بانوراما حول المواقف: هل حان وقت إنتخاب الرئيس؟

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

في ظل الانهيار الاقتصادي والوضع الاجتماعي والانقلاب القضائي، بدا واضحاً أن المشكلة في لبنان سياسية بإمتياز، لأن كل القضايا التي باتت تتفرع عنها هي نتيجة الغياب الفعلي لمشروع سياسي، والخلاف حول رئاسة الجمهورية بات ضاغطاً يؤسس لإنهاء الدولة والمؤسسات، وصار من الضروري إستعادة رئاسة الجمهورية المأسورة نتيجة الخلافات التي يتردد صداها في الاقليم، لذلك كل المشكلات الناتجة عن الفراغ الرئاسي يمكن وضعها على سكة الحل بالعمل سريعاً على انتخاب رئيس لاستعادة الجمهورية والعودة الى العمل الديموقراطي وفقاً للدستور، فهذا هو الاتجاه الصحيح والا فإن الانهيارات ستهدد كل مؤسسات الدولة وأخطرها بعد القضاء الجيش والمؤسسات الأمنية.

مواقف كثيرة تبلورت خلال الأسبوع الماضي وخصوصاً بعد فضيحة انقسام القضاء، وبات واضحاً أن الجميع مأزوم ولا يستطيع التحرك ولا بد له من التفتيش عن حلول داخلية وفك الارتباطات بمشاريع الخارج.

تقول مصادر سياسية لـــ “لبنان الكبير”: “هذه المواقف تؤشر الى أن إنتخاب الرئيس هو القضية الأساس، ولنبدأ من زيارة سليمان فرنجية الى البطريركية المارونية، فهو قال إنه غير مرشح حتى الآن ولم يعلن عن برنامجه الانتخابي، ولكن حاول أن يقدم جزءاً منه، مؤكداً ضرورة عودة لبنان الى تموضعه العربي والدولي وانتاج علاقة جيدة مع المملكة العربية السعودية، وقال ان حزب الله سيعطيه من الأصوات أكثر مما يستطيع أن يأخذه غيره، وهناك نقطة خطيرة أثارها فرنجية وهي أنه سيعمل على تأمين 86 نائباً للحضور وستجري الانتخابات بالنصف زائد واحد في جولة ثانية بحضور 65 نائباً، وهذه إشارة منه للقول إنه ليس بحاجة إلى جبران باسيل وكتلته، وكأنه يلمح إلى أن القوات اللبنانية سوف تقوم بتغطيته مسيحياً عبر تأمين حضور 86 نائباً اذا اعتمد مرشحاً، ولكنه لا يزال ينتظر الضوء الأخضر من الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية”.

وتشير المصادر الى “تصريح النائب علي حسن خليل الذي قال فيه إننا سوف نذهب الى انتخاب رئيس إذا إستطعنا تأمين 65 نائباً، ومرشحنا فرنجية، وهذا دليل على أن الثنائي يعمل على فرض مرشحه بالنصف زائد واحد وكأنه يقول إن فوز فرنجية سيكون بواسطة الأصوات المسلمة من دون غطاء الموارنة والكتلتين المسيحيتين الكبريين، مما يعني سقوط الميثاقية وهنا نجد تقارباً قواتياً مع التيار الوطني الحر على رفض فرنجية، على الرغم من أن الأخير لم يهاجم القوات من بكركي، وذلك لابقاء شعرة معاوية معلقة ولكن هجومه كان واضحاً على باسيل”.

وتتابع: “بالنسبة الى الاتصالات التي يجريها الحزب التقدمي الاشتراكي ولقاءات رئيسه وليد جنبلاط الذي استقبل وفداً من حزب الله وبحث معه في الوضع الرئاسي، فقد طرح جنبلاط حسبما سرّب ثلاثة أسماء وأعلن أنه لن يقبل ترشيح فرنجية نتيجة الخلاف الداخلي حوله، ومن بين الأسماء التي طرحها قائد الجيش جوزيف عون وجهاد أزعور وصلاح حنين. حزب الله أخذ المعلومة وتوقف عند اسم قائد الجيش، معتبراً أن انتخابه يتطلب تعديلات دستورية، فكان جواب جنبلاط اذا أقرينا الاسم تحل المشكلة القانونية”.

اما بالنسبة الى موقف رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، فتصفه المصادر بـــ”الهجوم الكاسح” على ترشيح قائد الجيش، “إذ قال إننا أصبحنا وحدنا ونحن من نريد أن نقدم للرئيس المقبل الصورة التي يجب أن نتوافق عليها، نحن وحزب الله متفقون على المقاومة ولكننا مختلفون على طريقة إدارة البلد، والواضح أنه على الرغم من اللقاء الذي حصل بين حزب الله وباسيل الا أن طريق الوفاق غير معبدة، ولعله بات مطلوباً الآن من المعارضة طرح اسم متوافق عليه وتقديم برنامجه الانتخابي، والذهاب بالتصويت لمرشح مقابل مرشح”.

وترى المصادر أن “حزب الله لن يفرج عن إسم مرشحه لأن بورصة الأسماء ستبقى متحركة، وبالتالي لن يكون مرشحه قادراً على تأمين العدد المطلوب للفوز، لذلك هو في الشكل لا يتمسك بفرنجية عبر اعلانه أنه مرشحه للرئاسة، وفي المضمون هو متمسك بمرشحه وفي خطابات الأمين العام للحزب كان واضحاً في الدعوة الى التوافق على اسم مرشح يحمي البلد تحديداً مع تصاعد التطورات في الداخل الفلسطيني بين اسرائيل والفلسطينيين بعد تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو، وقصف المسيرات الاسرائيلية مراكز تصنيع عسكرية داخل ايران لا سيما المتعلقة بتزويد روسيا بالصواريخ والطائرات المسيرة الموجودة في أصفهان وطهران وأذربيجان الشرقية. اذاً الموضوع معقد وحزب الله يريد طرح الأسماء للذهاب على أساسها الى التسوية”.

في المقابل، تلفت المصادر نفسها الى الموقف الواضح للبطريرك الماروني بشارة الراعي “الذي بات يرى أن على النواب القيام بواجب انتخاب رئيس الجمهورية. وموقفه هو نوع من الدعم غير العلني لحركة النواب في الاعتصام بغض النظر عن طبيعتها الا أنها مؤشر على تحريك المياه الراكدة وطرح المشكلة على أساس فك أسر الرئاسة والاتفاق على مرشحين وتقديم برامجهم الانتخابية لتأمين انتخاب رئيس بالأكثرية وفقاً للعملية الديموقراطية”.

وتضيف: “هنا لا بد للرئيس نبيه بري من فك أسر الرئاسة والتحول الى عقد جلسات نيابية مفتوحة حتى انتخاب الرئيس، والبيان الذي نشرته هيئة التواصل والاعلام في القوات اللبنانية أشارت فيه الى أن خطاب رئيس الحزب سمير جعجع ولقائه الأخير لم يكن يتكلم فيه عن الفديرالية وعن الشعبوية المسيحية التي اتهمهم بها الرئيس بري بل كانوا يقولون إن الكرة في ملعب بري والمجلس ليس دكاناً له يفتحه ويغلقه حسب مزاجه، ومن هنا حصلت الدعوة السريعة الى الاعتصامات ودعمها من كتلة الجمهورية القوية، والتأكيد على أهمية انتخاب رئيس لا يتم فرضه بواسطة انقلابات سود كما حصل في القضاء ولا بالفلتان الأمني في الشارع. وبات واضحا أن كل القوى السياسية مقتنعة بأن عودة المياه الى مجاريها هي بانتخاب رئيس للجمهورية”.

وتعلق المصادر على مواقف كتلة نواب التغيير بالقول: “قد تكون إتخذت مواقف عشوائية في السابق، وبغض النظر كيف يمكن تسمية الاعتصام لكن من الملاحظ أنه بدأ يتطور ايجابياً وتتلاقى عنده القوى التي تريد تحريك ملف الرئاسة”.

وتعتبر أن “دعوة نصر الله في خطابه الأخير السعودية الى مساعدة لبنان هي اتهام موارب لها ولدول الخليج بأنها وراء الأزمة في لبنان لتبرير نفسه أمام جمهوره، لا سيما بعد جولة وزير الخارجية الايراني والتباهي بأنه سيقدم مساعدات الى لبنان ولكنه ذهب الى سوريا وسقط تباهيه عندما قال وزير النفط الايراني للسوريين: اذا أردتم الحصول على النفط فيجب أن تدفعوا على سعر السوق السوداء. اذاً، نصر الله ليس في وارد فتح صفحة جديدة مع السعودية بل يريد تحميلها مسؤولية الأزمة اللبنانية والانهيارات أمام الشعب اللبناني وأنصاره، لكن السعودية واضحة في موقفها في عدم تقديم أي مساعدة لرئيس يعينه حزب الله وحكومة تعمل بأمرته، ولن تدفع المال ليقدم الى فاسدين أو يهرّب الى ايران وغيرها. وتقول نحن نقدم المساعدات اذا كان هناك استقرار ورئيس لا ينفذ تعليمات حزب الله، وهي ستعود الى لبنان ليس من باب اعطاء المساعدات وانما من باب الشراكات الاستثمارية”.

شارك المقال