طرابلس “الخاصرة الرخوة”… لعبة لاستحضار “العفاريت” الارهابية!

إسراء ديب
إسراء ديب

من يُتابع الأخبار المرتبطة بمدينة طرابلس في الفترة الأخيرة، يُدرك تماماً أنّ ثمّة ما يُحضّر لها ولأهلها قريباً خصوصاً على المستوى الأمني، وهذا ما تُؤكّده مراجع سياسية وحقوقية مختلفة باتت ترفع الصوت ببيانات تلفت إلى ضرورة التدخل للحدّ من الفلتان الذي يُنذر بفوضى أمنية قريبة.

وإذا كانت بعض المقالات أو التقارير التي تُنشر عن المدينة تدعو إلى اتخاذ الاجراءات اللازمة لفرض الاستقرار والهدوء فيها، إلا أنّ بعض المقالات الأخرى تتعمّد نشر معلومات يُشدّد المتابعون على أنّ مصدرها “أجهزة أمنية تكشف بعض أخبارها أو تفاصيلها لوسائل إعلامية وكأنّها تنشر إخباراً عمّا سيحدث في الأيّام أو الأشهر المقبلة”.

وقد تكون “شيطنة طرابلس” الطريقة الأسهل أمنياً وسياسياً كونها كانت وما زالت صندوق بريد للرسائل “المفخخة” والتي تُشير فعاليات سياسية في طرابلس إلى أنّ انفجارها سيكون قريباً جداً، إذ تتحدّث المعطيات عن انفجار أمنيّ قريب قد تشهده المدينة يُشبه إلى حدّ كبير حوادث كانت شهدتها منذ أعوام، كمحاولة اقتحام السراي أو حرق البلدية، وذلك ضمن خطة استراتيجية لإشعال نار الفتنة في البلاد من طرابلس، مع العلم أنّ زيارات الأمنيين إليها كانت تحمل في طيّاتها إشارة إلى التغطية الأمنية المستمرّة للمدينة كزيارة المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان أخيراً، وقبله قائد الجيش العماد جوزيف عون، إلا أنّ الوضع الأمني “الممسوك” وفق ما جاء في هاتين الزيارتين، لا يخلو من تجاوزات مختلفة قد يكون بعضها لم يحصل بعد، لكنّه بات ضمن خانة “التوقعات الأمنية” المرتقبة.

وفيما يتحدّث البعض عن انفجار أمني لا يستبعده أحد في هذه الظروف القاسية، ينتقد طرابلسيون “الأمن الاستباقي” الذي لم يُفرض إلّا على طرابلس، ويقول أحد المتابعين لـ “لبنان الكبير”: “لقد قهرت المدينة بالحديث عن هذا الأمن وما يُرافقه من خطط أمنية غير فاعلة، فهي لم تفرض إلّا على طرابلس التي تركوها للنشالين والسارقين في هذه الأزمة بلا أيّ تحرك، ولكن أن يقلق البعض من رصاصة طائشة من هنا أو سرقة من هناك، ليس كمن يقلق من سيناريو داعش المستمر، والذي تحدّثت عنه وسائل إعلامية لا أمنية أخيراً”.

من هنا، يعتبر المحامي محمد صبلوح أنّ “الأجهزة الأمنية تاجرت بالأمن الاستباقي محلّياً”، معرباً عن تخوفه من حدث أمني قريب في المدينة بعد قيام الوسائل الاعلامية بالتمهيد له. ويقول لـ “لبنان الكبير”: “في فترة انتشار فتح الاسلام، كانت قناة الجديد قد مهدت للحركة قبل 6 أشهر من تنفيذ خططها، ما يُشير إلى تسريب سابق للمعلومات الأمنية اليها، أمّا اليوم وبعد قيام جريدة الأخبار بالتحدّث عن استهداف لجبل محسن وغيرها من الأخبار الأمنية الخطيرة، فهي خطوة ترمز إلى أمرين: أوله فضيحة للأمن العام الذي تسرّب تفاصيل كهذه عنه، وهو لن يعترف بها حفاظاً على هيبة الأجهزة والتي كان تحدّث عنها أحد الرؤساء السابقين للمحكمة العسكرية. ثانيه اللعب على الوتر الطائفي في طرابلس يصبّ في مصلحة أجندات أمنية يعمل منفذها لتطبيقها على أرض الواقع وكان شاكر العبسي أحد وجوهها مثلاً… كذلك بعض الوسائل الاعلامية لتوجيه مجموعة من الاتهامات ضدّ الخاصرة الرخوة في لبنان أيّ طرابلس”.

