النظام السوري “ينهب” مساعدات المتضررين بالزلازل

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

خلفت الزلازل التي وقعت في تركيا وسوريا مأساة إنسانية كبيرة، لا سيما بالنسبة الى اللاجئين السوريين في تركيا ومناطق المعارضة في شمال غرب سوريا، اضافة الى مناطق النظام حيث يعاني المتضررون بصمت فهم لا يستطيعون الصراخ، إن لم تصل المساعدات التي يفترض أن تعينهم في ظل هذه الأحوال الطارئة، والتي يعلن عنها المجتمع الدولي وتسلم الى النظام، لكنها وفق متابعين تنهبها مؤسسات أهلية أسسها النظام وتباع “على عينك يا تاجر” في الأسواق السورية.

منذ أيام أصدرت “الشبكة السورية لحقوق الانسان” تقريراً سجلت فيه وفاة 6319 سورياً بسبب الزلزال الأول، بينهم 2157 قتلوا في المناطق خارج سيطرة النظام السوري، و321 في المناطق الخاضعة لسيطرته، و3841 لاجئاً في تركيا، داعية إلى فتح تحقيق في تأخر دخول المساعدات الأممية والدولية لأيام وتحمل المسؤولية في وفاة مزيد من السوريين.

أما الزلزالان الجديدان أمس، فتسببا بمقتل 6 أشخاص واصابة المئات نتيجة التدافع والهلع وانهيار بعض المباني المتصدعة من الزلزال الأول في تركيا، فيما أفيد في سوريا عن مقتل 5 أشخاص واصابة أكثر من 300 في طرطوس وحلب نتيجة التدافع والتوتر.

يشير تقرير لـ “الشبكة السورية لحقوق الانسان” الى أن منطقة شمال غرب سوريا كانت الأكثر تضرراً، اذ تعاني من اكتظاظ سكاني كبير بسبب أعداد المشردين قسرياً الذين هجروا من مناطق أخرى بسبب الانتهاكات التي مارسها النظام السوري بحقهم، ولم يتوقف القصف عن ملاحقتهم، وطال حتى مخيمات النزوح، لذلك كان وقع الزلزال أكبر وأكثر مأساوية، بحيث هناك دمار شبه كامل لبعض القرى والبلدات مثل حارم وجنديرس في شمال سوريا.

“لبنان الكبير” استوضح من مدير “الشبكة السورية لحقوق الانسان” فضل عبد الغني واقع المناطق السورية المتضررة من الزلزال وأحوال المشردين ووضع المساعدات، فقال: “ما يهم مؤسستنا في موضوع الزلزال هو أعداد الضحايا ورصد المتضررين والانتهاكات التي تحصل ضدهم. لقد أصدرنا تقريرنا قبل أيام وفيه اشارة الى توزع الضحايا في المناطق الثلاث التي ضربها الزلزال، بالطبع العدد زاد الآن مع الزلزال الجديد الذي وقع بالأمس، وطال تقريباً المناطق المتضررة السابقة نفسها، وسوف يكون هناك تحديث للأرقام وفقاً للمستجدات، ففي منطقة شمال غرب سوريا زاد العدد تقريباً 350، وفي المناطق التي يسيطر عليها النظام كان العدد أقل بكثير، وفي الحقيقة ان العدد الأكبر للضحايا السوريين كان في تركيا مركز الزلزال الأقوى، حيث تتواجد في مناطق أنطاكيا لا سيما في هاتاي وغازي عنتاب أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، لذا كان عدد القتلى منهم في تركيا أعلى من أعدادهم في مناطق المعارضة أو النظام”.

وأشار عبد الغني إلى أن “الزلزال خلف مشردين في مناطق المعارضة حوالي 75 ألفاً وفي مناطق النظام حوالي 5000 أو 6000 شخص، أما في تركيا فكان من الصعب معرفة المشردين لا سيما أن اختصاص مؤسستنا هو توثيق الانتهاكات داخل سوريا، حيث المشردون من ضحايا الزلزال في حالة من الفوضى نتيجة أن قسماً كبيراً منهم لا يملك أي مأوى ويحتاج الى خيم وهذا أمر أهم من الغذاء أو أي شيء آخر، هم بحاجة الى مأوى يحميهم من الصقيع والبرد القارس”.

