لبنان تحت الضغط…

حسناء بو حرفوش

في ظل غياب حكومة تحمي البلاد من موجات التسونامي الاقتصادية وترددات الزلازل الاجتماعية والمذنبات الحياتية، تطفو إلى السطح مشاكل “لا عالبال ولا عالخاطر” أقلها يهدد بأحسن الأحوال بجلطة دماغية أو بانهيار تام للجسد على شاكلة انهيار اعضاء البلاد الواحد تلو الآخر.

المشكلة هي الضغط.. في الريتوريكا، تتجمع في البلاد كل الأسباب لرفع ضغط كل مواطن.. تختفي أدنى المستلزمات الحياتية. لا القهوة تشبه طعم القهوة ولا الشاي بمتناول الجميع ولا حتى أي مصدر كافيين يعطي بعض الطاقة للمواطن الذي يستعد لجولة الطوابير. وفي مقلب آخر، جرس إنذار يدق إذا ما تغوّط طفل صغير في حفاض أغلاه أكثره خطأً لجلده، وثمنه أكثر حرقاً لجيب والديه، واختفاؤه أكثر إيلاماً بعد.

إن سردنا المشاكل ستطول اللائحة وتطول.. كل ما يتسبب برفع الضغط أو خفضه حد الإغماء هرباً من واقع سوريالي.

والأكثر رعباً في سيرة الضغط.. ماذا يفعل مرضى الضغط؟ قد يصل ضغط احدهم إلى ٢٢ من دون أن يستطيع أحد إسعافه بحبة دواء. ولا يدري حقاً إن انهارت صحته بسبب التفكير الثقيل أو بسبب مضي أيام بلا قدرة على الالتزام بمواعيد الدواء.

بالأمس، في بيروت الجميلة… في حي مظلم من مبنى بطوابق ثماني، استيقظ جميع المرضى بالوضع الحالي على أصوات ابنة مريض ضغط. وصل فريق الإسعاف مقطوع الأنفاس ليجد رجلاً مرمياً على السلالم.. يريد بعض الهواء والمنازل مخنوقة بلا كهرباء في حر شديد واجتياح لبعوض خسيس. ارتمى الرجل بين ضغط الحياة وضغط الجسد. التمّ الجيران وأدركته صديقة وجارة بحبة من دوائها الذي اكتنزه لها حفيدها بعد بحث جغرافي حثيث. ما زالت الدنيا بخير طالما بقيت النخوة.. لكن ماذا إن استمر الحال وبتنا في سيناريو السفينة الغارقة مع عدد محدود من سترات النجاة.. ماذا إن وصل بنا الحال حد التمسك بربع حبة دواء خوفاً من الموت مجاناً؟ الضغط الحياتي كبير.. والضغط السياسي مميت!

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً