لقمان سليم الحاضر في غيابه… “ولو سقطت السماوات”

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

سنتان مرتا على اغتيال الأديب والناشر وقائد الرأي لقمان سليم، وهي صفات دالة على أن من اغتالته أيدي الشر المعروفة لا المجهولة لم يمت ولم تستطع طلقات الغدر أن تميته، فهو حي في مشاريعه وكتبه ومؤلفاته ومستمر في المشاكسة وقول ما يجب أن يقال بجرأة، وبصفر خوف.

“العدالة ولو سقطت السّماوات”، هو شعار الذكرى السنويّة الثانية لاغتيال لقمان، وفق ما جاء في بيان حمل تفاصيل احياء المناسبة بنشاطات متنوعة تنطلق من دارة آل سليم يوم الجمعة في 3 شباط الجاري وتستمر على مدى ثلاثة أيام متواصلة.

وفي الدعوة الى المشاركة في هذه النشاطات تأكيد على المؤكد الذي لطالما أشار إليه لُقمان قُبيلَ اغتياله، “ألا وهو سيادة الباطل والترهيب الذي بلغ في هذا البلد حدّ اتهام الضحية وإفلات سراح القتلة، في قلبٍ غيرِ مسبوقٍ لموازين القضاء”.

في إحياء الذكرى السنوية الثانية يُستحضر إرث لقمان المؤسّساتي وتُوزَّع الجائزة التي تحمل اسمه، وتستكمل بحواراتٍ ونقاشاتٍ راهنة وملحّة لم يتسنَّ للُقمان أن يَستفيضَ فيها، وذلك تحت سقفِ خيمةٍ تَحملُ اسمَه، تنصب على مقربةٍ من المرفأ.

واستذكاراً لا يمكن الا الاشارة إلى ما قالته لي مديرة “دار الجديد” رشا الأمير شقيقة لقمان سليم “لا يستطيعون أخذ لقمان وحق العدالة منا. وما لائحة النشاطات الا دليلاً على حضور لقمان وأن الرصاصات الجبانة لم تخفِ صوته، فهو لا يزال صادحاً في البحث عن الحرية والعدالة والمحاسبة والثورة على الفساد والقتل وحماية الديكتاتوريات”.

روت رشا لي ما قاله لها الشاعر محمود درويش مرة في باريس “لا نستطيع الانتصار عليهم إلا بأخلاقنا”، وهذا ما يتأكد أكثر مرة بعد أخرى في القدرة على إبقاء القضايا العادلة حية “لن ينتصروا علينا، هم مهزومون وسفهاء وقتلة ولو لم يشعروا بالضعف لما اغتالوا وألصقوا التهم بإسرائيل أو أميركا، هم كذبوا وأرادوا اللعب ونحن لم نجلس ونضرب كفاً بكف بل أبقينا كلمات لقمان حية. هم لم يستطيعوا قتله وقتلنا معنوياً، نحن ندرك أنه لا يمكن لنا قتل العدو الا بالمواجهة الفكرية، وبتكملة مشروع لقمان الثقافي الكبير”.

لا تنسى رشا التذكير بأن “دماء لقمان لم تكن الدماء الوحيدة التي سالت على أرض لبنان، هناك دماء كثيرة سالت بسبب القتلة في سوريا والعراق هم أيضاً يدفعون الدماء، وذات يوم لا بد من أن نتصالح مع كل هذه الدماء. أنا مع دم رفيق الحريري ودم لقمان ودم الذين اغتيلوا برصاصة أو إنفجار ومع الدم الآخر دم الجاني، الآن هناك ضغط علينا في هذا البلد. لكن نحن في مؤسسة لقمان سليم سوف نهتم بهذا الدم، فعلى أساسه نريد أن يتكون لبنان جديد”.

وتسخر رشا من تهم العمالة لاسرائيل التي وجهت الى لقمان وغيره، متسائلة “هل هم مع فلسطين ونحن لسنا معها؟ نحن مع الحلول العادلة للشعب الفلسطيني، نحن مع العدالة لأرواح شهداء مرفأ بيروت، هم يحاولون طمس الحقائق لأنهم يعرفون من هو المجرم. نحن مع الضحية ولسنا مع الجلاد، هم يقفون مع الجلاد لأنهم بلا أخلاق ويتاجرون بالأخلاق وبفلسطين وبدم الشهداء ويعقدون الصفقات على حسابهم حتى مع ما يسمى العالم الحر فليخجلوا، اما نحن فلا نتاجر بقضايا الانسان والحرية والعدالة”.