ماذا عن المساعدات؟، لفت عبد الغني إلى أن “المساعدات في مناطق المعارضة تأخرت أربعة أيام، وكانت الأيام الأولى حاسمة في انقاذ أرواح موجودة تحت الأنقاض، وهذا التأخير تسبب بوفاة أعداد من المصابين. وقد أشرنا في تقريرنا الى هذه المسألة، وبعد أربعة أيام وصلت مساعدات وتحسن الوضع نحو الأفضل في مناطق المعارضة شمال غرب سوريا، ولكن لا بد من معرفة لماذا تأخرت المساعدات؟ ونحن طالبنا الأمم المتحدة بفتح تحقيق داخلي حول هذا الموضوع حتى نفهم الأسباب ويحاسب المسؤولون عن هذا التقصير الذي حدث. اما في مناطق النظام فالأمم المتحدة أطلقت نداء حتى تكون هناك استجابة لتمرير المساعدات الدولية الى المناطق السورية المنكوبة بالزلزال، لكن في الواقع ان كل المساعدات الدولية تسلمها النظام ولم تتدفق الى مناطق المعارضة. وضع المتضررين في مناطق النظام سيء أيضاً ولا تصله المساعدات الضرورية، لأن النظام لديه تاريخ طويل في سرقة المساعدات العربية والدولية، ولا يكترث بحال المتضررين والمصابين. هناك مساعدات تباع في الأسواق وهو أمر تم اثباته في تقارير متواترة وعديدة منذ العام 2014 وليس أمراً جديداً. النظام أسس منظمات واجهة للأجهزة الأمنية هدفها نهب المساعدات بحجة أنها مؤسسات انسانية مثل المؤسسة التي أنشاتها أسماء الأخرس زوجة بشار الأسد، وغيرها من المنظمات بما فيها الهلال الأحمر السوري، وهو منظمة محسوبة على النظام ومخترقة من الأجهزة الأمنية”.

وعن وضع السوريين داخل تركيا، وصف عبد الغني الوضع بأنه “صعب جداً”، متسائلاً: “ماذا سيفعلون بعدما دمرت منازلهم؟ هذا أمر معقد، لا سيما وأنهم لاجئون ووضعهم في الأصل هش”.

وأكد أن “منظمات الأمانة السورية للتنمية والهلال الاحمر والبستان وغيرها من المنظمات، تدخل في النظام الذي كوّنته الأجهزة الأمنية لصالح الحكم الموجود في سوريا من أجل نهب المساعدات، وأنشأ عشرات المنظمات صغيرة وكبيرة معروفة، وفرض على الأمم المتحدة التعامل معها فقط، أي تقديمها الى المؤسسات التي يسميها وفقاً للنظام الذي أسسه، وهذه المنظمات تتسلم المساعدات ثم تقوم بتوزيعها، ولكن كيف توزع؟ وهل وزعت؟ وفي أي مناطق؟ لا أحد يعرف، ولا أحد يسائلها، وبالتالي واضح أن هذه المساعدات تأخذها هذه المؤسسات لها وينهب ما بين 80 أو حتى 90 بالمئة منها، ومن هنا نوصي بأن لا تقدم المساعدات للنظام السوري”.

ما البديل في هذه الحالة لمساعدة المتضررين في مناطق النظام؟ شدد عبد الغني على أن “هؤلاء هم رهائن عند النظام الذي لا يكترث لا بالموالين ولا بالمعارضين ولا يوصل المساعدات، وفي مناطق خارج النظام يمكن أن تتحدث الناس اما في المناطق الخاضعة له فليس بإمكانها الكلام والنقد، واذا لم تصل المساعدات فلا أحد يفتح فمه أو يصرخ صرخته لأنه يعرف المصير الذي ينتظره من التعذيب والاعتقال والقتل، حتى الاعتراض ممنوع بالنسبة اليهم، ولكن المساعدات تسرق باسمهم والنظام ضخّم أعداد ضحايا الزلزال في مناطقه، ونحن ذكرنا في تقريرنا أن هناك حوالي 321 قتلوا في مناطق النظام بينما وزارة الصحة السورية قالت ان العدد هو 1400، وهذه الوازرة مصدر غير موثوق وهي واجهة، ونحن نسأل أين أسماء الذين توفوا نتيجة الزلزال؟ من المفترض الكشف عنهم”، معتبراً أن “تضخيم العدد هدفه سرقة المزيد من المساعدات، كما يعمل على تدمير أبنية في حلب وغيرها حتى يقول انها أصيبت في الزلزال، وهذه الأبنية هي في مناطق كان قد قصفها سابقاً وقسم منها تعرض لتدمير جزئي أو تصدع، هذه هي سياسة النظام”.

أضاف: “عمل المنظمة هو التوثيق وايصال صوت الضحايا وتقديم الاحصاءات ليتم التعويض عليهم واحصاء المشردين من المناطق التي ضربها الزلزال بالتفصيل. وحتى الذين ماتوا في تركيا وزعناهم على المناطق الأصل في سوريا حتى اذا كانت هناك لجان تعويض يمكن أن يبنى على هذا التقرير. دورنا هو توثيق الحقوق حتى لا تضيع ويجري التأكد مما اذا كان منزل فلان أو علان دمر بالزلزال فعلاً أم لا، وهل نهب منزله وماذا حدث له؟ انه قاعدة لحفظ حقوق المتضررين والمطالبة بحقوقهم”.

شارك المقال