“فاغنر” سكين بوتين القذرة

حسين زياد منصور

برز خلال الحرب الروسية – الأوكرانية، اسم مجموعة قتالية روسية، البعض سمّاها مرتزقة والبعض الآخر تنظيماً عسكرياً خاصاً، هي “مجموعة فاغنر”، التي كان لها دور مهم في أوكرانيا، حتى قبل العملية الروسية في 2021، بل في أحداث القرم ومناطق أخرى في العالم.

تصدرت هذه المجموعة التي أثارت الجدل، عناوين الأخبار أكثر فأكثر خلال العام الفائت، اذ قاتلت الى جانب الجيش الروسي في عدد من المناطق الأوكرانية، وأحياناً كانت “بديلاً” للجيش الروسي في عمليات خاصة، وقدمت أداء أفضل من مجندي الجيش الروسي الذين استدعوا على عجل للمشاركة في المعارك.

طباخ بوتين

يتزعم هذه المجموعة رجل أعمال يدعى يفغيني بريغوزين، الذي يلقب بـ”طباخ بوتين”، ويتمتع بنفوذ واسع جداً وتأثير كبير، على الرغم من أنه لا يمتلك أي منصب رسمي في المؤسسات الرسمية الروسية، وكان يسخر من إخفاقات أحد كبار الجنرالات الروس ألكسندر لابين في الحرب الأوكرانية وينتقدها، وعلى الرغم من أنه كان من الأصوات القليلة التي أعربت عن عدم الرضا عن أداء قيادة الجيش الروسي في الحرب الأوكرانية الا أنه من أشد الموالين للرئيس بوتين.

فرضت على بريغوزين، عقوبات من صندوق الخزينة الأميركية بعد اتهامات بشأن تورط الروس في التأثير على الانتخابات الأميركية وذلك باستهداف عدد من أصوله المالية وأعماله التجارية، اذ يمتلك شركات تموين ومطاعم توفر الطعام والشراب للمناسبات الرسمية في الكرملين.

نشاط المجموعة

في العام 2014 تأسست مجموعة فاغنر، وبدأ نشاطها في أوكرانيا، حيث قدمت الدعم والمساعدة للانفصاليين المدعومين من روسيا في السيطرة على شبه جزيرة القرم، واعادتها الى السلطة الروسية، ثم دعم القوات الانفصالية في اقليمي دونيتسك ولوغانسك في الأراضي الأوكرانية وإنشاء جمهوريتين منفصلتين.

بعد ذلك كانت لها أدوار في عدد من النزاعات حول العالم أشهرها خلال العملية الروسية – الأوكرانية، اذ تشير التقديرات الى أن عناصر “فاغنر” الذين يزيد عددهم في أوكرانيا عن 40 ألفاً يشكلون “رأس حربة” القوات الروسية، وكان لهم دور فاعل في المعارك التي خاضوها، وتزايد الاعتماد عليهم في المعارك الحاسمة خصوصاً على جبهات باخموت وسوليدار، حتى أنهم قادوا معارك من دون تواجد الجيش الروسي، اذ كلفوا بها بمعزل عن قيادة الجيش ووزارة الدفاع الروسية.

وبين الفترتين الأوكرانيتين (2014 -2021)، كان للمجموعة دور في أفريقيا وسوريا، فمنذ التدخل الروسي في الحرب السورية الدائرة منذ العام 2011، كان لها دور أيضاً فيها، فعلى سبيل المثال عناصرها كانت تحمي حقول النفط التي تسيطر عليها الحكومة السورية وتحرسها مقابل الحصول على نسبة من عائدات الحقل، والأمر نفسه في ليبيا، اذ قاتلت المجموعة إلى جانب الجنرال خليفة حفتر عندما حاول الاطاحة بالحكومة، في المقابل موّلها من الدخل الناتج عن صناعة النفط في البلاد.

وفي الموزمبيق التي تعاني من مشكلات وحرب أهلية، تلقت الحكومة الروسية اتهامات علنية بنشر مرتزقة روس للقيام بأعمال تخريبية، ثم الاستعانة بمجموعة “فاغنر” بعد فشل حضور العملاء الروس، نظراً الى البيئة وأحوال الطقس هناك، وتكتيكات “فاغنر” وخبراتها بحروب الشوارع والهجمات المباغتة والكمائن. وفي جمهورية أفريقيا الوسطى، تقف المجموعة إلى جانب الحكومة في مواجهة المسلحين الاسلاميين المتشددين.

وتتهم روسيا بنشر عناصر “فاغنر” في أفريقيا للسيطرة على الموارد الطبيعية والتأثير على الشؤون السياسية فيها لتثبيت حضورها، الى جانب توفير الدعم والأمن لشركات التعدين الروسية والشركات التي تعمل معها، وأن المجموعة تقدم خدماتها لكل من وزارة الخارجية ووزارة الدفاع الروسية، وكل مكان ترى روسيا أن مصالحها الاستراتيجية عرضة للتهديد، الى جانب الخدمات التي تقدمها في التدريب، وجمع المعلومات الاستخبارية، وتقديمات الخدمات الاستشارية.

كل هذا يؤكد فرضية أن المجموعة التي تعرف بتكتيكاتها وأساليبها الوحشية تشارك في الأعمال العسكرية في عدد من الدول التي تشهد صراعات داخلية، مقابل الوصول إلى الموارد الطبيعية فيها.

مخالفة للدستور الروسي

يرى خبراء أن الأسلحة التي تستخدمها “فاغنر” غير متوافرة في سوق الأسلحة، ويمكن الحصول عليها في حالة واحدة وهي من خلال اتصالات حكومية بمستوى عال جداً، وهو ما يؤكد على العلاقة المتينة والوثيقة مع الحكومة الروسية.

كما ينص الدستور الروسي على أن مسؤولية الأمن والدفاع عن البلاد تقع على عاتق الدولة دون غيرها، أي لا يجيز انشاء شركات عسكرية خاصة أو جيش مرتزقة، ويحظر أيضاً على المواطنين الروس العمل كمرتزقة، لكنه في المقابل يمنح الشركات التي تديرها الحكومة الروسية الحق بإنشاء قوات أمن مسلحة خاصة وامتلاكها.

وتجدر الاشارة الى أن العديد من الدول، وليست روسيا وحسب، تمتلك شركات عسكرية خاصة، تعمل داخلها وخارجها أمثال الولايات المتحدة ودول غربية أخرى.

شارك المقال