تتذكر غالية ضاهر ماذا علمها لقمان سليم، فهي الموظفة الأولى في “أمم” مشروع لقمان الثقافي، تقول: “تعلمت منه الكتير من الأمور على الصعيدين العملي والانساني، تعلمت التعامل مع الوثائق وكيفية قراءتها بين السطور واستخراج معلومات قد تكون غير معلنة في هذه الوثيقة. عرفت كم هو مهم وضروري الحفاظ على كل وثيقة وأي (مُنتج) سواء فني، ثقافي، أو ورقي سواء كان كتاباً أو مطبوعة أو حتى منشوراً يحمل ذاكرة من تاريخ لبنان. اما على الصعيد الانساني فتعلمت منه أن أكون مواطنة تحمل مواطنيتها على محمل الجد”. وتعتبر أن “مشوار العدالة طويل جداً ويحتاج الى الصبر. وهذا أيضاً تعلمته من لقمان. لا يجب فقدان الأمل، فإذا فقدناه تموت القضية، لأن أي قضية محقة تبقى حية عن طريق إستمرار المطالبة بتحقيق العدالة لها، وأنا لدي ايمان كامل بأنه مهما طال الزمن العدل للقمان سوف يتحقق”.

اما عباس هدلا كبير الباحثين في “أمم” فيوضح: “بدأت العمل مع لقمان سليم في نيسان ٢٠٠٥، تحت عنوان أرشفة وتنظيم خزانة (مكتبة) أمم، وتطور العمل الى العمل البحثي وحفظ الذاكرة اللبنانية، إن ذاكرة الحرب بمختلف شجونها وشؤونها وإن الذاكرة اللبنانية عموماً، كما كان للمفاهيم الوطنية والعلمانية دورها في توطد العلاقة والعمل من خلال مشروع (هيا بنا) الهادف الى العمل على خلق إطار وطني مدني علماني يعمل على الخروج من التقوقعات الطائفية والتوجه نحو الدولة المدنية الجامعة لكل اللبنانيين يسودها القانون والمساواة وتحقق العدالة للجميع”.

ويضيف: “سار لقمان سليم وسرنا معه في الأهداف والمشاريع الانسانية، حفظ الذاكرة اللبنانية والتوجه نحو الدولة المدنية العادلة في مواجهة التطرف والارهاب طيلة ١٧ عاماً لم يكل خلالها أو يحبط، بل كان دائم الاقتناع بما له من أفكار يناضل في سبيلها ولو بقي وحيداً”.

ويشير الى “أننا عملنا ضمن اطار مؤسسات لقمان سليم منذ العام ٢٠٠٥، على حفظ الذاكرة والعمل على تحقيق العدالة من خلال ابقاء القضايا حاضرة للحفاظ على حق الضحية في المساءلة وصولاً الى الحقيقة، فكان مشروع (ولم يعودوا) عن المخطوفين والمفقودين خلال الحرب الأهلية اللبنانية عام ٢٠٠٨، ومن ثم (هواة الظلام) عام ٢٠١٢ الذين جسدوا حقوق أهاليهم في الحفاظ على استمرار قضاياهم في سبيل الوصول الى الحقيقة والعدالة ومن ثم المصارحة ومن بعدها يمكن التسامح والتصارح”.

وأخيرا ما ورد في الدعوة الى الملاقاة في دارة محسن سليم وفي خيمة لقمان هو وفقاً للبرنامج التالي:

3 شباط: في حديقة لُقمان، دارة محسن سليم، الغبيري من الساعة الثالثة: كلمات لرشا الأمير وسلمى مرشاق سليم، ثم تسليم جوائز لقمان سليم، فكلمة لمونيكا بورغمان سليم وكلمة الرسميّين. بعدها تفتح الدارة لزيارة مؤسّسات لقمان: “دار الجديد”، “أمم للتوثيق والأبحاث” والهنغار.

اما في الساعة السابعة مساء وفي خيمة لقمان، مقابل قبضة الثورة، منطقة المدوّر، مرفأ بيروت، فتعقد ندوة بعنوان “الحياد خياراً استراتيجيّاً للبنان”، يشارك فيها: غسان عيّاش، لينا التنير، ابراهيم شمس الدين، ألبير كوستنيان، ويديرها زياد الصايغ.

يوم السبت 4 شباط وفي الساعة السابعة في خيمة لقمان، لقاء مع أهالي ضحايا انفجار المرفأ وندوة بعنوان “العدالة وإنهاء الإفلات من العقاب”، يشارك فيها موسى خوري، رياض قبيسي، وليَم نون، آية مجذوب وفراس أبي يونس، وتديرها ديما صادق.

يوم الأحد 5 شباط، وفي خيمة لقمان، ندوة عند الساعة الرابعة بعنوان “لبنان في عين العاصفة”، يتحدث فيها: منى فيّاض، روني شطح، سامي نادر، مصطفى علّوش وتيما رضا، ويديرها زياد عبد الصمد.

يليها في الساعة السادسة الاعلان عن “ائتلاف الديموقراطيين اللبنانيين” وجلسة نقاش ثم جلسة وديّة يرافقها حفل موسيقي.

 

 

 

شارك المقال