لقاء باريس التشاوري… لتحريك الجمود لا لإجتراح الحلول

زياد سامي عيتاني

في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى اللقاء الخماسي الذي تستضيفه باريس الاثنين من أجل لبنان، بمشاركة ممثلين عن الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، في محاولة لتشجيع السياسيين اللبنانيين على إيجاد مخرج للأزمة التي يتخبّط فيها بلدهم، فإنّ مصادر مواكبة تحذر من مغبة الإفراط في التفاؤل أو التعويل على ما سينتهي إليه اللقاء، مستبعدة أن يفضي إلى إمكان التوصّل الى تسوية مقبولة محلياً وخارجياً، من شأنها الاسراع في إنتخاب رئيس للجمهورية.

وتؤكد المصادر أن اللقاء ليس أكثر من إجتماع تشاوري لتبادل الأفكار لطرحها ومناقشتها مع عواصم القرار، حول كيفية مساعدة اللبنانيين على إنتخاب رئيس للجمهورية مقبول لبنانياً وعربياً ودولياً، بإعتباره الممر الإلزامي لإنقاذ لبنان.

وما يعزّز هذا الاعتقاد، أنّ ممثلي دولهم في اللقاء هم من كبار موظفي وزارات خارجيتها، وليس القادة، مما يجعل قدراتهم التقريرية محدودة، وبالتالي لا يملكون إمكان الخروج بأيّ مبادرة من شأنها أن تسرّع ملء الشغور الرئاسي، تمهيداً للانتقال بلبنان إلى مرحلة جديدة.

لذلك، فإنّ اللقاء سيكون مناسبة للبحث في إمكان وضع مشروع تصوّر لتسويقه مع الدول ذات التأثير المباشر على الوضع اللبناني، بما فيها إيران، بهدف الدفع نحو تسوية سياسية، تشكّل خارطة طريق لإنقاذ لبنان من خلال إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة فاعلة، تكون قادرة على معالجة الانهيار الاقتصادي والمالي، وفقاً لشروط البنك الدولي، وصولاً إلى إعادة هيكلة أجهزة الدولة وإداراتها ومؤسساتها، وتحديثها وتطويرها، بعدما نخرها فساد الطبقة السياسية.

ومن المقرر أن لا يتطرّق اللقاء الى لعبة ترشيح أو تبني شخصية أو أكثر لرئاسة الجمهورية، بل سيكتفي بحض الأفرقاء على ضرورة الاسراع في التوافق على شخصية وسطية غير صدامية ولا إستفزازية، وبالتالي سيحدد المواصفات التي يُفترض أن يتمتع بها الرئيس العتيد، لطي صفحة التصدُّع الذي أصاب علاقات لبنان بالدول العربية والمجتمع الدولي، جراء تبني عهد ميشال عون توجهات “حزب الله” وتغطية تدخلاته في الشؤون الداخلية العربية، بحيث أنّ الدول العربية ومعها الدول الغربية، ليست على استعداد بأيّ شكل من الأشكال، ومهما بلغ لبنان من انهيار واحتضار، أن تساعده للخروج من أزمته الكارثية، ما لم يتغير النهج السابق، لأن المساعدة التي يمكن أن يتلقاها في حال إعادة إنتاج سلطة سياسية جديدة من صندوق النقد الدولي، لا تتيح له النهوض من أزماته، ما لم تكن للدول العربية، لا سيما الخليجية مساهمة بارزة فيها.

بناءً على كل ذلك، فإن ما سوف يصدر عن اللقاء الخماسي، ليس أكثر من مجموعة أفكار وتصورات، تحتاج إلى مروحة واسعة من الاتصالات مع الدول المعنية، لبلورتها وإنضاجها، حتى تتحول إلى خارطة طريق لمساعدة لبنان على الخروج من مأزقه الذي يهدّد ديمومته ومستقبله.

لذلك، من المتوقع أن تتولى كلّ من فرنسا وقطر تلك الاتصالات، خصوصاً وأنّ باريس وعلى الرغم من توتر علاقاتها في الآونة الأخيرة مع طهران، فانّها تراهن على تفاهم الحدّ الأدنى معها حول تسوية تقتصر على لبنان، مستفيدةً من إستمرار قنوات التواصل مفتوحة بينها وبين لبنان، في حين أن قطر التي لعبت دوراً أساسياً في مفاوضات ترسيم حدود لبنان “الغازية” مع العدو الاسرائيلي، مخوّلة أن تحاور طهران لإنضاج تفاهم ما معها، بخصوص الملف اللبناني، إنطلاقاً من روحية العناوين الأساسية التي سيتضمنها البيان الختامي للقاء الخماسي.

لكلّ هذه الأسباب يجب عدم المبالغة في التعويل على لقاء باريس المرتقب.

شارك المقال