة وذهب أبعد من ذلك… “فأنا من الذين أصيبوا في الانفجار ولم أقدم دعوى، لأني من اليوم الأول عرفت أن الأمور لن تسير بهذه الطريقة ولن تستقيم بالسياسة المتبعة، والآن بعدما كانت يده مرتفعة وعاد ليضعها على الملف لم نكوّن بذلك قناعة لأنها نقطة قانونية. لا نستطيع في يوم أو يومين أن نعطي رأياً بها وإن كانت في ظاهر الحال وهو رأيي الشخصي خاطئة. اما التصرف الذي قام به مدعي عام التمييز فلدي وجهة نظر فيه، اذ قانوناً لا يجوز ترك هؤلاء الموقوفين كل هذه المدة الطويلة لأن التوقيف بالجنحة لا يتعدى الـ ٤ أشهر، ولكن الطريقة التي أصدر فيها القرار فتحت الباب على اجتهاد ذي حساسية. فهل سنكون أمام سابقة أنه اذا لم يقم قاضي التحقيق بواجباته يستطيع المدعي العام أخذ القرار عنه واطلاق سراح الموقوف؟”.

فالمعضلة الكبيرة والخطيرة التي برزت “هي قضية الموقوفين الأصوليين. وبدأت البلبلة في طرابلس حول هذا الأمر، بحيث ارتسم السؤال لماذا لم يحاكم هؤلاء بعد وما زالوا في التوقيف مدة ١٥ عاماً؟ من هنا اعتبرنا قراره خطيراً، وميّزنا بين موقفنا من القاضي البيطار منذ البداية، الذي اعتبرناه خاطئاً، وبين موقفه الحالي الذي ندرسه في القانون”، يقول كسبار، مضيفاً: “أنا مقتنع بعدم تأييد الطريقة التي مشى بها المحقق العدلي في الملف، ومذكرات التوقيف كانت الخطأ الأكبر، فكان الأحرى به أن يصدر قراره الظني ويظن بمن يريد، وحتى الآن بتوسيعه مروحة الادعاءات للمهملين أو المخطئين صعّب الأمور أكثر وأكثر، لذلك الملف لا يمكن أن ينتهي لا الآن ولا بعد ١٠٠ عام، والفتوى التي قام بها من أن طلبات الرد والمخاصمة لا ترفع يده عن الملف لا نعلم من سيبت بها وبأحقيتها… أين المرجعية؟ ومن سيحسم هذه النقطة؟ غير معروف”.

يتابع كسبار: “في جلساتنا غير العلنية هناك من يسأل ومن مؤيدي البيطار: لماذا أقدم على هذا الفعل؟ ألم ير ماذا حصل في الطيونة؟ وأنا شخصياً ما زلت مصراً على أننا ما كان يجب أن نصل الى هذا الأمر… وبمفهومي وقناعاتي فإن البيطار كرر الخطأ نفسه حتى اذا كان لديه الحق بالدراسة القانونية التي أعدها، فهو قضى على بصيص أمل في الوصول الى الحقيقة من خلال التحقيق بملف المرفأ”.

يكشف نقيب المحامين أنه أعطى حلين لهذه المعضلة: “الأول، أن يترك القاضي البيطار الملف وقد يبدو مستحيلاً، لأنه يقول انه سيتابع مهمته ويصدر القرار الظني سواء كان في المنزل أو في السجن؛ والثاني، أقترح تشريعاً سهلاً من مجلس النواب يرضي الفريقين: نص أول أن المحقق العدلي لا ترتفع يده عن الملف اذا قدمت ضده طلبات رد أو مخاصمة أو نقل، والنص الآخر بإنشاء غرفة هيئة اتهامية مؤلفة من ثلاثة قضاة تنظر في استئناف قرارات المحقق العدلي. فأن يكون المحقق العدلي الآمر الناهي على درجة واحدة هذا مناقض للأعراف الدولية. وقد تمت مناقشة هذا الأمر في لجنة الحريات العامة، اذ لا يجوز أن يكون المجلس العدلي درجة واحدة، يجب أن يكون أقله درجتين مهما كانت أهمية الملف وبيد محكمة أساس… غير ذلك لن تحل الأمور وقصة القاضي الرديف هي مخرج انساني وليس قانونياً، كما أن وزير العدل لا دور له هنا… وغير صحيح أن القرار الظني من السهل اصداره لأن تحقيقاته لم تنته، وحتى اذا افترضنا أنها انتهت فعليه أن يرسل نسخة منه الى النيابة العامة لتجري مطالعة عليه ويمكن أن تأخذ المراجعة سنة أو سنتين. هذا في الوضع الطبيعي فكيف الآن في ظل هذا الخلاف الكبير؟ النيابة العامة ستقول له يدك مكفوفة ولن نجري المطالعة ماذا يفعل عندها؟”.

يختم كسبار أن الملف كما هو الآن دُفن ووضع على قبره “الشاهد” ويتم حالياً كتابة اسم الميت عليه، وهو “التحقيق في انفجار المرفأ”…

وتؤكد مصادر مجلس القضاء الأعلى لموقع “لبنان الكبير” أن المفترق الأخطر في هذا الملف سيبدأ في السادس من شباط، موعد الجلسات التي حددها البيطار للاستماع الى من ادعى عليهم، وهم بالتأكيد لن يحضروا وعقل البيطار ينبئ باصدار مذكرات توقيف ضدهم… والله يستر!

شارك المقال