“الخوذ البيضاء”: متطوعون يقودون عمليات الإنقاذ في مناطق المعارضة

لبنان الكبير
Members of the Syrian civil defence, known as the White Helmets, transport a casualty from the rubble of buildings in the village of Azmarin in Syria's rebel-held northwestern Idlib province at the border with Turkey following an earthquake, on February 7, 2023. (Photo by Omar HAJ KADOUR / AFP)

بعدما اكتسبت خبرة خلال سنوات الحرب الطويلة، تقود منظمة “الخوذ البيضاء”، الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة في شمال سوريا، عمليات الإنقاذ بلا كلل منذ الزلزال الذي ضرب البلاد ومركزه تركيا المجاورة.

 

– آلاف المتطوعين –

بدأ هؤلاء المتطوعون العمل في العام 2013 بعد تحوّل الاحتجاجات السلمية ضد السلطة الى نزاع مسلّح، تسبب حتى اليوم بمقتل قرابة نصف مليون سوري وبنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

ومنذ 2014، باتوا يُعرفون باسم “الخوذ البيضاء” نسبة الى الخوذ التي يضعونها على رؤوسهم.

وتعرّف العالم عليهم بعدما تصدّرت صورهم وسائل الاعلام وهم يبحثون بين الأنقاض عن أشخاص عالقين تحت ركام الأبنية أو يحملون أطفالا تغطيهم الدماء الى المشافي خلال المعارك والهجمات العسكرية التي طالت مناطق سيطرة الفصائل المعارضة.

وتلقى عدد منهم تدريبات في الخارج، قبل أن يعودوا الى سوريا لتدريب زملائهم على تقنيات البحث والانقاذ.

تضم المنظمة، الناشطة في مناطق سيطرة الفصائل في شمال وشمال غرب سوريا، حالياً 3300 متطوع، معظمهم من الرجال. لكن بينهم أيضاً نساء يشاركن في عمليات الانقاذ.

وخسرت منذ انطلاقة عملها 300 متطوع قتلوا خلال سنوات الحرب، أربعة منهم قتلوا خلال الزلزال، وفق ما أفاد محمّد الشبلي، أحد المتحدثين باسم المنظمة، وكالة فرانس برس.

 

– “أحيا الناس جميعاً” –

تلقت المنظمة خلال سنوات عملها تمويلاً من عدد من الحكومات بينها بريطانيا وهولندا والدنمارك والمانيا واليابان والولايات المتحدة.

كما تصلها تبرعات فردية لشراء المعدات والتجهيزات.

وأنقذ متطوعو الدفاع المدني منذ العام 2013، الآلاف من المدنيين من تحت ركام منازلهم التي دمّرتها الغارات أو من على خطوط التماس.

وتتخذ المنظمة شعاراً لها “ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا” المقتبسة من الآية القرآنية “منْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ، فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا”.

وتشدّد في الوقت ذاته على أن متطوعيها يخاطرون بحياتهم “لمساعدة أي شخص بحاجة للمساعدة بغض النظر عن انتمائه الديني أو السياسي”.

وأكد رئيس “الخوذ البيضاء” رائد صالح لوكالة فرانس برس في وقت سابق حيادية المنظمة. وقال “نحن مستقلون، حياديون وغير منحازين. لسنا مرتبطين بأي جهة سياسية او مجموعة مسلحة”.

 

– الاستجابة للزلزال –

منذ حدوث الزلزال فجر الإثنين، تنشر المنظمة متطوعيها في مناطق الشمال السوري خصوصاً تلك الحدودية مع تركيا. يعمل هؤلاء بلا توقّف وبما توفّر لديهم من معدات وبمؤازرة سكان يستخدمون المعاول وحتى الأواني المنزلية.

ولا تتوافر في المنطقة، التي تعتمد بشكل أساسي على المساعدات، إمكانيات للاستجابة السريعة لأضرار الزلزال، ما يؤخر عمليات البحث عن ناجين.

دمر الزلزال وفق حصيلة أولية أكثر من 400 مبنى بشكل كلي وأكثر من 1300 بشكل جزئي، كما تسبب بمقتل أكثر من 1400 شخص في مناطق سيطرة الفصائل من أصل أكثر من 2600 في سوريا، وفق آخر حصيلة غير نهائية.

وشاهد مراسلو فرانس برس خلال اليومين الأخيرين مئات المتطوعين يبحثون في محافظتي إدلب (شمال غرب) وحلب (شمال) عن ناجين تحت أنقاض أبنية انهارت كلياً أو جزئياً، ويسعفون الجرحى وينقلون حتى الموتى من المستشفيات إلى المقابر.

وتحفل مواقع التواصل الاجتماعي بصور ومقاطع فيديو توثق عمل المتطوعين بتفان. في شريط مصور، يحمل عناصر من الخوذ البيضاء فتاة صغيرة ويحيط بهم العشرات وهم يحتفلون بإخراجها حية من تحت الركام.

 

– انتقادات من النظام –

رغم جهودها، تعرضت المجموعة لانتقادات قاسية من النظام السوري وأنصاره الذين يتهمونها بأنها “أداة” في أيدي المانحين الدوليين والحكومات الداعمة للمعارضة السورية، وصولاً إلى القول إن مقاتلين وحتى جهاديين منضوون في صفوفها.

واتهم الرئيس بشار الأسد المنظمة بأنها جزء من تنظيم القاعدة.

لكن تمت الإشادة على المستوى الدولي بشجاعة عناصرها.

عام 2016، تمّ ترشيح المنظمة لنيل جائزة “نوبل” للسلام. وإن لم تحصل عليها فقد حصلت في العام ذاته على جائزة المنظمة السويدية الخاصة “رايت لايفليهود” السنوية لحقوق الانسان التي تعد بمثابة “نوبل بديلة”، وقد أشادت “بشجاعتهم الاستثنائية وتعاطفهم والتزامهم الانساني لانقاذ المدنيين من الدمار الذي تسببه الحرب”.

في شباط/فبراير 2017، نال فيلم وثائقي يتحدث عن عملهم وعرضته شبكة نتفلكس جائزة “الأوسكار” عن أفضل وثائقي قصير.

شارك المقال