وإذ يُشدّد على الوعي الكبير لدى أهالي المدينة لعدم الانجرار الى الفتنة، يُذكّر بأنّ التهويل الأمني يأتي دائماً لسبب، عبر التركيز “على المخطّطات الإرهابية الحاضرة دائماً بعفاريت داعشية مصدرها الغرف السود منذ أكثر من 15 عاماً، بدءاً من أحداث جبل محسن وباب التبانة، مروراً بفتح الاسلام وغيرها، وصولاً إلى داعش التي يستحضرونها كلّما استدعت الحاجة إليها، مع العلم أنّ الجرائم والحوادث التي حصلت وربطت بها بقيت من دون أجوبة، كتوجه شبان طرابلسيين إلى العراق، أو إلقاء القبض على الخلية الإرهابية، أو مقتل ابن جبل محسن محمود الخضر في التلّ… وغيرها من الملفات”.

ويربط صبلوح “استدعاء بعض القيادات الأمنية في جريمة المرفأ بعملية ارتفاع سعر صرف الدولار بطريقة جنونية وتوجه بعض الشبان حتّى من طرابلس إلى الشارع، معتبراً أنّهم يعملون بإيعاز من قيادات ترغب في تغطية فساد أو التعتيم على أيّ ملف، ليكون القضاء هنا ضحية تعمل تحت رحمة القيادات”.

وعن الملف الذي افتتحته جريدة “الأخبار” منذ أيّام بعنوان: الأمن العامّ يحبط مخطّطاً إرهابياً لـ”داعش”: تفجير مستشفى الرسول بِمُسَيَّرَة مفخّخة هجوم على كنيسة… وأهداف في جبل محسن، يرى صبلوح أنه “ملف مفبرك، فهذا الملف الذي لا يزال بين يدي قاضي التحقيق العسكري لا يُمكن أن يُسرّب عبر الاعلام، وإذا سرّب في هذا التوقيت الحساس، فهذا يُشير إلى مخالفة قانونية فاضحة، والشاب فاروق الذي أوقف بتهمة الإرهاب فيه، يبلغ من العمر 21 عاماً لكنّه بعقل 13 عاماً، أي أنّه غير سليم عقلياً وفق تقرير طبيبه، وبعد تعرّضه لصعقات كهربائية وضرب مبرح في السجن، قدّم أكثر من إفادة كلّ منها مغايرة للأخرى، معترفاً بأسماء مختلفة”.

ويُضيف: “5 سيّارات كانت أرعبت الناس في المنكوبين، وذلك لتلقي القبض على فاروق، ودخلت أيّاماً عدّة لتوقيف آخرين ما يُشير إلى الاستعراض الذي تتمسّك به الدّولة مع أبناء طرابلس لتُؤكّد أنّها موجودة وتعمل بنشاط ويقظة لإلقاء القبض على شبان بسبب أنشودة وجدت على هاتفهم لتزجّهم في السجون بتهمة الارهاب مباشرة”.

وعن الحديث الذي حصل بين فاروق وشخص آخر الكترونياً لاقناعه بأخذه إلى سوريا، يُؤكّد صبلوح أنّ “يوسف تابع للأجهزة الأمنية (وفق تجارب سابقة كانت لعبت الأجهزة فيها هذا الدّور، بدليل أنّه لا يتمّ إلقاء القبض على أيّ إرهابيّ استدرج شاباً)، وأنّ استدراج الشبان يُعدّ طريقة متبعة لزجهم في هذا الملف أيّ الارهاب الذي التصق بمدينة طرابلس كتهمة تعدّ بريئة منها”.

شارك المقال